• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : بحث للمنبر الحسيني - اختيار الأنبياء والقادة .
                          • الكاتب : الشيخ عبد الحافظ البغدادي .

بحث للمنبر الحسيني - اختيار الأنبياء والقادة

بسم الله الرحمن الرحيم
{ إن الله اصطفى آدم ونوحا وآل إبراهيم وآل عمران على العالمين ذرية بعضها من بعض والله سميع عليم}  ( ال عمران 32-33)
 
            الصفو : خلوص الشيْ من الشوائب , مثلا لو أخذنا حجرة من الأرض وليس في طينها مادة أخرى نقول هذه حجرة صافية , ويذهب البعض إلى إن الصفا عدم وجود نتوءات فيها , بعكس المروة .. { إن الصفا والمروة من شعائر الله } ... وحين يطلق الصفو على الاختيار .. يعني أن تختار أفضل الشيْ منه , والآية الكريمة جاءت لتعطي صورة عن العوائل والبيوت التي اختارها الله لقيادة البشرية ..
        حتما هناك حكمة في الاختيار من هذه البيوت , {لأنهم أكثر الناس استعدادا لتحمل مسؤولية الرسالة السماوية , وعندهم الاستعداد للدفاع عنها , وعدم استغلال الناس ماديا , أو التكبر عليهم بسبب تحملهم مسؤولية التبليغ } .. { إن الله يصطفي من الملائكة رسلا ومن الناس } .. جعلهم بمستوى جبرائيل وميكائيل وأمثالهم ..وزاد عليهم نبينا محمد {ص} ...
    ولو نظرنا إلى نوع من الاصطفاء للأنبياء  عليهم السلام , يخبر تعالى أنه اختار هذه البيوت على سائر أهل الأرض، فاصطفى { آدم} عليه السلام خلقه بيده , ونفخ فيه من روحه، وأسجد له ملائكته، وعلّمه أسماء كل شيء، وأسكنه الجنة، ثم أهبطه منها لما له في ذلك من الحكمة ....
            واصطفى { نوحاً} عليه السلام، وجعله أول رسول بعثه إلى أهل الأرض،وهو أول من حمل وظيفة الرسالة للأرض كلها من أولي العزم .. لما عبد الناس الأوثان وأشركوا باللّه ما لم ينزل به سلطاناً .. { فلبث فيهم ألف سنة إلا خمسين عاماً فأخذهم الطوفان وهم ظالمون}. وانتقم له لما طالت مدته بين ظهراني قومه يدعوهم إلى اللّه ليلاً ونهاراً، سراً وجهاراً فلم يزدهم ذلك إلا فراراً فدعا عليهم فأغرقهم اللّه عن آخرهم، لم ينج منهم إلا من اتبعه على دينه الذي بعثه اللّه به....  واصطفى { آل إبراهيم} ومنهم سيد البشر خاتم الأنبياء على الإطلاق محمد{ص} من أل عمران والمراد بعمران هو والد مريم بنت عمران أم عيسى بن مريم {ع} ، فعيسى من ذرية إبراهيم عليهما السلام...
                    النبي نوح عليه السلام : اسمه اسم أعجمي " اسمه فقط " ولكن اسمه ينصرف في فقه اللغة العربية , كونه ثلاثيا ساكن الوسط لم يضف إليه سبب آخر ، ذهب البعض أنه مشتق من النواح وهذا قول ضعيف .. لأن العجمة لا يدخل فيها الاشتقاق العربي إلا أن ادعى أنه مما اتفقت فيه لغة العرب ولغة العجم ، فيمكن ذلك . ويسمى آدم الثاني أبو البشر الثاني بعد ادم {ع}...
          هذه البيوت ذكر في كتابه الكريم امرأة .. وهي الوحيدة التي ذكرها القران بالاسم الكامل , لكونها ظاهرة لا تتكرر , أن تلد امرأة من دوم بعل .. ومعنى اسم مريم : هو اسم عبراني ، وقيل عربي جاء شاذا  حيث هناك أسماء عربية شاذة , كمدين ، ومرام  ومنال ، ومعناها  في العربية  معروف ومتعدد...
أسباب النزول  : كان اليهود دائما يحتجون  على العرب عامة , وعلى المسلمين خاصة ... يقول عبد الله بن عباس :.... قوله تعالى ( إن الله اصطفى آدم ونوحا وآل إبراهيم وآل عمران على العالمين ) سببها أن اليهود قالوا : نحن أبناء إبراهيم ، وإسحاق ، ويعقوب . ونحن على دينهم..!  فنزلت الآية .
  وقيل : في نصارى نجران لما غلوا في عيسى {ع}، وجعلوه ابن الله تعالى ، واتخذوه إلها ، نزلت ردا عليهم ، وإعلاما أن عيسى من ذرية البشر المتنقلين في الأطوار... وهي مستحيلة على الإله ، واستطرد من ذلك إلى ولادة أمه ، ثم إلى ولادته هو ، هذه الآيات لما قبلها . ...
                   هنا جاء سبب ذكر المصطفين الذين يجب أتباعهم ، فبدأ أولا بأولهم وجودا وأصلهم ، وثنى بنوح - عليه السلام - إذ هو آدم الأصغر ليس أحد على وجه الأرض إلا من نسله ، ثم أتى ثالثا بآل إبراهيم ، فاندرج فيهم رسول الله {ص} المأمور بأتباعه وطاعته ، وموسى {ع} ثم أتى رابعا بآل عمران ، فاندرج في آله مريم وعيسى {ع} ، ونص على آل إبراهيم لخصوصية اليهود بهم ، وعلى آل عمران لخصوصية النصارى بهم ، فذكر تعالى جعل هؤلاء صفوة أي : مختارين نقاوة . والمعنى أنه نقاهم من الكدر .
