• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : التعليم حق من الحقوق الاساسية الواجبة للمواطن .
                          • الكاتب : سعديه العبود .

التعليم حق من الحقوق الاساسية الواجبة للمواطن


وقف الزبون امام احد الافران وطلب من صاحب الفرن ان يبعه عشر ارغفة وكذلك عشرون رغيف كلا على حدة .التبس الامر على البائع وقال وكيف ذلك انا ابيع كل ثماني ارغفة بألف دينار وانت تطلب عشرة وهذا لا يمكن حسابه ,تدخل الزبائن بالاحتساب لمساعدة البائع ولكنه لم يستوعب الامر لأنه يفقه فقط (كل ثمانية بألف )وتحت الاقناع والملحة لم يفلح الزبون وقبل بما يفقهه صاحب الفرن واشترى كما يريد صاحب الفرن.
كثيرة هي المواقف التي نصادفها يوميا من شباب اعمارهم بين العشرون والثلاثون عاما لا يعرفون القراءة والكتابة ,وحتى ابسط العمليات الحسابية الاربعة (الجمع والطرح والضرب والقسمة )وقد يعرف  البعض القراءة والكتابة في  مستواها المبتدئ للمراحل الاولى من الدراسة الابتدائية ,وهذه المعرفة البسيطة مكنته  استخدام  النت مع استخدامه لتعابير ومفردات سيئة يرافقها املاء اسوء .ويكمن ذلك في عدم المطالعة والقراءة حتى  قراءة للقرآن الكريم .
لا يخفي على الكثيرين ان العراق سجل يوما رقما قياسيا في التعليم وخاصة عندما انتهج مبدأ التعليم الالزامي للصغار ومكافحة الامية للكبار في اعقاب السبعينيات وبداية الثمانينات ,حتى كان رب الاسرة يعاقب بالحبس في حالة عدم التحاق اسرته بالتعليم سواء في المدارس الابتدائية اوفي مراكز محو الامية ,وتم فتح مدارس في اعماق الريف وفي البادية ,وكان الحصول على الشهادة الابتدائية امراً لا مفر منه .
ولكن عندما بدأت الحروب وما اعقبها من نتائج من غياب رب الاسرة او فقده ,حرم الطفل من اهم مصدر من مصادر الردع والتهذيب وكان السبب في دفعه الى الانحراف (فقد يمنع الجد او الجدة محاسبة الطفل لأنه يتيم )والتضخم الاقتصادي الذي حصل وخاصة بعد حرب الخليج الثانية سببت ضغوط على رب الاسرة .فقد كان رب الاسرة يواجه طلبات كبيرة من العائلة يقابلها مورد ضئيل ,حتى وصل الامر بأن لا يغطي ابسط متطلبات الحياة اليومية, فقد  كان راتب الشهر الواحد يعادل  ما قيمته طبقة بيض واحدة .فكان اول امري اجبر به اسرته هو التنازل عن التعليم .هذه الامور ساهمت في تسرب اعداد كبيرة من الاطفال وامتهنوا مهن بسيطة اغلبها لا تتجاوز بيع اكياس النايلون في التقاطعات ,او بيع علب السكائر . ونجد ان  ايرادات العائلة بأجمعها لا يسد متطلباتهم الاساسية ,لانهم يمارسون اعمالا بسيطة وغير انتاجية ,وهذه الاعمال مرهونة بتقلبات الاسعار التي قضت حتى على راس المال البسيط الذي يتعاملون به ,نتيجة التضخم السريع في الاسعار.
عند تغيير الوضع بعد احداث 2003 لم يحصل التغيير الاقتصادي المنشود او النمو في معدلات دخل الاسرة وخاصة تلك التي لم يتعلم ابناؤها ,مما جعلهم يشكلون طاقة بشرية ,غير مستثمرة لان سوق العمل يبحث عن المعرفة والتعليم والتخصص وهم حرموا منه ,وهذا ما ساعد على استغلالهم للقيام بجرائم مزقت المجتمع , فقد كان مروجوا الجريمة ينمون فيهم الرغبة في تقليد المسؤولين حيث يلقبوهم بألقاب رنانة ويمنحوهم رتب مقترنة بحجم العمل الاجرامي الذي يكلفون به ,مع تسليمهم سيارات فارهة, ويجعلوهم ويحلمون بمناصب عالية وزيجات راقية للدرجة التي تجعلهم لا يفكرون ابدا بالعيش بمستوى واقعهم واصبح هاجسهم تحقيق الاحلام الموعودة .مع العلم ان كل ما يمنحوه لهم هو مبالغ بسيطة لا تسد احتياجاتهم الاساسية.
ويمكن متابعة منفذي الجريمة في البرامج التي تقدم ,تجدهم من اولئك العاطلين .وحتى في السجون تجد ان نسبة السجناء الاميين تفوق اضعاف مضاعفة من نسبة السجناء المتعلمين الذين يسجنون على الاغلب للسبب ذاته (معالجة نقص التعليم او المستوى الاقتصادي )حيث يكون السبب اما تزوير شهادة او رشوة او اسباب اخرى .كل هذه الجرائم والرذائل سببها الجهل وعدم التعليم .
ونحن على ابواب عام دراسي جديد مع وجود انفجار سكاني كبير ونسبة عالية من السكان دون سن العمل ,يتوجب القيام بتهيئة اماكن لاستيعاب الطلبة خاصة وان هناك خريجون بمختلف التخصصات والمستويات التعليمية ,اي ان الموضوع لا يعد عدم وجود معلمين ,بل في عدم تهيئة اماكن لاستيعاب الاميين  ولغاية سن العمل ,وسن قانون لمنع تسرب الاطفال ,مع التفكير بإيجاد فرص لتأهيل من هم في سن العمل ,للتعليم في المدارس المهنية  لمنحهم تخصصات تساهم في جعلهم افراد يساهمون في بناء الوطن والاقتصاد ,بدءً من خريجي الابتدائية ,ممن فوتت عليهم فرص التعليم .لغرض عدم جعلهم لقمة سائغة بيد الارهاب ,فالجاني الحقيقي هم اصحاب القرار ممن لم يفكروا في مصير هذا الجيش من العاطلين .
سعدية العبود
30|اب |2014
 
 




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=50616
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2014 / 09 / 06
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 03 / 28