• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : ما الذي كسبه الشعب العراقي بعد السقوط ؟ .
                          • الكاتب : فاتن نور .

ما الذي كسبه الشعب العراقي بعد السقوط ؟

لم يكن سقوط صدام حسين أمراً هيناً،ولم تعبد الطرقات بعد السقوط بما كنا نعول عليه من آمال وأحلام ذهبت كلها في مهب الريح. لم يكن سهلا أن نبدأ من نقطة الصفر وعلى أنقاض تركة ثقيلة ومعتمة على كل الصعد والمستويات.ما دفعه الشعب العراقي لا يقف عند حد ولا تحده جهة، ولو إردنا تسطيره فلن يكيفنا كتاب أو مجلد أو موسوعة، ففي كل بيت وشارع هنالك قصة لثمن مدفوع، في كل حارة أو مدينة هنالك فواتير دُفعت ودماء سُفكت ودموع ذٌرفت.
 دفع إنسان العراق ثمنا باهضا مثلما دفع الطير والنخل والحجر ومثلما دفعت الأنهار ونواعيرها. وجاءت هذه الفواتير بعد مسلسل الفزع الكبير والدويّ السعير الذي هز العاصمة بغداد  ليدخل العراق في العشرين من مارس عام 2003 مكتوفا فاغرَ الأرض والسماء حرب الخليج الثالثة.حرب آكلة للزرع والضرع قررتها الإدارة الأمريكية وتبنت شنّها مع ما حصدته من حلفاء، ولم يكن لإحزاب المعارضة السياسية ثمة دور يذكر في إسقاط نظام الحكم الديكتاتوري وقد أقتصر دورها على الإستئناس بالقرار والإستئناس المقابل. كان لابد لقرار الحرب أن يدخل حيز التنفيذ سواءً باركته هذه الأحزاب أم لا فثقلها أمام الدول العظمى هباء، ما أريد قوله هنا هو أن صدام حسين لم يسقط بحراك شعبيّ في الداخل أو حراك سياسيّ لأحزاب المعارضة في الخارج مع أن رغبة الشعب الغالبة وطموح أحزابه السياسية هو التخلص من النظام وطاغيته السافر، إلاّ أن هنالك من يحاول وضع هذه الحقيقة الجلية في قفص الإتهام ليصرح بأن السقوط كان بأيادٍ عراقية صرفة وقفت وراءها دول عظمى، ويعني هذا فيما يعنيه كضرورة، تحالف الأحزاب السياسية تحالفا وطنيا وتكتلتها في خندق واحد لإسقاط النظام، وهذا ما لم نشم ريحه لغاية يومنا هذا. ولا جدوى من التقول بمثل هذه التحالفات الوطنية إذ أن للواقع مرآة لا تستر هزال الحس الوطني ولا تخفي تقطّع أوتاره..وللثرثرات أكثر من قيثار يبتاعه المثرثرون من أرصفة التجهيل والتعمية لتلحين كل عورة الى تبرير أو نشيد وطني.

تلخيصا..ما دفعة الشعب العراقي هو هذا الإمتداد المؤلم والمؤسف لتركة النظام إبتداءً من التهميش والتجهيل الى ضراوة المقابر الجماعية والتي تحولت بعد السقوط الى مقابر معلومة نشهدها في كل صوب وحدب،ولا يهم من يقف خلفها فهوية الفاعل لن تغير حجم الخسارة أو الضريبة التي ما زال المواطن يدفعها أو يروّع بها في البيت والشارع. وما بين التهميش والتجهيل من جهة والمقابر من جهة أخرى هنالك حصاد وفير من سلال نفس التركة وبطونها لا يمكن حصره بنقص الخدمات أو ضحالة المشهد الثقافي والسياسي أو الفساد بشتى صوره فالسلال ممتلئة بكل ما يُقعي مجتمع بأكمله عن النهوض..ولا محاريث منظورة لحرث هذه التركة، لتقليبها وتسميدها بأسمدة العصر والقضاء على أدرانها وتعرشاتها العشوائية المضطربة.
ما تغير في العراق بعد التاسع من نيسان عام 2003 هو وجوه الساسة..والحق يقال الوجوه الجديدة التي تعاقبت على السلطة أكثر مرحا بما أغتنمت، وأقل إكتراثا لما لم يغتنمه الشعب بعد دفعه فواتير السقوط على إمتداد ثماني سنوات..ومازال يدفع ساخطا.. وفي بعض السخط أمل!..
…………

 أدناه فيديو ذكرى سقوط الطاغية يحكي ما أوجزته أعلاه.
الأغنية المختارة \"موال النهار\" للمطرب العندليب عبد الحليم حافظ وهي أول أغنية له بعد نكسة حزيران 1967 وموضوعها يقترن بالنكسة،أغنية تكتنز لوعة الإحباط والفشل والشعور بالخيبة وتعرج على فسحة أمل في الأفق البعيد.. ولهذا وجدتها قريبة جداً ومعبرة فأجواء الفيديو تعكس نكسة غزو ونكسة شعب بعد سقوط طاغيته.. وتعرج بالمقابل على طبيعة موال النهار العراقي الحزين والآمل بإنعطافة مجدية نحو الحبور لإشراقة نهارٍ جديد لا تفقأ به عين الشمس.

 
http://www.youtube.com/watch?v=OX0lk-oSJN8






فاتن نور
April, 09, 2011

 




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=4833
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2011 / 04 / 10
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 04 / 19