أول هذا الجنس الشريف ، وجعله خليفة في الأرض ، وأمر الملائكة لهم بالسجود ليبين امتيازهم على البشر , لذلك أراد بعض المنافقين أن يحطوا من كرامة الأنبياء عامة , والنبي محمد {ص} فقالوا انه غير معصوم إلا في التبليغ , وقال علماءهم " عصاي أفضل من محمد " {ص} رغم ما نزل فيه , بأنه خاتم النبيين , وانه سيد الأنبياء , وانه رفعه إلى السماء وصلى بجميع الأنبياء , وانه قسيم وشفيع الجنة يوم القيامة ...
    يضاف لها إن أهله وذويه وبنته وخالاته وعماته ..اشرف من جميع العوائل والعشائر العربية والأعجمية , وقد ذكر ذلك الإمام زين العابدين {ع} في خطبته في الشام " أنا ابن مكة ومنى , أنا ابن زمزم والصفا , أنا ابن من حمل الركن بأطراف الردى , أنا ابن من دنى فتدلى فكان قاب قوسين أو أدنى " الخ :  هذه الصفات لا يمتلكها غير أهل البيت {ع}  في الأرض كلها ..لذلك اختارهم الله قادة الأمة ...
  من هم آباء الأنبياء ..؟
       سيدنا  إبراهيم يعد أبو الأنبياء  عليهم السلام ..وهم  إسماعيل وإسحاق ويعقوب والأسباط . وقيل : المراد بآل إبراهيم نفسه فقط إبراهيم , وعمران هذا المضاف إليه : " آل " ، قيل هو : عمران بن ماثان من ولد سليمان بن داود ، وهو أبو مريم البتول ، أم عيسى - عليه السلام ،.... وفي قول آخر : هو عمران أبو موسى وهارون ، وهو عمران بن نصير.. هذا الرأي لمقاتل ..
       فعلى الأول آله عيسى ، قاله الحسن ، وعلى الثاني آله موسى وهارون ، قاله مقاتل . وقيل : المراد بآل عمران نفسه ، والظاهر في عمران أنه أبو مريم لقوله بعد ( إذ قالت امرأة عمران ) فذكر قصة مريم وابنها عيسى ، ونص على أن الله اصطفاها بقوله ( قالت الملائكة يا مريم إن الله اصطفاك ) فقوله : ( إذ قالت امرأة عمران ) فتكون مريم بنت زوجة عمران ...   ما معنى الآل ..؟ .الظاهر : أن الآل : من يئول إلى الشخص في قرابة أو مذهب ، ورد في تفسير مفردات القران أن الآل .. ( كل ظاهرة حلف أو قرابة تئل ) يعني تلمع بما لا يمكن إنكاره..نقول للحربة  اللامعة : " الحربة تئل " والسكين التي طرفيها حادة تسمى آل,يعني تئل ..
               يتبين ان لمعان هؤلاء النخبة بسبب المزايا التي جعلها الله تعالى فيهم  فاصطفاهم .. ذهب قاضي القضاة بالأندلس أبو الحكم ..يقول :  آدم ونوح إلهما ليس جميع الأبناء , بل تضمن الإشارة إلى المؤمنين من أتباعه من الأبناء وغيرهم .. إذن يمكن أن نطلق على الآل حسب رأي قاضي القضاة أبو الحكم الأندلسي هم المؤمنون ..أصبحوا آل بالأتباع ،...... فيكون المعنى أن الله اصطفى المؤمنين على الكافرين ، وخص هؤلاء بالذكر تشريفا لهم كونهم اتبعوا الأنبياء والأولياء ..
               هذا الرأي للأندلسي يحتاج إلى دليل من القران الكريم , أو من الحديث النبوي الشريف , لأننا لن نسمع يوما أن احتج صحابي بقوله , نحن آل رسول الله {ص}... نعم هناك رواية عن ابن عباس ، قال : المراد اصطفى دينهم على سائر الأديان ، واختاره الفراء . وقال التبريري : وهذا معناه مماثل لرأي الأول للأندلسي , باعتبار الذين امنوا كلهم اختارهم الله وأصبحوا آل للأنبياء ... بما فيهم آل محمد {ص} ..
    هناك شواهد تاريخية تسقط هذه النظرية , من أن جميع المؤمنين هم الآل ..
        هناك رأي رائع .... هو أن يكون القائد واضحاً تماماً في أن منطلق دعوته ... انه ينظر أن الحاكم الحقيقي للبشر لا يجوز أن يكون غير الله. وان الدنيا زائلة ....وأن خضوع البشر لغير سلطان الله شرك، وأن التغيير يتم عن طريق هؤلاء الأنبياء ... وهذه الأمثلة تبين إن الصحابة لا يمكن أن يكونوا من الآل..
والأمثلة كثيرة اختار لكم منها:  طالب المشركون من رسول الله {ص} أكثر من مرة أن يطرد المستضعفين من المسلمين حتى يجلسوا  إلى جواره , لأنه حين يدخل في المسجد يجتمع عليه المستضعفون وأهل الصفة لينالوا من نميره وبركته .. عن ابن مسعود قال : مر الملأ (أي السادة) من قريش على رسول الله {ص} وعنده صهيب وبلال وخباب وعمار –رضي الله عنهم– ونحوهم وناس من ضعفاء المسلمين فقالوا (أي الملأ مخاطبين رسول الله): أرضيت بهؤلاء من قومك؟ أفتحن نكون تبعاً لهؤلاء الذين منَّ الله عليهم؟ اطردهم عنك فإن طردتهم اتبعناك قال: فأنزل الله عز وجل:{ وَلَا تَطْرُدْ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ }.
