• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : لماذا نحب الفوضى ونكره النظام؟! .
                          • الكاتب : علاء كرم الله .

لماذا نحب الفوضى ونكره النظام؟!

 منذ تأسيس الدولة العراقية عام 1921 ولحد الآن يعيش المجتمع العراقي صراعا قويا وواضحا بين مفهوم البداوة والحضارة! رغم ما بذلته الحكومات التي توالت على حكم العراق من ملكية الى جمهورية من جهود في سبيل الأرتقاء بهذه الأمة  كلا على طريقته وسياسته ورغم حالة الشد والجذب بين هذين المفهومين على مرتاريخ العراق ألا أنه ومع الأسف الشديد فأن حالة البداوة والتخلف والعشائرية هي الي سادت أخيرا!!، وما أدل على ذلك من المظاهر التي نشاهدها يوميا في حياتنا من فوضى وأرتباك يمثل الشعب جزء كبيرا وأساسيا في خلقها وصنعها. وللعودة الى التاريخ الذي يمثل أمتدادا حقيقيا وصادقا للحاظر الذي نعيشه فمن الجدير أن نذكر هنا ما قاله المرحوم الملك فيصل الأول ملك العراق وهو يوصي أبنه المرحوم الملك غازي واصفا له الشعب العراقي ( أعتقد والأسى يمليء قلبي بأنه لا يوجد في العراق شعب عراقي بعد!! بل توجد تكتلات بشرية خالية من اية فكرة وطنية،تؤمن بتقاليد واباطيل دينية لا تجمع بينهم جامعة، ميالون للسوء ميالون للفوضى مستعدون دائما  للأنقضاض على أية حكومة كانت فهدفنا والحالة هذه أن نجعل من هذه الكتل شعبا نهذبه وندربه ونعلمه). بهذا الوصف الدقيق وهذه الرؤية العميقة حلل المرحوم الملك فيصل الأول طبيعة ونفسية العراقيين. ولكن وللأسف لم تسنح الظروف والأحداث السياسية التي مرت على العراق للملك فيصل الأول ولا لكل الذين جاءوا من بعده من تهذيب الشعب وتدريبه وتعليمه بالشكل الذي يرتقي به الى مصاف الشعوب المتمدنة.  (وبالفعل كانت صورة العراق للفترة من ثلاثينات وحتى سبعينات القرن الماضي كبلد ومجتمع أقرب الى البلدان المتقدمة! حيث كان التحرر الثقافي والأجتماعي والأدبي  أحد أبرز ملامحه أضافة الى ماشهده من نهضة عمرانية وقفزة في كافة المجالات وخاصة في مجال البنى التحتية والخدمات فكان بحق دولة قانون ودولة مؤوسسات، ولكن توقف ذلك كله وبدأ العراق بالأنحدار والتآكل والأنهيار منذ أستلام الرئيس المعدوم (صدام حسين) السلطة عام 1979  والذي كان رأس الحربة! في تنفيذ المخطط الأمريكي والصهيوني الجهنمي لتدمير العراق والأمة العربية ، وذلك بزج العراق بالحروب الواحدة تلوة الأخرى ثم عقوبة الحصار الدولي كانت كلها مقدمات لأحتلال العراق وتدميره من قبل الأمريكان) حيث أرسى الرئيس المعدوم السابق دعائم النظام القبلي والعشائري والطائفي بشكل غير معلن ومنظور وبشكل مفضوح ومعلن بعد أنتفاضة المحافظات عام 1991 ،وقد شهدت فترة حكمه (حكم القرية وتسلطها على المدينة)!! حيث سطى أبناء قرى العوجة والعلم( من أعمال محافظة تكريت) على العراق وعاثوا فيه خرابا ودمارا وفسادا!! في ظاهرة فريدة لا مثيل لها في كل مدنيات وشعوب العالم، وقد كانت فترة حكمه أنتصارا واضحا ومبينا للبداوة على الحضارة والرقي والتقدم. ثم شهدت سنوات الحكم من بعد الأحتلال الأمريكي للعراق الأنتصار النهائي للبداوة على الحضارة! بعد أن رفعت المدنية والتحظر الراية البيضاء أمام السوقية والتخلف! في ظل الأوضاع المتردية التي يعيشها العراق في كافة النواحي والمجالات وغياب واضح لهيبة الدولة والقانون بعد أن أصبحت العشيرة والمذهب والمحسوبية بديلا عنها!!. عندها أنزوى المثقفون وصاروا أشبه بالفئة الضالة لا صوت ولا قيمة تذكر لهم ولا رأي يسمع لهم،وأصابهم السكون والقنوط لأن موجة الفوضى  كانت أكبر، وقد فلتت ولا أمل بسماع وأسترجاع الآصوات العاقلة والمثقفة فاكتفوا المثقفين بحرق اعصابهم بصمت وبقلوب دامية عما وصلت أليه أمور البلاد والعباد حيث لا مكان للعملة الجيدة فقد هربت وطاردتها العملة الرديئة التي صارت سيدة الموقف وسط أجواء الفساد والتردي!!؟ وقد تعرض الكثير من المثقفين أصحاب الكلمة والموقف والمبادىء الى الموت المفاجيء من شدة الكبت والقهر والألم عما وصلت اليه أمور الوطن الذي أصبح في حال يرثى لها. فالشارع العراقي جله من الأجيال الأخيرة التي تربت على ثقافة العنف واللاقانون وصور الموت وأفكار العشيرة والمذهب والطائفة، بعد غياب دورالدولة منذ اكثر من ثلاث عقود وزاد من ذلك اكثر من بعد  السقوط ولحد الان! بأن تمارس  دورها القيادي للمجتمع من خلال أجتثاثها لمثل هذه الأفكار والنزعات المريضة. فالذين يحبون الفوضى هم من سرقوا البلاد والذين مارسوا كل أعمال النصب والأحتيال والغش والتدليس فالفوضى هي خير ستار للمرتشين والسارقين ويوما بعد آخر نرى كثرة هؤلاء وأزدياد قوتهم وسطوتهم في ظل حالة التردي التي تمر بها البلاد  وحالة التخلف والتراجع الأجتماعي والمدني فالعراق في ثلاثينات وأربعينات القرن كان أكثر تطورا أجتماعيا ومدنيا وفيه الكثير من اللمسات  الجمالية في كافة نواحي الحياة عما هو عليه الآن ونحن في الألفية الثالثة!!. ومن الجدير ان أذكر هنا ما قاله الجنرال الأسرائيلي الذائع الصيت (موشي دايان) بعد حرب حزيران عام 1967 ردا على سؤال لأحد الصحفيين: (بأن العرب لا يخيفوننا أبدا ولا نحسب لهم أي حساب؟!! ما داموا لا يعرفون النظام والوقوف بالطابور!!؟). وبغض النظر عن جواب الجنرال الأسرائيلي فأن موضوع النظام والألتزام به  يدل على الرقي والتحضر وبنفس الوقت يدل على المحبة والتآلف وعدم السرقة والأعتداء والتجاوز على حقوق الغير أيا كان ذلك الشيء فهذا هو الذي يخيف الأعداء!، والذي نحن العراقيين بعيدين عنه كل البعد! فالكثير من العراقيين يرون العمى الأسود  كما يقال  ولا يرى النظام والترتيب والألتزام والنظافة!!. صحيح أن الأنسان أبن بيئته التي يعيش فيها ألا أن العراقي ميال للفوضى والهوسة وعدم الرغبة بل ورفض  شيء أسمه النظام والألتزام. وليس من باب التشاؤم أذا قلنا  أن كل مفردات ومظاهر حياتنا اليومية التي نعيشها والتي ننام على همومها ونصحى على هموم اكثر منها لا تعطينا أية بارقة أمل بأننا وفي المستقبل القريب سنخرج من النفق المظلم والمستنقع الآسن المليء بالتخلف والسوقية والذي أرتضينا ان نعيش ونحيا به!. فالشعوب والحكومات هي التي تخلق وتصنع الحياة ولا أعتقد أن لدينا حكومة وشعبا سابقا ولا الآن ولا حتى في المستقبل البعيد! تستطيع أن تخلق وتصنع ذلك!. ومع كل ذلك نتمنى من حكومتنا المنتخبة القادمة ان تبدأ عملية تدريب وتعليم المواطنين على الألتزام بالنظام والقوانين وعلى المواطن ايضا أن ينزع عن نفسه ثوب التخلف والسوقية التي ألبست له طيلة العقود الماضية!.
 


كافة التعليقات (عدد : 1)


• (1) - كتب : نادية ، في 2014/07/13 .

اي والله صحصيح كل اللي تقولة صحيح ومؤلم >>>مو احنا ساكتين ونحاول ننسى هاي الحقائق ..... على كل موضوع جدا جميل وجدير بالاهتمام واتمنى هذا الموضوع ينشر بالجريدة ,,,ولو منو يقرا .... ,,,احنا ينراد النا تغيير جذري يعني شلع من الاساس ......وشكرا للجهود المبذولة حياكم
نادية



  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=46911
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2014 / 06 / 09
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 03 / 28