هل تذكرين ياأماه؟
في الصيف عند السطح سماؤنا نقية كأنها الزجاج وأنتِ تسردين لي حكايةً عن طفلة سمراء كحنطة الجنوب لونها,تملك كالليل جدائل, قد سبقت أقرانها في المشي ,والنطق الصحيح ,فكل من هُم في سنها ,يقوون حين يكملون عاماً كاملاً من عمرهم الا هي فأنها قد قويت ومشيت وركضت قبل بلوغ الشهر التاسع من عمرها ,أقرانها يبعثرون الحرف الواحد في النطق والكلام ,أما هي قد, اتقنت كيف تصُّف الأحرف ,كي تخرج فتخرج بأحلى منطق..
أوآه.....أوآه.
أسألك انا بكل شوق الاطفال , سذاجهم وعبثهم ,
أماه ياأماه .....هل تقصدين أنني تلك هي؟
لاياأبنتي تلك هي,لاأنكِ,بل انها تشبهكِ في كل شيء زاهر.
كم كان مقدار جمالها أماه ...ياأماه؟
جداً,كثيراً كان جمالها , لكنها أنى لها أن تقرب من زهوكِ,وشكلكِ,أو ان يفوح منها عطر كعطركِ.
لكنني لست بتلك الشقراء,ولم تكُ عينيَ بلونٍ أخضر او أزرق
ويحكِ كم تكثرين في السؤال,عيناكِ أروع مافي الكون من عيون .
يعني اذاًحبكِ لي أعظم بل أكبر من كل هذا الكون؟
أيـــــــــه.....حبيبتي كم تكثرين في السؤال؟!
بحق حبك وصدقك غنيلي تلك الأغنية..... ياأماه.....
(آخذلج جاكيت كديفة ,أخذلج تراجي بأذنج,آخذلك معضد يإيدج,آخذلج جاكيت كديفة),
اتذكرين أماه حبيبتي كم كنت أهوى الجاكيت القديفة؟ ولونه الأحمر القاني ,وكم حلمت بتراجي ومعاضد وأنتِ تغنين لي تلك الكلمات؟ .
أية أحلام حلوة وعذبة وسهلة كنا نحلمها؟....
الآن ياأماه قد غادرت أحلامنا مخيلة الأطفال كل الأطفال ,بل ان اطفالنا قد غادروا الاحلام فماعادوا يسمعون حلو الاغاني .
الفرح قد صار بعيدا عن قلوب الأمهات ,ماعادت الأم تحلم كي ُتلِبس فلذات أكبادها جاكيت قديفة أو تراجي أو معاضد بقدر ما صارت تحلم وتمني النفس ان يعودوا اليها وهم سالمون لن تطلهم شظايا ,ولن تنثرهم مفخخات,ولن تختطفهم عصابات..
جلود أطفالنا تخاف ان تحلم بالقديفة ,لأن القذيفة أحتلت تفكيرهم وصارت تطاردهم أينما حلوا , حتى اللون الاحمر ذاك الذي كم انتظروه كي يرتدونه في الأعياد ,بات مرعباً , فالشوارع قد فاضت به والأرصفة غاصت به ,كل محال اللعب دُمرت ياأماه ,غارت علينا وحوش الغاب في جنح الظلام وفي وضح النهار...
اما آذانهم فما عادت بحاجة الى أقراط من ذهب او فضة أنها أستبدلت الحُلي والاكسسوارات بشيء آخر بات رخيصاً ,ومتوفراً ,بشكل مُبكي ياأُمــــــاه.
ألم تصلك أخباره ياأماه ,كيف لم تصلك,لقد قيل لي ان كل من دفنوا بقرب قبرك كانواحصاداً للتفجير ,والقتل الحقير,جاؤؤنا يااماه بكل مايدمر الحياة والطفولة,تفننوا كي ينثروا رؤؤسنا , ,كم قاسيٌ حين تُستبدل الانفجارات الغادرة الحقيرة ,بدلاً من الأقراط في الآذان؟
والمعاضد تسألين عنها ياأماه؟ أية معاضد تلك التي يحلمون بها؟ ايديهم الآن لم تعد تصلح للتزين والنعومة,فهي الان تصبح على الاستجداء وتغفو عليه,..
تلك هي الطفولة الآن.... انها رحلت كي تنام عند أطفال الذوات ,ذوات اليوم من مافيات وعصابات جاءت كي تنهب مالذ لها وماطاب وعلى مرأى كل العالمين وبمباركة الحيتان الكبيرة.
|