     فهل يمكن أن نعتبر هؤلاء من الآل ...؟ .. وكيف اصطفاهم الله وهم بهذا الكبر على إخوانهم المؤمنين , أنا في الحقيقة ابحث من خلال الحديث والروايات , هل يمكن ان يكون هؤلاء قادة للأمة ..؟ ... وهي يمكن ان يحققوا رسالة الله في الأرض بهذه العقلية ...؟.
من هو القائد في الفكر الإسلامي في زماننا الحالي ...؟.
القيادة الإسلامية لها أبعاد وجوانب عديدة ترجع في البداية إلى بعدين أساسيّين  :
1 ـ القيادة الروحيّة المعنوية .
2 ـ القيادة الجسدية المادّية .
وتعني الأولى حكومة القائد الإسلامي على قلوب الناس وأرواحهم وعقولهم ، فيهديهم إلى العقائد السليمة الصحيحة ويسوقهم إلى الأخلاق الحميدة ويقودهم إلى مكارم الفضائل وتهذيب القلوب وتزكية النفوس .وفي الطائفة الجعفرية , لا يتم اختيار القائد عن طريق الشعب " الجمهور" كالانتخابات التي تجري في بلدان العالم .. لان القيادة الإسلامية اليوم تنقسم إلى قسمين :...
الأولى :.. الفقيه الجامع للأحكام الشرعية .. وهو الذي يكون مهيأ لاستنباط الاحكام الشرعية , ومعرفة الاحكام من خلال فهمه للرواية ...وعادة يتبع الناس رايه حسب قناعتهم ..
القسم الثاني : الولي الفقيه .. وهو منصب ديني وسياسي ..{ وظيفته الأساسية معرفة مصلحة الأمة في حياتها العملية والاجتماعية والسياسية }  . ولا يعتمد من يؤمن بولاية الفقيه , ان يكون تابعا له في الأحكام الشرعية , لان يمكن أن أكون تابعا لولاية الفقيه في الأحكام السياسية التي لا يتدخل بها المرجع الفقيه} ..
         كما انه ليس شرطا أن يكون الولي الفقيه " هو الأعلم " لان ولاية الفقيه لا تشترط الاعلمية ..مثلا الآن في إيران عدد من الفقهاء يرون أنهم اعلم من الولي الفقيه .. هذا له مسؤولية , وذاك ايظا له مسؤولية , ولكن كلاهما مسؤوليتهما شرعية ..
               وعادة ولاية الفقيه مسؤولة عن إدارة شؤون حياة الناس المعاشية وتمشية أوضاعهم الدنيوية وسيادة العدالة الاجتماعية ، وتتشعّب إلى القيادة السياسية والاقتصادية والثقافية والعسكرية وغير ذلک .
ومن الأسس الأوّلية في مفاهيم الإسلام ومعارفه أنّه (لا معاد من لا معاش له ) فلا بدّ للمسلم الواعي من مراعاة جوانب حياته المعنوية الأخروية  والمادّية معآ على حدٍّ  سواء ... (رَبَّنا آتِنا في الدُّنْيا حَسَنَةً وَفي الآخِرَةِ حَسَنَةً )..
        هذه عظمة الإسلام ,ذلك الدين  القيّم ..الشريعة السماوية السمحاء كما تأخذ بيد الإنسان في العبادات والروحانيات والأخلاق الفاضلة ، كذلک يأخذ بيده في الماديات والجسمانيات والملاذّ والشهوات من دون إفراط وتفريط بل خير الأمور أوسطها (وَجَعَلـْناكُمْ اُمَّةً وَسَطآ) ،
          والقائد الإسلامي إنّما عليه إدارة الناس بحزم وتدبير ناجح كما كان النبيّ الأكرم والأئمة الأطهار  :، وكما قال {ص}: «اُمرت بمداراة الناس »...  ومن ابرز خصائص القيادة في الفقه الشيعي , أن تكون بيد العالم الفقيه لا الجاهل السفيه ، لان  شرعيّته الفقيه مستمدة  من حكومة الله سبحانه ومن شرعيّة حكومة الأنبياء والأوصياء  :. فإنّ العلماء ورثة الأنبياء، وإنّهم أمناء الرسل وقادة الناس كما ورد في الأخبار.
ثقة الإسلام الكليني بسنده عن أبي عبد الله {ع} : قال : إنّ العلماء ورثة الأنبياء؛ وذاک أنّ الأنبياء، لم يورثوا درهمآ ولا دينارآ، وإنّما اُورثوا أحاديث من أحاديثهم ، فمن أخذ بشيء منها فقد أخذ حظآ وافرآ، فانظروا علمكم هذا , عمّن تأخذونه ؟ فإنّ فينا أهل البيت في كلّ خلقٍ عدولا ينفون عنه تحريف الغالين وانتحال المبطلين وتأويل الجاهلين .وقال :{ع}  العلماء اُمناء.والعلماء منار.
          قال أمير المؤمنين علي{ع}:  ألا أخبركم بالفقيه حقّ الفقيه ؟ من لم يقنّط الناس من رحمة الله، ولم يؤمنهم من عذاب الله، ولم يرخّص لهم في معاصي الله، ولم يترک القرآن رغبة عنه إلى غيره . ألا لا خير في علمٍ ليس فيه تفهّم ، ألا لا خير في قراءةٍ ليس فيها تدبّر، ألا لا خير في عبادةٍ ليس فيها تفكّر...
