• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : عظمة الإمام علي(ع) في ذكرى شهادته .
                          • الكاتب : جهاد هادي أبو صيبع .

عظمة الإمام علي(ع) في ذكرى شهادته

وهكذا تربع التاسع عشر من رمضان في صدر التأريخ من حيث تخشعت لذكراه صفحات التأريخ.. في هذا اليوم بالذات ضرب عبد الرحمن بن ملجم موعده مع البطولات.. جاء في شرح النهج.. ((اجتمع الإمام علي(ع) من صفات الكمال ومحمود الشمائل والخلال، وسناء الحسب وباذخ الشرف مع الفطرة النقية والنفس المرضية ما لم يتهيأ لغيره من افذاذ الرجال تحدّر من أكرم المناسب وانتمى الى أطيب الأعراق فأبوه ابو طالب عظيم المشيخه من قريش وجدهُ عبد المطلب أمير مكه وسيد البطحاء ثم هو قبل ذلك من هامات بني هاشم وأعيانهم)) كان الإمام علي(ع) أمه مستقلة بذاتها، تحكي عقيلة الدهر، وتعبر عن نضج الزمان، وتصور نهاية المراحل من سمو البشرية، وقمة المجد، فليس من الصحيح ان يقاس الامام بالافراد فهو نسيج وحدة، ومن الخطأ ان يقال عن الإمام علي انه كان أورعهم، واتقاهم، وانبلهم واسخاهم وانت تتعرض لسيرة العظماء والمزايا الانسانية، وانه قد سما بما جاء به من موازين، وما أعرب به من مزايا، وما عبر به عن صفات الإنسان الكامل العديم النظير، حتى صارت كلمة عليّ وحدها تكفي لترسم أمام العين كل الصور الجذابة من معاني الإنسانية، ولقد فاقت مزايا الإمام حدود التعداد وتحدتْ عوامل الزمن، ولقد استخدم الحاكمون ووعاظهم وسائل الترغيب والترهيب بمختلف صورها ووجهوها ضد الإمام وأولاده من بعده حتى ظلت هذه العداوة تماشي الزمن الى يومنا هذا بالرغم من تقدم العلوم واتساع الأذهان للمناقشة، ونبذ التعصب فلم يزل حتى اليوم من يكره الإمام ويسبه و يلعنه، ولقد مرّ اكثر من اربعة عشر قرنا على استشهاده، ومن اساليبهم في الترغيب والترهيب تفننوا في وضع القواعد الرصينه الثابتة والخطط التي تقضي على ذكر الإمام وذكر محامده ومزاياه، فتم لهم ان يقولوا عنه مالم يقل حتى في الاشرار والمجرمين، فقد جاء عن ابي جعفر(ع) ((ان معاوية وضع قوماً من الصحابة، وقوماً من التابعين على رواية اخبار قبيحة في عليّ(ع) تقتضي الطعن فيه، والبراءة منه وجعل لهم ذلك جُعلاً يرغب من مثله، فاختلفوا ما أرضاه)).
روى الزهري: ان عروة بن الزبير حدثه قال: حدثتني عائشة قالت: كنت عند رسول الله اذ أقبل العباس وعلي فقال يا عائشة ((ان هذين)) يشير الى العباس وعلي ـ يموتان علي غير ملتي، او قال على غير ديني شرح النهج، بن ابي الحديد ج1 ص358.
وروي ان معاوية بذل لسمره بن جندب مائة الف درهم حتى يروي ان الايه ((ومن الناس من يعجبك قوله في الحياة الدنيا ويشهد الله على ما في قلبه وهو الد الخصام واذا تولى سعى في الارض ليفسد فيها ويهلك الحرث والنسل والله لا يحب الفساد)) قد أنزلت في علي(ع) وان الآية الكريمة ((ومن الناس من يشري نفسه ابتغاء مرضاة الله)) قد نزلت في عبد الرحمن بن ملجم!!! فلم يقبل سمره بذلك فبذل له مائتي الف درهم فلم يقبل فبذل له اربعمائة الف درهم فقبل ((نفس المصدر)) انتبه يا أخي الى أي مدى بلغت هذه الدعاية واستمالة الناس بالمال والعطاء والمناصب تارة والإكراه والقوه والبطش تارة أخرى ـ بربّك هل هذه العقول التي تدعي الإسلام وهذّبها كتاب الله وسنة رسوله فالى ايّ مدى وصلت بهم هذه الجرأة والوقاحة على كتاب الله وسنة نبيه!
