• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : أخبار وتقارير .
              • القسم الفرعي : أخبار وتقارير .
                    • الموضوع : تقرير : ناجون من مذبحة «سبايكر» يتحدثون عن «خيانة» .

تقرير : ناجون من مذبحة «سبايكر» يتحدثون عن «خيانة»

 لا أحد يثير الشك في الحقيقة المفزعة التي مؤداها أن مجندي الجيش العراقي اقتيدوا إلى خارج قاعدتهم عزلاً وقتلوا بالمئات برصاص مقاتلي تنظيم داعش، ودفنوا في مقابر جماعية في مذبحة تفاخر بها مؤيدو التنظيم على شبكة الإنترنت.
وكانت المذبحة المرتكبة خارج قاعدة «سبايكر» الجوية قرب تكريت عاصمة محافظة صلاح الدين وسط العراق في شهر يونيو الماضي غير مسبوقة حتى بمقاييس 10 سنوات من الحرب الطائفية في العراق.
وفجرت حالة ذعر في البلاد وبعثت برسالة إلى العالم مفادها أن مقاتلي «داعش» هم عدو من نوع جديد يصر ليس فحسب على الاستيلاء على الأرض والاحتفاظ بها وإنما أيضا على القضاء على أعدائه من الطوائف الأخرى عندما يسقطون في أيديهم ويرى الناجون من المذبحة وأقارب القتلى أن القتلة أنفسهم ليسوا الجاني الوحيد.
فهم يلومون أيضاً الحكومة العراقية وزعماء القبائل في محافظة صلاح الدين قائلين إنهم وعدوا المجندين بممر آمن من القاعدة لكن سمحوا باقتيادهم إلى حتفهم.
ويشكك المسؤولون العراقيون في ذلك، مؤكدين أنه لم يكن هناك وعد بممر آمن وأن المجندين تركوا القاعدة الآمنة على الرغم من صدور أوامر لهم بالبقاء.
وقال الجندي حسن خليل الناجي من المذبحة، حين مثل دور ميت واختبأ تحت جثة أحد زملائه، لوكالة «رويترز» في منزله بالديوانية جنوب بغداد «قادتنا هم السبب وراء أعمال القتل.
أجبرونا على ترك سبايكر وأكدوا لنا أن الطريق آمن وأن القبائل تحرسه وطلبوا منا ألا نرتدي الزي العسكري باعونا للدولة الإسلامية».
وقال جندي آخر هو محمد حمود للوكالة في الديوانية أيضاً «إنني ألوم قبائل صلاح الدين وقادتنا العسكريين» وأضاف «لو كان معنا سلاح لما استطاع أحد أن يستولي على سبايكر أو تكريت أو كل الأماكن القريبة منها كنا أربعة آلاف ولم يكن ممكنا أن تواجهنا قوة لكن تم بيعنا وخداعنا».
وكان حمود ضمن 1500 مجند انتهى تدريبهم الأساسي ولم يتسلموا بنادق بعد وتم إرسالهم إلى القاعدة لإعادة التجمع فيها بعدما وردت أنباء زحف «داعش» في شمال العراق انطلاقاً من الموصل عاصمة محافظة نينوى.
وحين وصلوا إلى «سبايكر» وجدوا مخازنها خاوية من أسلحة وأدركوا أنهم سيكونون عزلاً أمام مسلحي التنظيم.
ويتركز كثير من الجدل على دور القائد العسكري هناك اللواء الركن علي جاسم الفريجي ومساعديه في ذلك.
وذكر خليل وحمود وجندي ثالث تحدث إلى «رويترز» أيضاً أنهم أبلغوا المجندين بأنهم نالوا إجازة لمدة 15 يوماً.
وبعد فشل جهود لإجلاء القوات من القاعدة بقافلة سيارات أو بطائرات، أعلن الفريجي أنه تم التوصل إلى اتفاق لفتح ممر آمن إلى سامراء جنوباً، ورآه المجندون لآخر مرة صباح يوم المذبحة وذكر التلفزيون العراقي الرسمي أنه بقي في منطقة تكريت وكان يقود القتال في موقع آخر.
ودفع الفريجي بأن روايات المجندين الناجون وأقارب الضحايا غير دقيقة: المجندون لم يتلقوا أي عرض بممر آمن ولم يطلب منهم أحد على الإطلاق أن يتركوا القاعدة.
وقال في مجلس النواب إن الحكومة أرسلت قوات خاصة إلى المنطقة، لحماية المحاصرين لكنهم خرجوا من القاعدة عنوة.
وقال حمود إن رجال القبائل دخلوا القاعدة يوم 12 يونيو وكان أغلب المجندين خائفين لكن القبائل طمأنتهم بأنهم تحت حمايتها وذاهبون إلى سامراء وأضاف أنهم اصطفوا في طابور طويل خارج القاعدة.
وساروا على طريق المرور السريع إلى تكريت وأدركوا «الخدعة» حين وصلوا إلى جامعة تكريت، وصدرت الأوامر لهم بأن ينبطحوا ووجوههم إلى الأرض ووضعت القيود في أيديهم.
و«كل من حاول التحرك أو رفع رأسه أُطلقت عليه النار».
ثم تم تسليمهم إلى مسلحي «داعش» الذين قادوهم لمسافة 20 كيلومترا إلى ساحة قصر رئيس النظام العراقي السابق الراحل صدام حسين القديم حيث عُصبت أعينهم وأُعدموا.