              أعطى الإمام عليه السلام لمن كان فقيهآ, الوظائف الأساسيّة للقائد الإسلامي ، فإنّ الفقيه القائد إنّما يهدف ويفكّر في سلامة المجتمع وصيانته من الانحراف والانحطاط والاعوجاج ، وكلّ همّه إنّما هو ترويج الدين الحنيف ونشر المعارف والفضائل ، فلا يرخّص الناس في أن يعصوا الله سبحانه ، وإنّما ينهج مناهج القرآن الكريم ويطبّق تعاليمه وأحكامه القدسية ، ولا يميل إلى القوانين الوضعيّة ، وإنّما يجعل الناس دائمآ بين الخوف والرجاء.
             فإذا صلح العالِم صلح العالَم ، وإنّ الناس على دين ملوكهم ، فمن يملک زمام أمرهم لو كان صالحآ فإنّه بلا ريب ينشر الصلاح في المجتمع ، وإذا كان القائد وقمّة الحكومة ورأس الشكل الهرمي للدولة من أهل الخير والإحسان ، فإنّه يؤثّر في صلاح وإصلاح الجهاز الحكومي في كلّ أبعاده . وإذا كان ربّ البيت في الدفّ ناقراّ، فشيمة أهل الدار كلّهم الرقص ....
       يقابل هذا انحراف الحكام  ... كيف ينحرف الحاكم ...؟؟؟؟؟.
هناك حالات عديدة تسبب انحراف الحكام حيث يبتعدون عن مدرسة الإسلام تماما .. فهم غير مؤهلين بالأساس لتحمل مسؤولية الحكم .. ومنها ..
أولا :  الوراثة كما كان خلفاء بني أمية والعباس وعثمان يصلون إلى الحكم من هذا الطريق , حيث يرث الولد والده في الحكم ... ومثل هذه الشرعية باقية إلى الآن في بعض بلاد المسلمين , الآن ترى الوراثة وعدم وجود العلمية ولا الأهلية للحاكم .. وتأتي الحزبية والطائفية  والقومية من هذا الباب ايظا....
             من القصص الغربية اللطيفة حول تبدل آراء القادة , صادف ان زار المارشال (دولافر) القائد الفرنسي المعروف، مدينة (متز) الفرنسية ..توافدت لزيارته جميع الطبقات من الناس في تلك المدينة ومن جملتها اليهود. لكن المارشال رفض اللقاء بهم وقال لسكرتيره : قل لهم: اذهبوا (ولّوا) هؤلاء هم الذين صلبوا مولانا المسيح{ع} فخرج السكرتير إليهم قائلاً: ليس للقائد فرصة المواجهة. مشغول جدوله جدا ..
فلمّا سمعوا اليهود هذا الكلام، قالوا: آسفين كثيراً، لأننا أردنا أن نقدّم لسيادته عشرة آلاف إفرنك. رجع السكرتير ـ بسرعة ـ إلى المارشال وأخبره بالموضوع...! فقال: إذن قل لهم: تفضّلوا، هؤلاء المساكين لا ذنب لهم، لأنهم عند ما صلبوا المسيح {ع} ما كانوا يعرفونه ولا يعرفون من هذا ! ...
كتب أحد الكتّاب المعارضين الروس: اتصل  ذات يوم جوزيف ستالين إلى بريا (رئيس الاستخبارات والأمن الداخلي): إني فقدت غليوني الخاص. وبعد أيام اتصل ستالين ثانية معه عبر الهاتف قائلا: يا رفيق (بريا) لا تضيعّ وقتك، عثرت على الغليون. ... اعتذر (بريا) من ستالين وقال له: آسف، أخبرتني متأخراً لأننّا القينا القبض على أربعمائة شخص بتهمة سرقة الغليون واعترف منهم مائة وثمانون شخص بالسرقة على أثر التعذيب، وقد أعدمناه جميعاً !!. هذا نوع من القادة .. يختلفون عن الأنبياء ...
*****الثاني  ـ الثورة حيث أن الذي يجمع السلاح والرجال كان يثور، فإذا استولى على المؤسسات الأمنية ومركز القيادة  كانت له الشرعية، وهذه الثورات تاتي بالمنحرفين والفاشلين  من غالب الحكام الوراثيين.... ومن الواضح، أن المؤهلات مفقدة فيهم , ولا سند لهم في الميراث في الحكم , لذلك تأسست دولتان في التاريخ الإسلامي عن هذا الطريق هما الأمويون والعباسيون .. والنتيجة معرفة ما حل بالأمة الإسلامية .
 في هذه الأجواء يظهر المنافقون والمتلونون , شعرا وكتاب وأدباء ..    بعد سقوط حاكم مصر مبارك , وظهور نجم وزير الدفاع السيسي ..نشرت  صحيفة الأخبار مقالا للكاتب أكرم السعدني بعنوان " السيسي والمتفلسفون " ,مدح فيه الفريق أول عبد الفتاح السيسي وزير الدفاع . اختتم السعدني مقاله بأبيات شعر قالها أحد الشعراء في الخليفة الحافظ قائلا " ما شئت لا ما شاءت الأقدار فاحكم فأنت الواحد القهار ...فكأنما   أنت النبي محمداً .....وكأنما أنصارك الأنصار ".   وقد دخلت هذه الحالة الى الفقه لدى المذاهب , فأصبح تعيين الخليفة والقائد من يغلب يكون إمام الأمة ...
