بدأ أقول أعان الله الدكتور (العبادي) على مهمة تشكيل حكومة ستكون هي الأصعب في تاريخ العراق الحديث منذ تأسيس دولته عام 1921 ولحد الآن!!، لكون الفترة التي يمر بها العراق الآن هي الأصعب والأكثر تعقيدا وخطرا على مستقبله، حيث لم يشهد العراق حتى ومنذ مئات السنين ما يشهده الآن من أزمات سياسية وأقتصادية وأجتماعية وأمنية ومن تهديدات خارجية ومن فتن مذهبية وحروب طائفية، كل ذلك وسط أجواء من أنعدام الثقة تماما بين جميع الفرقاء السياسيين و الأحزاب السياسية التي ستشارك بتشكيل الحكومة!؟. فكل شيء بالعراق بات عنوان لأزمة وتحتاج ما تحتاج من وقت وجهد من أجل حلّها.الدكتور (العبادي) من جانبه يواصل الليل بالنهار بأجراء اللقاءات والحوارات والمشاورات مع جميع الأطراف السياسية من اجل الأسراع بتشكيل الحكومة، ويبقى السؤال قائما: كيف سيرضي (العبادي) جميع الأطراف السياسية بالمشاركة بحكومته و بشكل ودي وشفاف بعيدا أية مزايدات ومصالح وأطماع! من أجل مصلحة الوطن والشعب؟؟ لا سيما أذا علمنا أن هذه الأطراف السياسية تحاول أستغلال الظروف غير الطبيعية الداخلية منها والخارجية والتهديدات التي يتعرض لها العراق من قبل التكفيريين من (داعش)، فتحاول رفع سقف مطالبها بشكل تعجيزي مقابل مشاركتها بالحكومة!! وألا فأن اي رفض أو تلكؤ في تنفيذ مطالبها سيجعلها تنسحب من المشاركة بالحكومة وعندها تضع (العبادي) في موقف حرج ! وبأنه رفض مطالب الأحزاب السياسية؟! وسرعان ما ستزول حالة التفاؤل البسيطة التي يعيشها الوسط السياسي والشارع العراقي، وعندها تبدأ الحرب الأعلامية وتراشق الأتهامات ومن كان السبب وراء تعطيل الحكومة؟ وما الى ذلك من تصريحات تعود بالعراق الى الدوران في نفس الساقية ويجتر بنفس المشاكل والأزمات التي هو غائص فيها منذ عشر سنوات ولحد الآن!. ومن الجدير أن نشير هنا أن (العبادي) يتعرض الى ضغط عربي وأقليمي ودولي رهيب أن كان معلن أم سري؟! من اجل الأسراع في تشكيل حكومة تضم كل اطياف الشعب العراقي والأهم في هذه الحكومة هو أعطاء الدور البارز والمهم (للسنة) بالمشاركة الفعلية بالحكم وليس أعلاميا!!. فقول ( أرضاء الناس غاية لا تدرك) لا أراها تنطبق ألا على حال العراقيين وتحديدا حال الأحزاب السياسية!، فكيف سيتم أرضاء المكون (السني) الذين يرون أنهم لم يتم تهميشهم طيلة السنوات العشر التي مضت حسب بل تم أستهدافهم وتصفيتهم!!!، أقول هنا: أذا كانوا الشيعة مصابون بعقدة المظلومية والتي يتحدثون عنها منذ 1400 سنة! فالسنة من جانبهم مصابون بهوس السلطة والحكم وبأن يكونوا هم الرقم الأول والأخير!!.وهنا لابد من الأشارة بأن الأحزاب (السنية) ممثلة بقائمتي( متحدون وتحالف القوى الوطنية) تضمنت ورقتها التفاوضية للمشاركة بالحكم على 17 بند!! ولا يسع هنا المجال لذكرها جميعا وما أحتوت بعضها من فقرات ومطالب تعجيزية لا يقبلها أي منطق وعقل ولا حتى اي ضمير انساني!! والبعض الآخرمنها تحتاج الى أقرارها داخل البرلمان!، وهنا بودي ان أخاطب الجميع أهذه ورقة تفاوض وحسن نوايا للأشتراك بالحكومة أم (لوي ذراع)!! ولماذا هكذا؟، ولماذا تكون البدايات بالشروط والبنود، وأذا كانت البدايات هكذا لا تحمل اية درجة من توفر حسن النوايا والثقة والمصداقية، فكيف سيتم أذا تشكيل الحكومة؟ ثم أن حكومة تشكل وفق ضغوط وأشتراطات وخارطة طريق لهذا الحزب أو ذاك من الطبيعي أنها ستكون حكومة ضعيفة وفاشلة وسوف لن يكتب لها النجاح!، وهنا لابد من التوضيح: أن المكون (السني) يفاوضون ويدخلون الحكومة ويملون شروطهم بأستقواء مدعوم عربيا وأقليميا ودوليا!!!.أما الأكراد الطرف الثاني والمهم في معادلة تشكيل الحكومة فهم اصلا عبروا عن عدم رضاهم وقناعتهم بأن يكون رئيس الوزراء الجديد (العبادي) من حزب الدعوة!!! لكون هذا الحزب قد شكل الحكومة مرتين سابقا(المقصود ولايتي المالكي). ومن مطالب الأكراد : زيادة التخصيص المالي لهم من الميزانية(الآن يحصلون على 17% من الميزانية العمومية للدولة)!!