وزعم أنه رأى امرأة تقترب وكان يأمل أن توبخ المسلحين لكنها شجعتهم وامتدحتهم وطلبت منهم ألا يتركوا أيا منهم على قيد الحياة.
كما رأى أطفالا يتجمعون والسيارات تقف للفرجة وهلل آخرون عند رؤية الجنود المحتجزين.
واستولى المسلحون على أحذية وجوارب وخواتم ومحافظ وبطاقات هويات الجنود واطلقوا النار على كل من أخفى متعلقات ثمينة وأضاف أن جندياً كان يرقد بجواره قتل لأنه حاول إخفاء خاتمه.
وقبض السكان المحليون على الجنود الذين حاولوا الاختباء في المنطقة وقال «كان هناك أكثر من 800 في قاعة كبيرة بلا ماء أو طعام.
كانوا يسكبون الماء فوقنا ويضحكون حين نفتح أفواهنا لالتقاط قطرات الماء» وأضاف «قسموا المحتجزين إلى مجموعات تضم كل منها عشرة جنود وكان المحققون يسألون كلاً منهم عن رتبته واسم وحدته، ويقيدون كل شخص يقتادونه ويضعون عصابة على عينيه ثم يعطوه شربة ماء ثم سمعنا صيحة ’الله اكبر’ وطلقات الرصاص».
وبقي حمود في قبضة المسلحين 11 يوماً استطاع خلالها إقناعهم بأنه بدوي سني لكنه رأى شقيقه ومئات آخرين يقتادون إلى خارج مكان احتجازهم ليقتلوا.
وذكر أن مجموعته ضمت شقيقه كامل وأربعة من أقاربه، ولما جاء دوره ليقف ويقتاد إلى حتفه تحدث بلهجة بدوية وطلب أن يشرب.
وحين سئل عن مسقط رأسه كذب وادعى أنه ينتمي لقبيلة شمر الكبيرة التي تضم سنة وشيعة اسمه بندر وأنه من بلدة بيجي جنوب تكريت فأُخرج من الصف وقال «قيدوني ووضعوا العصابة على عيني وسمحوا لي بالجلوس وحينئذ، لم أفكر في أخي وأقاربي وآمل في أنهم تمكنوا من الهرب».
وعند الفجر توقفت طلقات الرصاص ولم يتبق في المكان سوى 20 شخصاً وباشر رجل بدا أنه يتحدث بلهجة سعودية التحقيق للتأكد من أنهم سنة بالفعل.
وبعد استجواب سريع، قتل كل من اعتقد المحققون أنه كاذب وتقلص عدد الأحياء إلى 11 جندياً وبعد بضعة أيام، أصاب صاروخ القصر وسقطت الثريا في غرفة الاحتجاز وحاول رجلان الفرار.
تمكن حمود من إرخاء قيوده وشاهد مقتلهما من النافذة فأعاد إحكام القيد على يديه من جديد وفي اليوم العاشر من الأسر ذكر مقاتل أنه سيتم إطلاق سراحهم.
وقال له أحد الحراس «أنت أيها البدوي قل لأهلك إننا لا نؤذي السنة ونحن نعطيكم غذاء جيدا وماء وكل ما تحتاجونه» وفي اليوم التالي اصطحب المقاتلون 6 جنود إلى منزل حيث اخضعوا لتحقيق أخير.
وتابع «سألوني إذا كنت أصلي فقلت: لا قال أحد المحققي: خذوه ليتعلم الصلاة، فقاموا بجري لأنني لم أكن أقوى على المشي وانهالوا علي ضرباً».
ونقلت سيارة المجموعة الباقية نقطة تفتيش قريبة واعطوهم رقم هاتف للاتصال إذا ما صادفتهم أي نقطة تفتيش للتنظيم.
واتجه الأحد عشر إلى قرية قريبة، حيث يوجد أصدقاء لأحد الجنود، وأقاموا في مزرعة واتصل رفاقة بذويهم ولكنه لم يفعل لأنه كان يخشى رد فعل الجنود الآخرين السنة إذا ما افتضح أمره وانكشف أنه شيعي وأعرب عن اعتقاده بأنهم كانوا يتساءلون عن سبب امتناعه عن الاتصال بذويه.
وذكر أنه سمع صاحب المزرعة يتحدث عنه مع الآخرين قائلاً «أعتقد أن بندر شيعي وليس سنيا ولكن، سأحميه أكثر مما أحمي أبنائي».
وفي اليوم التالي اعترف له للمزارع بأنه شيعي واتصل هو بوالده فطلب أن يتحدث مع المزارع الذي قال له «سأحميه واعتبره أحد أبنائي» وقال حمود «لا أزال أفكر: هل كان هذا حلماً؟ أم حقيقة؟ هل ما زلت حقاً على قيد الحياة؟».
ووعد القادة السياسيون، بإجراء تحقيق لكن أقارب الضحايا يقولون إنهم لا يثقون بأن النخبة السياسية ستقدم وصفاً حقيقيا للأحداث قد يظهر المسؤولين وزعماء القبائل بأنهم غير أكفاء في أحسن الأحوال أو متواطئين في القتل الجماعي.
ولدى الحكومة العراقية قائمة طويلة من التحقيقات في قضايا ثار حولها الجدل وظلت طي الملفات وقال مستشار الأمن الوطني العراقي موفق الربيعي، النائب حالياً، «لا أحد يقول حقيقة ما يجري العائلات تحتاج إلى إجابات واضحة صعب جداً أن نعبر الهوة بين الرؤيتين في هذه القصة».
(الديوانية (العراق) - رويترز)




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=50675
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2014 / 09 / 07
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 03 / 28