        وتعقيبا على هذه النقطة .. المشرع الإسلامي يلمح إلى أن اختيار القائد يجب ان يخضع للعقل ، لمن له مؤهلات، ثم يعزل بمجرد أن فقد ولو مؤهلاً من تلك المؤهلات ... لذلك دخلت بعض الثورات الإسلامية تحت هذه النقطة .. حين يفقد الخليفة المؤهلات يجب تبديله ..قال تعالى : (أمرهم شورى)
الأساس والعمدة أن يتولّى الأمر من كان عالمآ صالحآ، وفقيهآ ورعآ، ومديرآ مدبّرآ، عارفآ بأهل زمانه واقفآ على رموز الحياة والسياسات الدولية والعالمية والداخليّة ، يداري الناس بالتي هي أحسن ، ويفكّر في معادهم ومعاشهم ويقودهم إلى شاطئ السعادة والهناء والعيش الرغيد.....
عن سفيان بن خالد، قال : قال أبو عبد الله الإمام الصادق  {ع} إيّاک والرياسة ، فما طلبها أحد إلّا هلک . فقلت له : جعلت فداک ، قد هلكنا إذآ، ليس أحد منّا إلّا وهو يحبّ أن يذكر ويقصد ويؤخذ عنه ، فقال : ليس حيث تذهب إليه ، إنّما ذلک أن تنصب رجلا دون الحجّة فتصدّقه في كلّ ما قال وتدعو الناس إلى قوله .
 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
اذن من يستحق ان يكون بمنصب الرئاسة ..؟؟ : في الروايات مواصفات الرئيس الصالح والناجح ، كقول أمير المؤمنين علي {ع} : آلة الرياسة سعة الصدر، كقوله الم نشرح لك صدرك ... وهي ان يكون حكيما عالما بمطالب وحاجات الناس ,ثانيا ...له المقدرة على الصبر لتلبية احتياجاتهم .. يعني لو أجاد في مسؤوليته , ساد على الناس وأصبح أميرا على قلوبهم ...ثالثا : من كثر ماله رأس الناس ،على ان يبذل لهم ومن بذل معروفه استحقّ الرئاسة ، ـــــــــــــــــ أما آفة الرياسة الفخر ... انه يفخر بنفسه ونسبه وعشيرته على الناس , وانه هو الذي جلب لهم الخير ....ويقول الصادق {ع} : طلبت الرياسة فوجدتها في النصيحة لعباد الله....   وأمّا في الإمامة ، يقول الصادق {ع} : إنّ أئمتكم قادتكم إلى الله، فانظروا بمن تقتدون في دينكم وصلاتكم .. إنّ أئمتكم وفدكم إلى الله، فانظروا من توفدون في دينكم وصلاتكم ...
وقف علي {ع} يوما وخاطب الناس في منبر الكوفة :"  أيها الناس  لم تكن بيعتكم إيّاي فلتة ، وليس أمري وأمركم واحدآ، إنّي أريدكم لله، وأنتم تريدونني لأنفسكم ، أيّها الناس ، أعينوني على أنفسكم ، وأيم الله لأنصفنّ المظلوم من ظالمه ، ولأقودنّ الظالم بخزامته حتّى أورده منهل الحقّ وإن كان كارهآ.......
      هذه أجمل لوحة إنسانية  لمضمون الحاكم الإسلامي , أن يكون الحاكم  أفضل من جميع الناس علما وحلما وورعا وشرفا وشجاعا  وتاريخا ... فالحاكم حين يعرف الدين  بصورة صحيحة وأخذه من منابعه الأصليّة وتطبيقه في الحياة ، يصل الفرد والمجتمع إلى الحياة الطيّبة التي يسودها العدل والمحبّة والحرية ، بلا ظلم وفساد ومنكرات ، وهذا هو الغاية القصوى لحكومة الإسلام في الأرض ... وقد قالها صراحة ابو عبد الله الحسين {ع} " ما خرجت أشرا ولا ظالما ولا مفسدا "
   ***** لماذا يهتم الإسلام هذا الاهتمام بشخص الحاكم ...؟  الجواب .:
     لان  الناس على دين ملوكهم ، فإذا كان الملک صالحآ، فإنّه بلا شکّ يؤثّر في صلاح مملكته ، وصلاح الملوک برعايتهم الأخلاق الحميدة كمحاربة الفساد , ورفع الظلم عن الناس وعدم تمييز بعضهم على بعض , إضافة إلى التواضع وما شابه ذلک .يقول أمير المؤمنين {ع} : " لو رخّص الله في الكبر لأحدٍ من عباده لرخّص فيه لخاصّة أنبيائه وأوليائه ، ولكنّه سبحانه كرّه إليهم التكابر ورضي لهم التواضع ، فألصقوا بالأرض خدودهم ، وعفّروا في التراب وجوههم ، وخفضوا  أجنحتهم للمؤمنين ...
 
        عن عمرو بن شيبة، قال: كنت بمكة بين الصفا والمروة فرأيت رجلًا راكبًا بغلة وبين يديه غلمان وإذا هم يعنفون الناس ويدفعونهم لفتح الطريق للراكب على البغلة ... يقول تنحيت عنه حتى مر أمامي ... قال: ثم عدت بعد حين إلى العراق ، فدخلت بغداد، فكنت على الجسر، فإذا أنا برجل حاف حاسر طويل الشعر.أشعث اغبر ثيابه رثة ... فجعلت أنظر إليه وأتأمله، وصورته تدور في ذهني .. فقال لي: ما لك تنظر إليَّ؟ فقلت له: شبهتك برجل رأيته بمكة. ووصفت له الصفة، وكيف فعل غلمانه بالناس بين الصفا والمروة ..فقال : أنا ذلك الرجل. فقلت: ما فعل الله بك؟ فقال: إني ترفعت في موضع يتواضع فيه الناس ويطلبون الرحمة من القوي العزيز ، فوضعني الله حيث يترفَّع الناس أن يكونوا حفاة في مثل مكاني هذا ....
