• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : على من جنت داعش .
                          • الكاتب : هادي جلو مرعي .

على من جنت داعش

لم يكن ممكنا النظر ببرود لعملية الإستعراض الكبرى التي قامت بها مجموعات عابرة من المقاتلين الأجانب في الموصل وأدت الى سقوط مؤقت لمركز المحافظة الشمالية الكبيرة، فهي في النهاية مثلت تحولا في طبيعة الصراع الذي بدا واضحا إنه يمضي بالعراق الى تقسيم واقعي، فالمجموعات التكفيرية لعبت على الوتر الطائفي، وكانت المرة الأولى التي يتحدث فيها زعماء داعش صراحة عن نيتهم قتال الشيعة في مناطقهم، وكانت الموصل بالنسبة لهم محطة أولى بإتجاه بغداد، ومن ثم النجف وكربلاء، وكان توصيف المدينتين من قبل بعض زعامات الجهاديين ( النجف الأشرك، وكربلاء النجسة) ردا على توصيف الشيعة لهما( النجف الأشرف، وكربلاء المقدسة) كان هذا التوصيف من قبل داعش مدعاة لرد لم يكن يتوقعه الساسة العراقيون والمواطنون العاديون، ولم يكن يخطر ببال أحد من القادة السنة على مستوى التمثيل السياسي، أو المعارضة المنتفضة، أو التنظيمات المتطرفة لم يخطر ببال أحد من هذه التوصيفات أن يكون رد المرجع الشيعي الأكبر علي السيستاني على رفض البرلمان تشريع قانون خاص بالطوارئ أن أعلن ( الجهاد ) في خطوة غير مسبوقة من قبل المراجع العليا منذ تأسيس الحوزة، أو على الأقل منذ أيام الإجتياح البريطاني للعراق سنة 1917 عندما قاتل المرجع الكبير محمد سعيد الحبوبي ضد القوات البريطانية، وقاد حملة عسكرية مع شيوخ عشائر في الجنوب حتى توفي في الناصرية، عدا عن بعض كبار المراجع في النجف الذين أيدوا ثورة العشرين بقوة، ومثلت فتوى السيستاني تحولا سيؤثر حتما في البنية السياسية العراقية وديموغرافيا الأديان والمذاهب وحركة المجتمع، حيث تقبل المواطنون في المنطقى الوسطى والجنوبية تلك الفتوى بردود فعل لم تكن متوقعة، وأعادت للحكومة العراقية والقوات المسلحة التوازن بعد الصدمة التي أحدثتها حركة داعش في الموصل، والدعايات المضادة التي شنتها وسائل إعلام روجت لفكرة سقوط النظام السياسي العراقي بكامله، والعمل على ترويج فكرة إن حراك داعش هو حراك ثوار العشائر، أو إنها الثورة العراقية الكبرى للإنتفاضة على الحكم الشيعي الطائفي كما يوصف من قبل المتظاهرين في المناطق الغربية.
تحدث رئيس الوزراء نوري المالكي بعد ساعات من صدور فتوى السيستاني، ومن سامراء التي تمثل رمزية عالية بالنسبة للشيعة لوجود مراقد دينية تعرضت للهدم على يد القاعدة في العام 2006 وأعلن بصراحة إن ماحدث كشف ضعف البعض، ومثل فرصة له للتخلص من كل القيادات الأمنية والوحدات غير الفاعلة، وأشار الى إن القوات التي ستقاتل في الموصل والأنبار وصلاح الدين ستكون قوات مختلفة تماما ذات طبيعة غير قابلة للإختراق لأسباب عقائدية..
يبدو وهذا أكيد إن داعش تمثل قصة هزيمة، فهي في الحقيقة مجموعات قتالية غير قادرة على الصمود وتعتمد طريقة ( أضرب وأهرب) وليست في معرض المواجهة الدائمة، وحدث هذا بالفعل حيث تنسحب رويدا، أو تتعرض لضربات جوية قاسية وهجمات منسقة من القوات النظامية، لكن ماحصل في الموصل ومافعلته داعش هو بإختصار، إنها جعلت الأكراد يغنمون شيئا، وجعلت الشيعة يفهمون اللعبة بطريقة مختلفة، وجعلت السنة في مرمى النار.



  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=47170
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2014 / 06 / 15
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 03 / 29