• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : ناصبي ورافضي! قصة حقيقية .
                          • الكاتب : فوزي صادق .

ناصبي ورافضي! قصة حقيقية


عذراً أخي القارئ لعنونتي المقال بتلك المسميات، لكن هكذا أطلق كلاً منهما على الآخر، فهما يعملان بنفس الشركة ، ويسكنان بنفس العمارة، وكلا منهما مقتنع إنه على حق ، وإن مذهبه الحق ، وأنه من أهل الجنة ، وأن الآخر من أهل النار . في يوم ما وأثناء الرافضي يهم بالخروج لعمله بعد الظهيرة ، كونه يعمل بنظام الوردية ، سمع إمرأة هـز العمارة صراخها واستنجادها ، فهرول بسرعة إلي أسفل السلم ، فشاهد سيدة تبكي وبين يديها طفلة متدلية الرأس ، وكأنها قد فارقت الحياة ، فصرخ :ماذا حدث ! ، فقالت " أبنتي تموت، وبها تكسر الدم المنجلي الحاد " ، وزوجي بالشركة ، وقد اتصلت به ، فلم يجبني ، فحمل الرافضي الفتاة بسرعة ووضعها بمقعد سيارته الخلفي ، وأنتبه قبل أن يغادر ، بأن أمها تجري خلفه وهي تصرخ ، فركبت بجانب أبنتها ، وكل هذا حدث أمام مرآى من النساء والخادمات من سكان العمائر المجاورة ، والذين تجمهروا بعد سماع الصراخ .

وصلوا المستشفى، وتم أنقاذ الفتاة بأسرع وقت بعد أن تلقفوها الأطباء والممرضات، وبعد مرور ساعة دخل والد الفتاة مهرولاً ضائعاً كالمجنون ، وهو يصرخ " فلانة! أين فلانة ! " فقابلته زوجته ، وأخبرته إن أبنته بخير، وأن جارهم الرافضي هو الذي أحضرهم وأنقذها ، فوقف أمامه صامتاً ، فأقترب منه وأحتضنه بقوة ، وبكى بحرقة ! وهو يكرر " أستغفر الله " سامحني يا أخي ، سامحني على كل شيء ، إنه الشيطان لعنه الله . بعد أيام ، طرقت زوجة الناصبي باب الرافضي ، ودخلت بمعية أبنتها وصديقاتها ، وهي محملة بالهدايا ، كعربون شكر وعرفان ، لما مقدمه جارهم ، وأنقذ أبنتهم من الموت .

بعد شهور، ومع بداية الإجازة الكبيرة ، وفي وسط الأسبوع ، أتصلت زوجة الرافضي بعمل زوجها قبل آذان الظهر، فلم تجده ، فأخبرت زملائه أن يتصل بالبيت للضرورة القصوى ، فوصل إليه الخبر بعد ساعة تقريباً ، وأتصل بالبيت " لكن لا أحد يجيب " ، فدخل الشك قلبه ، فغادر عمله بسرعة ، ووصل إلي البيت بعد الظهر ، وبينما هو يهم بدخول العمارة ، صادف وجود جاره صاعداً السلم ، فصافحه ، فقال الناصبي : لقد أتصلت بي زوجتي وأخبرتني أن بشقتكم فأر كبير ، وأن زوجتك وأبنائك هربوا من الشقة وجلسوا بسلم العمارة ، أعتقد إنه نفس الفأر الذي أزعجنا قبل شهر ، فدخلا المبنى معاً ، فألتقى الرافضي بزوجته وأخبرته: لقد ضيّـفتنا جارتنا وادخلتنا شقتها بعد أن وجدتنا خائفين ومشردين بسلم العمارة ، وعملت لنا الغداء ، فصلينا عندهم ، وتغدينا ، بصراحة ! شقتنا لا تطاق ، والفأر يسرح ويمرح بها ، ولن ندخل حتى تقضي على الفار، فدخل الرافضي بمعية جاره الناصبي الشقة ، وقد تسلحا بالعصي ، وما هي إلا دقائق  حتى اصطادا الفأر الدخيل ، ورموه بالشارع .

أخي المواطن الغيور: لو أن حصيّة صغيرة دخلت حذائك ، لتعكرت حياتك ! لو أن قطاً دخل بيتك وأفزع عيالك ، لغادرك النوم ! لو أن الرياح أسقطت عباءة زوجتك ، لسقط قلبك معها ! لو أن أحداً تحرش بابنتك، لفقدت عقلك ! لو شرخ أحدهم زجاج سيارتك ، لفار دمك ! لو حملت الخادمة سكيناً وأخافت أهلك ، لقامت القيامة وخرجت روحك من جوفك ! فما بالك أخي بأجنبي غريب يستبيح أهلك وعرضك ومالك ووطنك ! ، ويحتل بيتك وشوارع مدينتك ومرافق وطنك ؟ فما بالك بأجنبي يضع يده على الحياة المحيطة بك ؟ فما بالك بأجنبي يضع السكين على رقبة أبناء عمومتك وجيرانك ؟ فما بالك بأجنبي يذبح شركاء الدين والدم والوطن؟ فما بالك بأجنبي يذبح رجال الأمن الساهرون على حمايتك ؟ فما بالك بأجنبي ينزل علم بلادك ويدوس عليه بنعليه ؟

يا شريك الوطن ! الرهان هنا على الوطن والمواطن ، فلنكن يداً واحدة أمام الأعداء ، ومن اراد بهذا الوطن شراً ، فإن لم يكن من أجل شركائنا ، فليكن من أجل أنفسنا وأبنائنا وأموالنا ، فإن لم تحمل غيرة لشركاء وطنك ، فعلى الأقل لأهلك وأبناء جماعتك ، وحتى لسيارتك ، وحاجياتك ! فمهما اختلفنا فكرياً وعقائدياً ، فلنأخذ بالرسول الكريم صلى الله عليه وآله وصحبه الكرام قدوة وعبرة وعضة ، فقد كان حسن الخلق مع من يختلف معه ، فما بالك بمن يشاركك الشهادة والقبلة والقرآن واللغة والأرض والهواء والرزق وحتى الأسماء ، وكل هذا على وطن واحد ! ألا يستحق وطنك الحماية والتضحية ، فلنتحد أخي ، ولنقف ضد الشائعات وكلام المغرضين بالوسائل الإعلامية وغيرها ، ولنمنع الشيطان من أن يعشعش في عقولنا أفكار الطائفية المقيتة ، فهي كالنار التي تأكل الأخضر واليابس ، ولنتعظ بما يحصل لدى جيراننا . فلنرقى، ولنفكر بعقلانية ، فديننا الإسلامي يحتوي ويحتضن ، والرهان يبقى على الوطن والمواطن ، ولنكن جماعة واحدة ضاربة ضد أي فأر يريد بهذا الوطن وأهله ومن يدب عليه شراً .

اللهم أحفظ وطني ، وأحفظ أهله وحكومته ، من شر الأنس والجن ، ومن شر بداخله وخارجه ، إنك سميع مجيب ، وللمعلومية ، هذه القصة حقيقية ، وقد حصلت قبل أكثر من خمسة عشر سنة ، ومازال أبطال القصة أخوة متحابان في الله ، حتى يومنا هذا .



 




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=47821
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2014 / 06 / 30
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 03 / 29