النقطة الثالثة :...  المساواة والتآخي بين  الناس والدعوة إلى وحدتهم ، فإنّ من أبرز دعوة الأنبياء والعلماء هو وحدة الشعوب، وبثّ روح التآخي والمودّة والمحبّة بينهم ، فإنّ الشيطان يلقي العداوة والبغض ، وكان عمل رسول الله {ص} هو الوحدة الوطنية حين آخى بين المهاجرين والأنصار, وبذلك أسس أول قاعدة لبناء الدولة في الوحدة الوطنية ..
سعى رسول الله{ص} منذ دخوله المدينة إلى تثبيت دعائم الدولة الجديدة، فكانت من أولى خطواته المباركة، المؤاخاة بين المهاجرين والأنصار، ليذيب عصبيات الجاهلية، ويسقط بها فوارق النسب واللون والوطن، وكانت من أقوى الدعائم في بناء الأمة ،وتأسيس المجتمع المسلم الجديد في المدينة المنورة، حتى يتآلف ويقوى، ويكون صفا واحدا أمام أعدائه.   وقد وضعت هذه الخطوة المسلمين امام مسؤولية تاريخية , وهي التعاون لبناء الدولة ..
           فقيام الأنبياء في ثورتهم الإصلاحية ، ونهضتهم المباركة ، لمقارعة الباطل ومحاربة الفساد وإنقاذ الأمة ، فكان الصراع المرير بين معسكري الحقّ والباطل ، والقائد الإسلامي إنّما هدفه هدف الأنبياء في محاربة الكفر والفساد والظلم والجور،...وهذا لم يكن هينا . كلفهم دماءً وأموالا وتعبا ..فقاموا بمسؤولياتهم الإلهيّة وقدّموا النفس والنفيس من أجل سعادة الإنسان وبلوغ كماله وخلافته لله في الأرض ...
****** رابعا :  بساطة العيش والزهد في الدنيا :  وهذه من أهم الصفات الحميدة ، لا سيّما زهدهم وإمساكهم عن الشهوات والملاذّ الدنيوية ,  مثلما يعيش الفقراء والمساكين .
   ولكن استعلاء الناس فيما بينهم سلط الله عليهم السلطان الظالم ...وهو على حدّ من الشرک بالله.....روى الإمام الباقر{ع}عن النبيّ  {ص} قال : لا تصلح الإمامة إلّا لرجل فيه ثلاث خصال : ورع يحجزه عن معاصي الله.....، وحلم يملک به غضبه ..... وحسن الولاية على من يلي ، حتّى يكون لهم كالوالد الرحيم ، وفي رواية أخرى : حتّى يكون للرعيّة كالأب الرحيم... .
 
           ****** لماذا لم يفقه المسلمون لسلطة أهل البيت وولايتهم ...؟..
هناك أسباب عديدة حالت إلى عدم وصول الأئمة المعصومين إلى السلطة الإلهية بعد النبي {ص} , لذلك  لم يفقه كثير من المسلمين منزلة أهل البيت{ع} لأسباب مختلفة هي :
1)        تجاهل الجبل الأول من المسلمين لمكانة أهل البيت عليهم السلام، الأمر الذي سهل عملية دفعهم عن قيادة الأمة، وصرفهم عن هدايتها . بطون قريش التي قاومت النبي {ص} وعادته طوال ال‍ 13 سنة التي قضاها في مكة قبل الهجرة، وحاربته طوال مدة  10  سنوات بعد الهجرة، ثم اضطرت مكرهة للدخول في الإسلام شكلت الأكثرية السياسية  في المجتمع المسلم.... وتنكرت  للاختيارات الإلهية التي أعلنها الرسول{ص}.
واعتقدت تلك البطون أن النبوة  تمخضت عن ملك عريض، لذلك طمعت بهذا الملك، وخططت لغصبه من أهله وأخذت تتحين الفرص لتنفيذ مخططها.وكان في طريقهم عقبات .. هي الترابط بين الكتاب والعترة ..فخططت للتفريق بين الكتاب المنزل وبيان النبي المرسل، وتيقنت من استحالة تنفيذ مخططها هذا في حالة بقاء هذا التكامل والترابط بين كتاب الله وبيان النبي لهذا الكتاب. لذلك كله قررت بطون قريش وصممت نهائيا.
على أن تفرق بين الله ورسوله، وبين كتاب الله وبيان النبي لهذا الكتاب، لتجمد عمليا كافة النصوص الشرعية التي أعلنها النبي{ص} المتعلقة بمنصب الولاية   من بعده ،  فقررت أن تتجاهل بالكامل هذه النصوص الصادرة عنه ، وتعتبرها غير موجودة، أو مجرد آراء شخصية للنبي {ص} ..
         كما قررت بطون قريش أن تهمل بالكامل أهل بيت النبوة أحد الثقلين، فاعتبروهم  مجرد أفراد لا ميزة لهم على أحد في مجتمع كل أفراده قد اعتنقوا الإسلام. وبدأت بطون قريش بتنفيذ قراراتها. بعد دقائق من انفضاض الاجتماع التاريخي في غدير خم .. فتم تأسيس الحزب القرشي لتنفيذ هذا الأمر وأبعاد أمير المؤمنين  وعمل الحزب على تنفيذ قراراته ...  