، المطلب الثاني: هو قبول الحكومة الأتحادية في بغداد بالتغيير الجغرافي الذي حدث أعقاب سقوط الموصل بيد (داعش)، والمقصود هنا المناطق التي تم الأستيلاء عليها من قبل الأكراد أي المناطق المتنازع عليها ومعها كركوك!!! وأعتبار هذا الموضوع من الأمور المنتهية! ولا مجال للتفاوض حوله أو حتى الأتيان على ذكره حيث يعتبر من حق الأكراد دستوريا!!!!. المطلب الثالث: هو على الحكومة الأتحادية في بغداد أن توافق على كافة العقود التي أبرمها الأقليم مع شركات النفط العالمية!!، كما ويسمح للأكراد باستمرار أنتاج النفط وتصديره دون الرجوع لحكومة بغداد!!!، كما وصرح الأكراد بأنهم يرغبون بأن تكون وزارة النفط أو المالية ضمن وزاراتهم عند تشكيل الحكومة!!!. ومن الملاحظ هنا: بأن الأكراد يتفاوضون مع الحكومة من باب القوة أيضا ولي الذراع والعناد وبأسناد دولي وعالمي أمريكي بريطاني غربي!!!!!. وهنا نسأل (الأكراد والسنة) أهذه مطالب لسياسيين يريدون الخير والوحدة والأستقرار للوطن أم يضمرون له كل الشرور؟!!! ويريدون جر البلاد الى مزيد من المشاكل والأزمات وأستمرارها، ألا ترون بأنكم وضعتم العصي في الدولاب حتى قبل أن يبدأ بالدوران؟!!!. هذه مطالب السنة والأكراد باعتبارهم المكون الأبرز والأهم ، ناهيك عن مطالب باقي المكونات الأخرى (التركمان والشبك والأيزيدين) ودلالها والتي هي الأخرى تشكل ضغطا وصداعا مزعجا!!!. المشكلة في أمرالأطراف السياسية التي تريد المشاركة بالحكم هي أنها ما ان يحدث شيء وتتعرقل المفاوضات سرعان ما تعلن أنسحابها وعدم مشاركتها في تشكيل الحكومة!!، ومع الأسف جاء حادث جامع (مصعب بن عمير) الأرهابي الجبان والمدبر والمقصود في قضاء حمرين محافظة ديالى ليزيد الأمور سوءا ويقضي على بصيص الأمل الذي ساد المشهد السياسي بعيد تنازل المالكي وترشيح العبادي، حيث أزدادت الأجواء السياسية أحتقانا وسرعان ما أعلن المكون السني انسحابه من التفاوض من أجل تشكيل الحكومة، ورافق ذلك تصريحات متشنجة صدرت على لسان بعض الشخصيات السياسية المعروفة التي تريد أن تنفخ وتؤجج نار الفتنة الطائفية!!على طريقة مثلنا الشعبي(كلمن يشوف عدوه كبال عينه)!! ، وسرعان ما صدرت أتهامات تارة للمالكي!!! بأنه يقف وراء العملية( جاء ذلك على لسان رافع العيساوي، وزير المالية السابق الهارب والمطلوب على قضايا أرهاب) وتارة لمليشيات شيعية(قوات بدر وعصائب أهل الحق) بأنها هي من قامت بالعملية(جاء ذلك على لسان ظافر العاني المتحدث بأسم قائمة متحدون)!!!. فما انت فاعل يادكتور (العبادي) أمام كل هذا ،فالأمور التفاوضية من اجل تشكيل الحكومة هي اصلا معقدة وصعبة حتى جاء حادث جامع (مصعب بن عمير) ليزيدها تعقيدا وصعوبة!! أعانك الله حقا يادكتور(العبادي) على ما أنت فيه. هذا فضلا عن أن أمر تشكيل الحكومة هو يخضع أصلا للتوافقات والمحاصصة السياسية والطائفية!! التي لا زالت ومع الأسف تطوق وتخنق العملية السياسية. ناهيك عن موضوع الوزارات السيادية وكيفية تقسيمها بين الكتل والأحزاب السياسية الكبيرة والتي ستكون عنوان الصراع والتناحر الأبرز بين هذه الأحزاب؟!!، وخاصة وزارات( الدفاع والداخلية والنفط والمالية)!!!. هذه أزمة الساسة والسياسيين فما بالك بباقي الأزمات الأخرى التي انهكت جسد وعقل المواطن العراقي منذ أكثر من عشر سنوات من أزمة سكن وكهرباء وماء وأعادة بناء والأهم والأخطر في التحدي الذي يواجه (العبادي) هو كيفية القضاء على الفساد (الداعش الأخطر) الذي مزقنا ونخرحتى عضامنا و كل أخلاقيتنا؟!. أخيرا أعود أقول للدكتور (العبادي) أعانك الله اولا وأخيرا وأعان الله الشعب العراقي المبتلى بمثل هؤلاء السياسيين على أختلاف توجهاتهم الفكرية والمذهبية و الذين لم نجن منهم غير وجع الراس والتخلف والتأخر والتناحر والفرقة والتشتت والضياع!! واقول لك أيضا بأنك شجاع لقبولك هذه المهمة الشاقة والعصيبة الذي تمثل التحدي الأصعب من أجل انقاذ العراق.