بسم الله الرحمن الرحيم
وَاتَّخَذُوا مِن دُونِ اللَّهِ آلِهَةً لِّيَكُونُوا لَهُمْ عِزّاً{81}
تبين الآية الكريمة ان الكفار تركوا التوجه لله تعالى في عباداتهم , واتخذوا الهة من الاصنام وغيرها , طالبين بذلك العزة والرفعة من خلال شفاعتها لهم .
كَلَّا سَيَكْفُرُونَ بِعِبَادَتِهِمْ وَيَكُونُونَ عَلَيْهِمْ ضِدّاً{82}
الآية الكريمة تضمنت الرد الحازم والحاسم عليهم ( كَلَّا ) , لا يمكن ان تمنحهم تلك الاصنام العزة او الشفاعة , ولن تكون مانعا لهم من دخول النار , بل :
1- ( سَيَكْفُرُونَ بِعِبَادَتِهِمْ ) : يبين النص المبارك مؤكدا ان تلك الاصنام او الالهة التي يعبدونها ستنكرهم يوم القيامة , وهو مصداقا لقوله عز من قائل { مَا كَانُوا إِيَّانَا يَعْبُدُونَ }القصص63 .
2- ( وَيَكُونُونَ عَلَيْهِمْ ضِدّاً ) : تضمن النص المبارك الاول انكار الاصنام لعبادها , بينما يضيف النص المبارك انها ستنقلب ضدهم بالبراءة منهم ومن عبادتهم .
أَلَمْ تَرَ أَنَّا أَرْسَلْنَا الشَّيَاطِينَ عَلَى الْكَافِرِينَ تَؤُزُّهُمْ أَزّاً{83}
تخاطب الآية الكريمة كافة الناس بخطابها للنبي الكريم محمد "ص واله" ( أَلَمْ تَرَ أَنَّا أَرْسَلْنَا الشَّيَاطِينَ عَلَى الْكَافِرِينَ ) , سلطانهم على الكفار , ( تَؤُزُّهُمْ أَزّاً ) , تهيجهم وتنخسهم وتحرضهم وتدفعهم الى ركوب المعاصي دفعا .
فَلَا تَعْجَلْ عَلَيْهِمْ إِنَّمَا نَعُدُّ لَهُمْ عَدّاً{84}
يستمر خطاب الآية الكريمة موجها الى الرسول الكريم محمد "ص واله" وتضمن محورين :
1- ( فَلَا تَعْجَلْ عَلَيْهِمْ ) : لا تتعجل ايها الرسول بعذابهم .
2- ( إِنَّمَا نَعُدُّ لَهُمْ عَدّاً ) : يبين النص المبارك ان الله تعالى يحصى انفاسهم على رأي , او يحصى عدد الايام والشهور والسنين من اعمارهم على رأي اخر .
يَوْمَ نَحْشُرُ الْمُتَّقِينَ إِلَى الرَّحْمَنِ وَفْداً{85}
تبين الآية الكريمة مؤكدة ( يَوْمَ نَحْشُرُ الْمُتَّقِينَ ) , يوم يجمع المتقين , ( إِلَى الرَّحْمَنِ وَفْداً ) , على صفة الوفد , راكبين , مكرمين .
وَنَسُوقُ الْمُجْرِمِينَ إِلَى جَهَنَّمَ وِرْداً{86}
تنعطف الآية الكريمة لتذكر الطرف المقابل للمتقين , ( وَنَسُوقُ الْمُجْرِمِينَ ) , كما تساق البهائم , وفيها بيانا للذلة والهوان الذي سيكونون عليه , ( إِلَى جَهَنَّمَ وِرْداً ) , كما ترد الماشية عطاشا على الماء .
لَا يَمْلِكُونَ الشَّفَاعَةَ إِلَّا مَنِ اتَّخَذَ عِندَ الرَّحْمَنِ عَهْداً{87}
تبين الآية الكريمة ( لَا يَمْلِكُونَ الشَّفَاعَةَ ) , لا يملكون الشفاعة , ولا ينالونها , ( إِلَّا مَنِ اتَّخَذَ عِندَ الرَّحْمَنِ عَهْداً ) , يستثني النص المبارك من كان على عهد الله تعالى , كالرسل والانبياء "ع" والمؤمنين .
وَقَالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمَنُ وَلَداً{88}
تبين الآية الكريمة ادعاءات البشر ومزاعمهم بأن الله تعالى عن ذلك علوا كبيرا اتخذ ولدا من البشر , حيث قالت اليهود عزيرا ابن الله , وقالت النصارى المسيح ابن الله , وادعت عرب الجاهلية ان الملائكة بنات الله .
لَقَدْ جِئْتُمْ شَيْئاً إِدّاً{89}
ترد الآية الكريمة على تلك الادعاءات والمزاعم ردا حازما , حاسما , ( لَقَدْ جِئْتُمْ شَيْئاً إِدّاً ) , منكرا عظيما .