2) سياسة الترهيب المتبعة بعد وفاة النبي {ص}  لإخضاع الناس للحكومة المتسلطة . إن ما تراه الآن من هذا الحقد والكره يعود لنزعة أموية تناقلوها من جيل إلى جيل, لو راجعت تاريخ الأمويين وما فعله معاوية بالكذب على رسول الله {ص} وإعطائهم الجوائز والمناصب وما أصدره إلى عماله من الأمر بوضع الحديث في فضائل أعداء أهل البيت{ع} منع  رواية فضائل علي {ع} وقتل شيعته لحقد وحسد دفين متراكم في قلوب بني أمية على بني هاشم عموماً ورسوله الله (ص) وعلي وأهل بيته (ع) خصوصاً.
فنتج مما كرسه معاوية طبقة ممن يسمون أنفسهم بالمحدثين شربوا هذه النزعة حتى الثمالة, وأصبح لهم مكانة عند العامة..!  لان الناس على دين ملوكهم ولم يكن مسموحاً لغيرهم بالحديث مماشاة مع سياسة الدولة في قمع الرأي المعارض لها كما تفعل كل الدول الظالمة ...
            من هذا نشأت طبقه أهل الحديث والأثر المتمسكين بروايات القدر والتجسيم ومن ورائهم العامة والرعاع, وكان النصب والحقد الأموي سارياً في الكثير منهم إذ ربوا على هذا زمن الأمويين الى أن وصلت الحال الى أحمد بن حنبل الذي تصدر قائمة المحدثين في زمن المتوكل بعد أن نجى من فتنة خلق القرآن في زمن المأمون والمعتصم والواثق وأصبح بطلاً في نظر العوام فانضووا تحت لوائه وجمع كل شيع وطوائف أهل الحديث واصطفوا بصفة أتباع أحمد بن حنبل ....وبقت النزعة الأموية المعتملة في نفوسهم سارية إلى ان ظهرت بصورة علنية بعده في الفتن التي أحدثها الحنابلة في بغداد بعد النصف الثاني من القرن الرابع إلى نهاية القرن الخامس وأوائل السادس تقريباً ومراجعة بسيطة لتاريخ بغداد هذه الفترة يصيبك بالهلع من الظلم والوحشية وسفك الدماء التي كان يقوم بها الحنابلة ضد الشيعة.....
                ثم بعد سقوط بغداد ولد ابن تيمية في مدينة حران ذات النزعة الأموية الشديدة في بيت حنبلي المذهب يتدين بما عليه أسلافه وبذلك يسلك عوام الحنابلة في محاربة أهل البيت {ع} وظهر الحقد المسموم في قلم ابن تيمية على شيعة أهل البيت {ع} وما نشمه من نصبه لعلي(ع) وأولاده.
وأخذ رأس الوهابية أفكاره وعقائده من كتب ابن تيمية تحديدا ..والتقى الفكر الحنبلي بالفكر الوهابي ..سقيا من صلف الأعراب البدو في نجد التي تقود اكبر حملة في التاريخ حقد وكراهية للشيعة....
3) حملة الدعاية المغرضة التي شنت عليهم ، والتي وقف وراءها خبثاء العرب كالمغيرة بن شعبة ، وعمرو بن العاص وغيرهما ، يغذيهما معاوية بن أبي سفيان بالأموال ، لنشر المفتريات على أهل البيت{ع} وتصغير صورتهم التي منحها اله تعالى لهم , وتضخيم صور أناس ما كان التاريخ ليذكر لهم فضلا لولا دعايات هؤلاء.،مما غابت الصورة الناصعة للطاهرين من آل محمد{ع} من أذهان أكثر الناس ....
  إضافة إلى  ضياع الأحاديث الصحيحة بسبب أو بآخر كإحراق ما كتب منها أو محوه فهذا الخليفة الأول أبو بكر ابن أبي قحافة، قد أحرق 500 حديث كانت عنده ، وكذلك فعل الخليفة الثاني عمر، وما كتبه إلى عماله : من كان عنده شيء من حديث رسول الله {ص} فليمحه. ومات اغلب الرواة، أو الإعراض عن رواة معينين منهم، وتعمد إهمال الأحاديث وعدم جمعها ما زاد عن قرن ونيف من الزمن. .. هذا انتج جيلا حارب اهل البيت عليهم طيلة تلك الفترة ...
   والان لننظر الى ابي عبد الله {ع} وموقفه كقائد يقول : { انما خرجت لطلب الاصلاح في امة جدي } فهل طبق الحسين تلك الشعارات القيادية في عرصة كربلاء ..؟؟؟
1-  لا بد ان يكون القائد مؤمنا بالأهداف التي يرفعها : ليس مهما رفع الشعارات وإعلان الأهداف . ولكن الثبات على الهدف هو الذي يبين حقيقة الإنسان , هل هو وصولي منافق او صاحب مبدأ وعقيدة ... أن أبا ثمامة لما رأى الشمس يوم عاشوراء زالت وأن الحرب قائمة قال للحسين ( عليه السلام ) : يا أبا عبد الله، نفسي لنفسك الفداء ! إني أرى هؤلاء قد اقتربوا منك ، ولا والله لا تقتل حتى أقتل دونك إن شاء الله، وأحب أن ألقى الله ربي وقد صليت هذه الصلاة التي دنا وقتها : فرفع الحسين رأسه ثم قال : " ذكرت الصلاة ، جعلك الله من المصلين الذاكرين ، نعم ، هذا أول وقتها " : ثم قال : " سلوهم أن يكفوا عنا حتى نصلي " ، فسألوهم ، فقال الحصين بن تميم : إنها لا تقبل منكم ، فرد عليه حبيب اتزعم انها لا تقبل من الحسين وتقبل منك يا حمار ..؟   ثم إن أبا ثمامة قال للحسين ، وقد صلى : يا أبا عبد الله إني قد هممت أن ألحق بأصحابي ، وكرهت أن أتخلف وأراك وحيدا من أهلك قتيلا ، فقال له الحسين {ع}  " تقدم فإنا لاحقون بك عن ساعة " ، فتقدم فقاتل حتى  قتل قتله قيس بن عبد الله الصائدي ابن عم له ، كان له عدوا . وهو ابن عمومته ..
