• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : حين أقسم الجندي الأمريكي .
                          • الكاتب : هادي جلو مرعي .

حين أقسم الجندي الأمريكي

في ساحة الفردوس تحديدا,وحين كنت هاربا الى أقصى محافظة ديالى الى الشمال من بغداد,وكنت أرقب الصواريخ تتساقط على رأس وكتفي مدينتي وخصرها الممتد مع النهر الناحل,كان جندي أمريكي يضع العلم الإتحادي الجمهوري الخاص ببلاده على وجه التمثال المصنوع من مادة خاصة وهو يمثل شاخصا لصدام حسين,لكن الجندي الأحمق سارع الى رفع علم بلده بعد إلحاح العراقيين المتجمهرين في تلك الساحة,الذين طالبوه بوضع علم بلادهم الممهور بخط صدام وبكلمة ,الله أكبر.
كان التاريخ يشير الى 9 أبرل ,وهو شهر الربيع والحب في بلدي ,وحين (يقدّح المشمش).في ذلك المساء أعلن عن سقوط النظام العراقي ,وإنهيار حكومة صدام حسين,التي حكمت بقوة ,وكانت نموذجا متقدما للحكومات العربية المتجبرة,لم يكن أحد ليجرؤ على الحراك الذي من شأنه دخول العاصمة وتغيير البنية السياسية ,من أقطاب المعارضة العراقية التي تنشط في الخارج ,وتسعى الى الإطاحة بنظام الدكتاتور,الأمريكيون فقط كانوا قادرين على فعل ذلك ,وحملوا مجلس الأمن على إصدار قرار ,كان كافيا لحشد الجهد الدولي والزحف نحو بغداد تحت غطاء جوي رهيب, وحينها فقط دخل رجال المعارضة رافعين شعار التحرير.
لكن لم يكن أحد في معرض التصديق بحقيقة إنهيار الجيش العراقي وبنى الدولة المحكومة بالنار والحديد,ويسخر بعض الخبثاء قائلا ,إن الجندي الامريكي أقسم للمعارضة العراقية,إن صدام أصبح جزءا من ذاكرة التاريخ ,وصرخ عاليا, (I swear in GOD, saddam leave) .
في ليبيا ,وكنت أرقب حراك الثوار المندفعين جهة مدن الغرب ,وهم يأملون  في إنهيار كتائب القذافي بسرعة تحت وقع الضربات الجوية ,كنت أشعر ومع كل كر وفر بين المتقاتلين إن الثوار بحاجة الى زحف غربي مباشر أو الى ضربات قاسية لاتخضع لمزاج قادة النيتو بل الى مستوى حاجة الثوار الذين يملكون سلاحا تقليديا متواضعا ولاقدرة لهم على المواجهة مع الكتائب .
النظام الليبي يملك السلاح وقوة الحضور العسكري فلديه إمكانات هائلة قياسا بمناوئيه الذين حضرت في انفسهم الجرأة مع صدور القرار 1973, من مجلس الأمن ,القاضي بفرض حظر جوي في مساحة ليبيا كلها,والثوار سيجدون إنهم عاجزون بالفعل مالم تكن الضربات موجعة ,فطرابلس بعيدة للغاية ومحصنة ولانية للقذافي في التراجع مالم يكن من ظروف موضوعية تتيح له عقد صفقة يتنحى بموجبها أو يتردد فيضعف.
صورة الجندي الأمريكي الذي وقف عند تمثال ساحة الفردوس غير قابل للتكرار في طرابلس أو في باب العزيزية ,لأن الأمريكيين لانية لهم بالتدخل المباشر ,وإكتفوا بدعم الأطلسي وقواته الجوية لتحقيق النصر.
لن يجد ثوار ليبيا جنديا يقسم لهم في باب العزيزية( I swear inGOD ) إن القذافي قد رحل وماعليكم إلا أن تحضروا الى باب العزيزية من مدن ليبيا البعيدة ومن المنافي القصية,ولابد لهم من الإعتماد على الذات في هذه المرحلة على الأقل ,لأن الغرب مايزال مترددا,وإذا سقط العقيد فإن ذلك يعني إن التحالف الدولي قد تدخّل بعنف وبقسوة.القوة الباردة لاتنفع .
hadeejalu@yahoo.com
 




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=4723
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2011 / 04 / 07
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 03 / 28