ان مثل هذه الوسائل من الترغيب والترهيب وهي بيد أعداء أقوياء وأذكياء واشداء قد أتوا من القدرة ما أوتوا ـ اذ لم تستطع أن تجتث اسم الشخص من الوجود فانها لتستطيع ان تجعله خيراً من الاخبار.
ولكن عظمة علي(ع) كانت كالشمس، هكذا وجدت وهكذا ستبقى اذا حجبها الضباب او السحاب او الغبار مرة فإنها لابد طالعة وان عظمة الامام تحدتْ أساليب الترغيب والترهيب بمعجزة لم يروي لنا التاريخ نظيرا لها وهذا مسلم بن عقبه احد صنائع يزيد بن معاوية وهو مخلوق مسمم الطبيعة في مسلاخ انسان كما وصفه العقاد وكان اعوراً امخرا، ثائر الرأس كأنما يقلع رجليه من وحل اذا مشى فقد بلغ من ضراوته وجرمه وهو شيخ فان مريض انه اباح المدينة في حرم النبي(ص) ثلاثة ايام واستعرض اهلها بالسيف جزراً كما يجزر القصاب الغنم، حتى ساخت الأقدام في الدم وقتل أبناء المهاجرين وذرية أهل بدر واخذ البيعة ليزيد بن معاوية على كل من استبقاه من الصحابة والتابعين على انه عبد قن لأمير المؤمنين..... وانطلق جنده المدينة إلى جوار قبر الرسول يأخذون الأموال ويفسقون بالنساء.... حتى بلغت القتلى كما يقول الزهري سبعمائة من وجوه الناس وعشرة آلاف من الموالي وكان هذا الحقد المتأجج في هذه الطويه العفنة القذرة المجرمة إنما هو الحقد منصب على الإمام علي(ع) وأولاده وأنصاره وأشياعه كما يفعل اليوم ولائدهم بأبناء الشعب العراقي بسياراتهم وأحزمتهم المفخخة وذهب الكثير الكثير منهم ضحية تلك القساوة والضراوة سواء في العراق او اليمن او الحجاز وكان نصيب الامام(ع) واولاده وانصاره اكبر نصيب وما قتل الشهيد الحسين(ع) في كربلاء وزيد في الكوفة واولاد الحسن(ع) اكبر دليل على ذلك.
كل هذا وعليّ ظل كما هو بعد رسول الله(ص) انساناً تمثلت فيه كل عناصر الانسانية لتخليده ما خلده الدهر مثلا للشهادة والعفه، والرأفه، والزهد والحنان والعدل والادب الذي ما عَرَف له نظير بعد ادب القرآن الكريم، ومثلا لعقلية جبارة حار في وصفها الاقدمون ولم تزل مبعث الحيرة في العصور الحديثة، وستظل هذه الشخصية موضع بحث الباحثين في ميادين الحكمة، والفلسفة والادب ما شاء الله والى نهاية البشرية وذلك لتعدد جوانبها وتعدد نواحيها واتساع آفاقها. وما علينا الآن ان نتناول بعض النصوص القرآنية واقوال رسول الله بهذا الجانب الذي تحدثنا عنه في البداية.
جرت المنافره بين العباس بن عبد المطلب وشيبه بن عثمان حول عمارة المسجد الحرام وسقاء الحجيج الماء والزبيب أنا اول من آمن بالوعيد من ذكور هذه الامة وهاجر فأنزل الله تعالى ((أَجَعَلْتُمْ سِقَايَةَ الْحَاجِّ وَعِمَارَةَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ كَمَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ)) وقال الامام علي(ع): لقد صليت الى القبلة ستة أشهر قبل الناس وانا صاحب الجهاد، وذكرت هذه المفاخرة في الكثير