2- أن يكون أول من يقدم أهله ونفسه في سبيل المبدأ كما فعلها رسول الله {ص} يوم بدر واحد والخندق .. في كل صراع لا بد من وجود قائد ، يوجه ويخطط يأمر وينهي ..... هذه الممارسات القيادية لو كتب لها النجاح ولو بشكل نسبي فالنتائج ستنعكس على الجهة المنفذة سلبا أو إيجابا ، سواء كانت شعبا أو حكومةً أو أمم عديدة كما في قيادة الأنبياء عليهم السلام ، ولذا لم يرسل الله تعالى نبيا إلا وجعله أهلاً للقيادة {أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ } أي جعلناك أهلاً لقيادة الأمم .. وشرح الصدر هو توسعة العقلية والقدرة في العمل الجماعي بقيادة واعية .. يقول موسى{ع} لله تعالى حين كلفه بالنبوة والقيادة {قَالَ رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي }.....
بعض الصراعات تصقل قيادات من رحم الحدث ، بحيث يفرض القائد نفسه في وقت الصراع، لأنه يمتلك ملكة القيادة في التوجيه وسعة العقل وقوة الشخصية المؤثرة لإدارة الصراع ، وهذا يحتم عليه أن يكون قادرا على إدارة الصراع والسيطرة على التوجيه العام حتى لا تتبعثر مشاريعه الفكرية والإدارية ....تبقى مسالة رئيسية ومهمة وهي وجود قاعدة جماهيرية تستوعب تلك الأفكار وتترجمها إلى مشروع عمل ينفذ على الأرض ,حقيقة الأفكار التي ينادي بها ويسعى إلى تطبيقها على الناس ، مثلا يدعو إلى النزاهة وهولا يحمي المفسدين ، ويدعو إلى الحرية ولا يمارس الطغيان ، ويدعو إلى القانون وهو لا يخترق القانون..!! قصة الإمام علي {ع} وزينب حول والقلادة الذهبية ...
3- أن يكون قدوة في الممارسة يسع قلبه الكبير والصغير الغني والفقير ، لا يجامل ولا يحابي على الحق ولا يتنازل عن المبادئ التي يجاهد من اجلها ولا يعقد صفقات مع هذا وذاك من اجل البقاء في السلطة ،ولو كلفه حياته ولو لم يبق له الحق من صديق " يقول علي{ع} القوي عندي ضعيف حتى أأخذ منه الحق والضعيف عندي قوي حتى أأخذ له الحق" لذلك تستجيب الجماهير لمثل هذه القيادات الميدانية .
3- أن يكون بينه وبين الجماهير تواصل دائم ، لا يحجب نفسه عنهم لأنهم يتركوه ولا يلتفتون لأقواله ، مد الجسور بين القائد ومجموعته مهمة سهلة على القائد الحقيقي وصعبة على القائد الطارئ على الساحة ، ولنا في قصة مسلم بن عوسجة عبرة حين يوصي حبيب بن مظاهر بالحسين{ع} وهو يلاقي الموت ، أو واضح الطفل التركي الذي فتح عينيه وجد الحسين القائد واضعا خده على خده ابتسم وافتخر" من مثلي وابن رسول الله واضع خده على خدي "!! وبالمقابل هناك قادة تركهم جندهم لمصير اسود في جحور الأرض أو أنابيب المياه القذرة ..   ومن النساء ام وهب بن حباب الكلبي ...و ابن مُسلم بن عوسجة رحمة الله عليهما كما في كتاب فاجعة الطّف للسيد محمد كاظم القزويني.انه ابن مسلم بن عوسجه :حين نادى اصحاب ابن زياد  قد قتلنا مسلم بن عوسجة، فصاحت جارية له وا سيّداه، يابن عوسجتاه.
فلما سمع ابنه ذلك دخل عند إمّه وهو يبكي فقالت: ما يبكيك؟ قال: أريد الجهاد، فقامت أمّه وشدّت سيفاً في وسطه وقالت: أبرز يا بني فخرج وأراد حمل السيف  فلم يتمكّن، وجعل يسحبه على الأرض سحباً، فبصر به الحسين فقال: إن هذا الشاب قد قتل أبوه في المعركة وأخاف أمّه تكره برازه فقال الغلام: يا سيدي إنّ أمي ألبستني لامة حربي فبرزَ مرتجزاً:أميري حسين ونعم الأمير***سرور فؤاد البشير النذير..عليّ وفاطمة والداه***فهل تعلمون له من نظير ...له طلعة مثل شمس الضحى***له غرّةٌ مثل بدرٍ منير....
الحمد لله رب العالمين
12-5-2014




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=46041
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2014 / 05 / 15
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 03 / 29