أصبح بشر اليوم يتمتع بدماغ عالمي بفضل شبكات الإتصال السريعة , وشركات المعلومات المعاصرة , وعلى رأسها (غوغل) , التي جعلت البشرية في أصقاع الدنيا على مقربة من ذخائر المعلومات والثقافات والأفكار.
فإنسكلوبيديا المعارف والعلوم صارت في تلافيف الأدمغة البشرية , وهذا ينذر بأجيال جديدة تختلف عن جميع الأجيال التي سبقتها .
فأينما تذهب تجد العالم متصاغرا ومركزا في جهاز تضعه في جيبك , ومن خلاله يمكنك أن تسوح في متاحف الدنيا , وأرشيفاتها المعلوماتية ومكتباتها الثرية , وتشاهد الحياة في كل مكان , وأنى شئت , لأن كاميرات التصوير تنقل الصور الحية , بل إستطاعت أن تجعلك ترى بيتك وما حوله وأنت بعيد عنه آلاف الأميال.
وفي هذا الخضم المعرفي الفياض تجد مجتمعات عديدة تحاول أن تنكر الحقيقة , وتمعن في الإندساس في جحور الظلماء , وكأنها لا تريد أن تقر بعالمية الدماغ البشري , وتسعى لإعمائه وتقنينه ووضعه في علب مغلقة , فتحرمه من إرادة التمتع بالحياة , لتغريه بأن الموت خير له منها , وفيه تكون الحياة.
والمجتمعات المتأخرة عموما , ترزخ تحت وطأة التوجهات المنحرفة المناهضة لإرادة وطبيعة العصر , فتجدها منهمكة في إثارة التفاعلات السلبية , وتمزيق وجودها , والتطلع نحو التصارع والفناء.
وفي جوهر ما تقوم به , أنها كمَن يحاول أن يمنع أشعة الشمس المعرفية بغربال الجهل والضلال , ذلك أن طاقات تدفق الأنوار أقوى من أي مانع وجدار , وقدرة على التمترس داخل أصلد الصناديق والأتراس.
ولهذا فأن عليها أن تقرّ بضرورة الإذعان لأنوار المعرفة , وتحرير رؤوسها من آليات الممانعة والإندحار , والسعي للتبرير والغش والإختفاء والخداع.
فلا عاصم من طوفان المعارف والعلوم!!