من المصادر التأريخية. وقال رسول الله(ص) بعد أن اخذ بيد الامام(ع) ان هذا أول من آمن بي وهذا اول من يصافحني يوم القيامة وهذا الصديق الاكبر وهذا فارق هذه الامة يفرِّق بين الحق والباطل وهذا يعسوب المؤمنين/ ابن عساكر ترجمة الامام علي(ع) ج1ص96/ وقال الامام علي(ع) يوم الاثنين واسلمت يوم الثلاثاء قال: ابن عباس ((ان رسول الله(ص) اقام بمكة خمسة عشرة سنة سبع سنين يرى الضوء والنور ويسمع الصوت وثماني سنين يوحى اليه)) وكان أمير المؤمنين معه من اول يومه يرى ما يرى ويسمع ما يسمع الا انه ليس بنبي. والامام علي(ص) يوضح ايام حكومته منزلته اهل البيت(ع) في حديث الثقلين وحديث الولاية وغيرها من الاحاديث المعتبرة التي تروى عن طريق الفريقين. وهناك آيات قرآنية تدعم ما قلنا منها على سبيل المثال لا الحصر. ((آية الولاية، المودة، التبليغ، التطهير)) اما البطولة هي القوة في ناوحي العظمة التي اتفق الناس على تمجيدها والشجاعة التي دفعته الى مقدمة الصفوف في كل المعارك التي خاضها مع النبي(ص) وكان له الثقل الاكبر، وتمثلت فيه القوة عمقا في الايمان ونفاذاً في البصيرة ورسوخاً في التقوى وهو الذي نام في فراش الرسول ليلة الهجرة وكان معرضا نفسه للهلاك في سبيل نصرة الاسلام.
وكان سمحا حتى مع خصومه واعدائه فَعَفَ لسانه عن انتقامهم كما عفَّ عن انزال الهلاك بهم حين امكنته الفرصة كان مروان بن الحكم من اشد الناس عداوة لعليّ الب عليه الجماعة وحارب في صفوف اعدائه فلما ظفر به الامام السمح الكفء الكريم عفا عنه وعبد الله بن الزبيد ببسط لسانه في عليّ يسبه على رؤوس الاشهاد فلما وقع اسيراً في يد الامام(ع) يوم الجمل لم يزد الامام(ع) ان قال له اذهب فلا ارينك. ابن عساكر ج1 ص216. حدث اثناء قتال معاوية له ان سيطر عسكر معاوية على الموقف واحاطوا بالماء الذي يستسقي منه الامام علي(ع) وجيشه وأرادوا قتلهم عطشاً فارسل لهم الامام علي(ع) ان يسمحوا لهم بشرب الماء فاجابوه لا والله حتى تموت ظمأ فلما ادرك ان لا مفرّ من الموت استبسل هو وجيشه وهجموا على الماء فاصبح معاوية وجيشه عرضة للهلاك من العطش وهنا قال اصحاب الامام علي(ع) امنعهم الماء يا أمير المؤمنين كما منعوك ولا تسقهم قطرة واقتلهم بسيف العطش وخذهم قبضاً بالايدي فلا حاجة الى الحرب فقال(ع): لا والله لا أكافئهم بمثل فعلهم افسحوا لهم عن بعض الشريعة ففي حد السيف ما يغني عن ذلك وغيرها الكثير وكان الامام علي(ع) زاهداً ورعاً عفيفاً فما امتدت يده لغير ما احل الله وما اباح لنفسه او لاحد عماله او اقاربه ان تمتد يده الى شيء من اموال المسلمين وما اظن في الاسلام زهداً يفوق زهد الامام علي(ع) له خصوم في حياته ودامت خصومتهم له حقبة من الزمن ومع ذلك فهؤلاء الخصوم انفسهم من اشد الناس تقديراً لعظمته وزهده وشجاعته، المسلمون في جميع بقاع الارض يقرّون للامام بالعظمة والبطولة والبلاغة والورع والتقوى ويعرفون فضائله الجليلة التي تحلى بها لانه نشأ في بيت النبوة منذ نعومة اظفاره ولانه اهتدى بهدى الرسول وتخلق اخلاقه وكان بريئاً من شوائب عصر ما قبل الاسلام ولا سجد الا لله سبحانه وتعالى وكان من كتاّب الوحي فسجل بقلمه كتاب الله كما انزله الله على نبيه(ص) ومن كان أحق بتسجيل آيات الله عقب نزولها غير الفتى المؤمن لانه آمن في اليوم الاول لظهور الاسلام وتعلم على يد الرسول الكريم(ص) وظل هذا الرباط الوثيق بزواجه من البتول السيدة فاطمة الزهراء(ع) وروى جميع احاديث رسول الله وتتلمذ على يده ابن عباس فلازمه واخذ عنه الحديث وقد سئل ابن عباس مرة أين علمك من علم ابن عمك؟؟ فقال كقطرة المطر الى البحر المحيط وكان حجة المسلمين في الفقه والتفسير والفتيا حتى ان عمر بن الخطاب كان يرجع اليه فيما يشكل عليه من امور الدين وكذلك الصحابة جميعهم وقال عمر كلمته المشهورة ((لا يفتين احد في المسجد وعلي حاضر)) وقال لولا علي لهلك عمر. وكانت الاموال تجبى اليه من جميع البلاد التي في طاعته ولكنه ظل اخشن الناس مأكلاً وملبساً وله كلمته المشهورة عندما فتحت ابواب بيت المال وقال ((غري غيري غري غيري)) طلقتك ثلاثا، وروى ((مجمِّع)) عن ابي رجاء قال: أخرج عليُّ سيفا الى السوق، فقال: من يشتري مني هذا؟؟ فو الذي نفس علي بيده لو كان عندي ثمن ازار ما بعته، فقلت له: انا ابيعك ازاراً وأنسئك ثمنه الى عطائك، فدفعت اليه ازاراً الى عطائه، فلما قبض عطاءه دفع اليّ ثمن الازار.
وروى هارون بن سعيد قال: قال عبد الله بن جعفر بن ابي طالب لعلي(ع) يا أمير المؤمنين لو أمرت لي بمعونة او نفقه: فوالله مالي الا أن أبيع دابتي، فقال: لا والله ما أجد لك شيئا الا ان تأمر عمك ان يسرق فيعطيك.ج1 ص200 نهج البلاغة.
كتبت هذه الكلمات لأتناول ألفاظها من تحت لساني وانشق من قلبي معانيها وانفض عليها الوان النفس الحائرة والقلب الخاضع لهذا المصاب الاليم الذي عم العالم الاسلامي وانا احمل رسالة تعزية الى العالم، ومنذ ذلك اليوم والدنيا تطأطئ رأسها بين يديك وتلقي بكل جبروتها تحت نعليك يا سيدي يا مولاي يا امير المؤمنين يا علي ابن ابي طالب سلام الله عليك ..




/ النجف الأشرف
21/8/2010
 


كافة التعليقات (عدد : 1)


• (1) - كتب : علي حسين النجفي من : العراق ، بعنوان : السلام على سيد الوصيين في 2010/08/28 .

ذكرى شهادة امير المؤمنين مناسبة للوقوف على حقيقة مباديء هذا الخالد العظيم الذي عجزت كل جهود اعدائه واقلامهم عن حجب نوره الساطع و اخماد ذكره على الرغم من بعد الزمان وطول المدة ..كما عجزت وستعجز اقلام محبيه وانصاره و مريديه عن الاحاطة بكل جوانب عظمته واسرار شموخه ..انه اول من امن بالرسالة وبذل حياته في سبيلها وكانت شهادته في المحراب امتدادا لولادته في الكعبة التي لم يشاركه الفضيلة فيها احد من الاولين والاخرين ..السلام على امير المؤمنين ..خليفة رسول رب العالمين ..امام الموحدين ..سيد الوصيين ابي الحسنين علي بن ابي طالب..السلام عليك ياسيدي يوم ولدت في قلب الكعبة ويوم استشهدت في المحراب ويوم تبعث حيا على الكوثر ..



  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=461
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2010 / 08 / 28
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 03 / 28