لا يزال الناس رغم كل التوجهات ورغم كل الطاقات والقدرات والمستويات العلمية والأكاديمية إلا أن بإمكان رجل واحد لدية سمات التدين من مظهر خارجي يستطيع أن يغير موقف الآلاف من الناس بكل تنوعهم ومفاهيمهم في مصادرة سافرة لعقولهم وتفكيرهم دون اعتراض أو توضيح وإليكم بعض المواقف فقد كنا في محاضرة تربوية ونحن قادة تربويون يربون على المائتين قائد وأراد المحاضر أن يرسل لنا رسالة أخلاقية من خلال فلم صامت إلا من الموسيقى التصويرية ورغم موافقتنا جميعا على الاستمتاع بذلك الفلم التربوي إلا أن واحدا فقط عليه سمات التدين أرغمنا جميعا على كتم صوت الفلم والا نسمع الموسيقى المصاحبة للفلم والتي تحكي تأثير حركات الممثلين فيه ورغم إعتراض الكثيرين على هذا الاختطاف إلا انه اصر على موقفه مما جعل المحاضر يستجيب له ، الموقف الآخر وهو متكرر في كل وقت وحين وفي أغلب مناسباتنا السارة فعندما نكون في مناسبة سعيدة كالزواج أو أي حفلة مشابهة ويكون فيها نوع من أنواع العرضة أو الموسيقى أو الفرق المناسبة لفرحة كهذه كلها تتوقف بزيارة أحد رجال الدين ويختطف الزواج أو المناسبة بقدوم شخص واحد على حساب المئات من المدعوين دون مراعاة لمشاعرهم أو موقفهم أو اتجاهاتهم أو قرأتهم المختلفة للحكم واختلاف العلماء فيها فرجل دين واحد كاف ليفرض على الجميع أجواءه وطقوسه وفرض رأيه على الكل وهنا لا أعني طائفة دون أخرى فشيعة وسنة نعاني من نفس الاختطاف ، لقد كانت الأجواء المصمتة والسكون الممل سائدا ومفرضا على مجتمعنا طيلة الثلاثين عاما الماضية بسبب وجود تلك الحالة من الفهم للدين المفرغ والمحرم للحالة الفرحية السارة مما يصاحبها من أنغام تناسب الحالة فكل شيء حرام يدخلك جهنم وكل تحريم باسم الله وباسم الدين وهكذا أوهمونا بعذاباتهم وجهنمهم من دون الله فالله واسع الرحمة رؤوف كريم فمن نصب هؤلاء علينا ليحرمونا ويختطفوا مجتمعاتنا إلى ساحاتهم ويفرضون آرائهم على جميع شرائح المجتمع دون مراعاة أقليتهم ودون مراعاة تنوع المجتمع وتعدد اتجاهاته وأظن أن ثلاثة عقود كافية للتمرد عليهم وعدم الانسياق خلفهم فقد بدأ الناس بالتململ منهم ومن اختطافهم فأخذ البعض بالخروج من عبأتهم بل والانزعاج من تصرفاتهم بل وكأن الوقت حان لمحاسبتهم وحصر جرائم البعض منهم فهل آن الأوان لليقظة من تنويمهم لنا باسم التدين والتنسك والزهد وهم في قصورهم المشيدة كما أظن انه ليس من الائق ولا المستساغ أن يفرض رجل واحد رأيه وحالته وتحريمه لسماع هذا أو ذاك على الناس أو في تجمع ما فإن كانت له أراءه فليحصرها على نفسه وليحترم رغبات الأغلبية فإما أن ينأى بنفسه عن الحضور أو لا يصادر أراء ورغبات غيره وأن يعيد قراءته لتصرفه قبل أن يفرض رأيا على الجميع من هنا ننادي أولئك بالرفق بنا وأن يجعلوا أراءهم لقناعاتهم وليس فرضا علينا كما أظن أن مجالا واسعا قد قد في قميص قراءة الحكم الشرعي لبعض الممارسات التي طلما اقتصرت على قراءة محدودة فقهيا مما دعى البعض من العلماء للتمحيص والتدقيق في الأحكام التي لا تتوائم والوضع المعرفي الحالي فكثير من متطلبات الحياة الحاضرة تستدعي إعادة النظر فقهيا فيها والا سيصاب الفقه بالزكام المؤدي للشلل عند الجيل القادم وسلامتكم وتعيشون . |