• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : الجنس من أجل السلام .
                          • الكاتب : امجد كاظم الدهامات .

الجنس من أجل السلام

ليما غبوي (Leymah Gbwee) امرأة بسيطة وأم لستة اطفال من دولة ليبريا، شهد بلدها الصغير (111,369 كم2) حرب اهلية طاحنة (1999- 2003)، لكن غبوي المولودة في عام (1972) لم تقف ساكتة كغيرها من النساء، وهن كثر في مختلف دول العالم، بل عملت على ايقاف الحربِ وأسست منظمة "نساء من اجل السلام" لتعبئة وتنظيم النساء لمواجهة زعماء الحرب في واحدة من أكثر الحروب الأهلية دموية في أفريقيا.
وبالفعل فقد كان لهذه المجموعة من النسوة، وبدفع من غبوي دائماً، واللاتي تجمعن في العاصمة مونروفيا للصلاة والاحتجاج مرتديات قمصان بيضاء، الدور الكبير في انهاء هذه الحرب التي خلفت اكثر من مائتين وخمسين ألف قتيل في بلد يُعد حوالي (3,7) مليون نسمة.
وقد قالت غبوي في مذكراتها "إن الحرب لم تكن قصة تقليدية ... أن النساء كن قويات واستطعن بالتآخي والصلاة تغيير بلاد اعتادت على الحرب ... النساء كن جيشاً يلبس الزي الأبيض وقفن عندما لم يكن أحد يجرؤ على ذلك، من دون خوف، لأن أفظع الأمور التي يمكن أن يتصورها المرء كانت قد حصلت لنا بالفعل".
وعندما دخل البلد في دوامة عنف جديدة باستلام زعيم الحرب الدموي "تشارلز تايلور" رئاسة البلاد في عام (1997)، أدركت غبوي أن هناك دوراً كبيراً للنساء في مواجهة الحرب، ولهذا فقد دعت النساء المسيحيات والمسلمات ومن كافة العرقيات، واغلبهن من ربات البيوت، للتجمع والصلاة من اجل السلام، متحديات بالإضافة الى الشمس الحارقة والامطار الغزيرة أصوات القذائف والمواجهات العسكرية، وفي عام (2002) ابتكرت طريقة جديدة لمواجهة الحرب فقد دعت النساء الى القيام بـ "إضراب عن ممارسة الجنس" واشترطت لإنهاء "الإضراب" الإعلان عن وقف فوري لإطلاق النار واجراء مفاوضات بين الحكومة والفصائل المسلحة، وهكذا امتنعت النسوة عن اعطاء رجالهن حقوقهم الجنسية، وبعد سنة واحدة تقريباً (2003) نجحت النساء بانتزاع موافقة الرئيس تايلور على حضور محادثات السلام التي جرت أخيراً في حزيران من نفس العام في مدينة اكرا عاصمة غانا، وعندما واجهت المفاوضات صعوبات كبيرة وحصلت توترات امنية في البلاد انذرت بفشلها، دعت غبوي حوالي (200) امرأة لمحاصرة القصر الجمهوري ومنع وفود الفصائل المتحاربة من الخروج منه بالرغم من عنف الشرطة ومحاولتهم اعتقالهن وقيام أحد زعماء الحرب بضربهن لكنهن صمدن في مكانهن الامر الذي اجبر الوفود على البقاء واستمرار المفاوضات لتنتهي باتفاقية أكرا للسلام التي وضعت حداً نهائياً للحرب.
لكن نهاية الحرب ليست نهاية المطاف لغبوي فقد عملت على تعزيز تأثير النساء في الشأن العام وشجعتهن على المشاركة بقوة في الانتخابات، ما ادى الى فوز السيدة إيلين جونسون سيرليف بمنصب رئيس الجمهورية في انتخابات عام (2005) لتكون اول سيدة تفوز بهذا المنصب في تأريخ افريقيا.
لقد نظر المجتمع الدولي الى اعمال غبوي باحترام كبير تمثل بفوزها مع السيدة سيرليف واليمنية توكل كرمان بجائزة نوبل للسلام (2011).
تقول غبوي: "كنا في الماضي صامتين، ولكن بعد أن قُتلنا واغُتصبنا ومرضنا وشاهدنا أولادنا وعائلاتنا تُدمر، علمتنا الحرب أن المستقبل يتحدد بكلمة لا للعنف ونعم للسلام ولن نستسلم حتى يعم السلام".
هل يمكن ان تكون هناك ليما غبوي عراقية؟
 
 
 
*aldhamat1@yahoo.com



  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=49580
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2014 / 08 / 10
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 03 / 29