تَكَادُ السَّمَاوَاتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ وَتَنشَقُّ الْأَرْضُ وَتَخِرُّ الْجِبَالُ هَدّاً{90}
تبين الآية الكريمة ضخامة وجسامة المنكر الذي زعموه بثلاث نقاط :
1- ( تَكَادُ السَّمَاوَاتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ ) : يتشققن من عظمة تلك المزاعم .
2- ( وَتَنشَقُّ الْأَرْضُ ) : تتصدع .
3- ( وَتَخِرُّ الْجِبَالُ هَدّاً ) : تسقط سقوطا شديدا عليهم .
أَن دَعَوْا لِلرَّحْمَنِ وَلَداً{91}
تبين الآية الكريمة ان كل ما ورد في الآية الكريمة السابقة يكاد ينزل بهم , لنسبتهم الولد اليه تعالى عن ذلك علوا كبيرا .
وَمَا يَنبَغِي لِلرَّحْمَنِ أَن يَتَّخِذَ وَلَداً{92}
تبين الآية الكريمة انه لا يليق به جل وعلا اتخاذ الولد , فان اتخاذ الولد يدل على النقص والحاجة وهو جل وعلا الغني الحميد .
إِن كُلُّ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ إِلَّا آتِي الرَّحْمَنِ عَبْداً{93}
تضيف الآية الكريمة مبينة ( إِن كُلُّ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ) , جميع من فيها من المخلوقات العاقلة وغير العاقلة , ( إِلَّا آتِي الرَّحْمَنِ عَبْداً ) , فيه ننقل رأيين :
1- ذليلا خاضعا يوم القيامة منهم عزير وعيسى . "تفسير الجلالين للسيوطي" .
2- يأوي إليه بالعبودية والانقياد لا يدعي لنفسه ما يدعيه هؤلاء . "تفسير الصافي ج3 للفيض الكاشاني " .
لَقَدْ أَحْصَاهُمْ وَعَدَّهُمْ عَدّاً{94}
تبين الآية الكريمة ان الله تعالى ( لَقَدْ أَحْصَاهُمْ ) , احاط بخلقه في السموات والارض وحصرهم فلا يخرجون عن علمه وقبضته وقدرته عز وجلا , ( وَعَدَّهُمْ عَدّاً ) , عدهم جميعا , فلا يخفى عليه احدا منهم , " عد أشخاصهم وأنفاسهم وأفعالهم فإن كل شيء عنده بمقدار . "تفسير الصافي ج3 للفيض الكاشاني " .
وَكُلُّهُمْ آتِيهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَرْداً{95}
تبين الآية الكريمة ان الجميع يأتي يوم القيامة فردا , لا ناصر ولا معين , لا مال ولا ولد , {إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ }الشعراء89 .
إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمَنُ وُدّاً{96}
تبين الآية الكريمة مبشرة ( إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ ) , الذين امنوا بالله تعالى واتبعوا رسله , وقرنوا حقيقة ايمانهم بالعمل الصالح , ( سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمَنُ وُدّاً ) , ستجري المودة لهم في القلوب .
فَإِنَّمَا يَسَّرْنَاهُ بِلِسَانِكَ لِتُبَشِّرَ بِهِ الْمُتَّقِينَ وَتُنذِرَ بِهِ قَوْماً لُّدّاً{97}
تخاطب الآية الكريمة النبي الكريم محمد "ص واله" ( فَإِنَّمَا يَسَّرْنَاهُ ) , القرآن الكريم , ( بِلِسَانِكَ ) , لغتك العربية :
1- ( لِتُبَشِّرَ بِهِ الْمُتَّقِينَ ) : تضمن النص المبارك الوظيفة الاولى للرسول "ص واله" , البشارة للمتقي بالثواب الجزيل وحسن العاقبة .
2- ( وَتُنذِرَ بِهِ قَوْماً لُّدّاً ) : تضمن النص المبارك الوظيفة الثانية للرسول "ص واله" , انذار الكفار , ( قَوْماً لُّدّاً ) أشد الاقوام خصومة .
وَكَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُم مِّن قَرْنٍ هَلْ تُحِسُّ مِنْهُم مِّنْ أَحَدٍ أَوْ تَسْمَعُ لَهُمْ رِكْزاً{98}
تبين الآية الكريمة على سبيل التذكير ( وَكَمْ ) , اشارة الى الكثرة , ( أَهْلَكْنَا قَبْلَهُم مِّن قَرْنٍ ) , من امم كذبت الرسل وكفرت بما جاؤوا به :
1- ( هَلْ تُحِسُّ مِنْهُم مِّنْ أَحَدٍ ) : هل تشعر بأحد منهم او تراه ! .
2- ( أَوْ تَسْمَعُ لَهُمْ رِكْزاً ) : ام هل تسمع لهم صوتا خفيفا , ( الركز الصوت الخفي ) . "تفسير الصافي ج3 للفيض الكاشاني " .
|