ما أن تدخل في نزاع مع عراقي ,ثم يرتفع الصوت ,وتوغل معه في النزاع,وربما طلبت منه حاجة,حتى يصرخ فيك (لو يجي الله) ,وهو رفض قاطع لأي مطالبة منك للحصول منه على وعد بالإنجاز! الله هو القوة المطلقة ,والعظمى ,وماعداه فهو وهم زائل ,وبرغم ذلك لايمتلأ مزاج العراقي ,ولايقنع به ,وهذا يذكرني بقصة الشيخ والراعي...توجه شيخ رفيع المكانة في قبيلته الى أحد الرعاة وقد أعجبته إبنته ,وأراد خطبتها ,رحب الراعي بالشيخ ,وقدم له القهوة العربية الفاخرة ,المستوردة من جمهورية اليمن العربية ,قبل ثورة الشباب في صنعاء,طلب الراعي إلى شيخه الشاب أن يفصح عن غايته من الزيارة,وأكد أنه يرغب في تلبية مايريده منه,فهو الشيخ أبن الشيوخ.قال الشيخ,جئت إليك خاطبا لإبنتك المصونة ؟رد الراعي ,والله ياشيخ أنت غال وطلبك أمر لكني لاأريد تزويج إبنتي في هذا الوقت!خرج الشيخ مغضبا ,وبدا عليه الكدر وتعكر مزاجه ,وعاد الى مضارب العشيرة ,ثم توجه الى حيث الرعاة في البرية وجلس يتامل الأفق البعيد والسماء الزرقاء والأغنام السارحة وهي تبحث عن الكلأ.

جاءه راع مقرب وسأله عن الأمر ,وسبب الكدر؟قال الشيخ لقد ذهبت الى فلان الراعي خاطبا إبنته لكنه رفض طلبي دون أن أدرك سببا لرفضه,قال له الراعي المقرب ,ياشيخ عونك ساذهب الى رفيقي, وأعود إليك وقد إستجاب لطلبك ,وتعجب الشيخ ,كيف ذلك؟يستجيب لراع ويرفض شيخه!

ذهب الراعي الى الراعي ,وتلقاه بالأحضان ,وأجلسه في أرفع مكان وقدم له الطعام والشراب ,وطلب إليه أن لايتعجل في طلب حاجته قبل أن يهنا بمجلسه وطعامه,لكن الراعي قال للراعي ,جئتك طالبا يد إبنتك للشيخ فلان الفلاني,وهنا تهللت أسارير الراعي والد البنت,وقال إبشر والله لا أردك خائبا ولاتذهب حتى (أكبعها ) وتاخذها معك ,والتكبيع هو وضع الخمار أو مايوضع من غطاء على رأس العروس ,ووجهها المملوح عند البدو,ولكن الراعي الخاطب قال لرفيقه والد البنت ,ساعود الى شيخي وأخبره الخبر ,لتكون زفة عرس ماسمعت العرب بمثلها.

عاد الراعي الى شيخه وبلغه بالخبر السار ,ليزداد الشيخ كدرا وقهرا وكبتا ,وصرخ في وجه رسوله,سوّد الله وجهك,يردني خائبا وأنا الشيخ ,ويكرمك وأنت الراعي ! لا والله ,ولو بقيت هي ومضت كل النساء ماتزوجتها.

يقول لك ضابط المرور,حين يستولي على إجازة السوق,أو حين يحجزك من أجل إفراغ جيوبك وإجبارك على أن ترشيه,لو يجي الله ما أخرجتك من الحجز ,ثم بعد قليل يقول لك إذهب ,بمجرد ان تضع في يديه مالا حراما ,أو حين يأتيه عريف شرطة يتوسط لديه ,أو حين يامره من هو سيده في الوظيفة.

وهكذا غالب الناس حين تطلب إليه حاجة ويقول ,لا أعطيها لو يجي الله ,لكنه يعطيها لأتفه الناس,هذا هو المزاج الحاد والإستهتار بالقيم ,وهذا هو نفاق الناس,في كل مكان وزمان,ولا حول ولاقوة إلا بالله.