• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : حامي حمى السنة .
                          • الكاتب : عبد الزهره الطالقاني .

حامي حمى السنة

 يبدو أن الرئيس الأمريكي اوباما يزن الأمور بميزان طائفي ، مثل اي من دعاة الطائفية ، سواء كان في سوريا أو العراق ، أو في أي مكان يعتبرون فيه المكون الاخر عدوهم الأول .. هكذا أصبحت الامور ، وإلا بماذا نفسر قول أوباما بأن "الأقلية السنية في العراق ، والأكثرية السنية في سوريا شعرت بعدم الرضا عن حكوماتها" ، ما شكل أرضية خصبة "للمجاهدين" .. هكذا يسميهم الرئيس الأمريكي ، ولا يطلق عليهم أسم المجرمين .. وربما كانت هذه من فبركات المترجم ، الرئيس الأمريكي الذي حسب ما يبدو اصبح مقلدا للقرضاوي ، اغفل ما تتعرض له المدن العراقية من قتل ودمار ، منذ سقوط الصنم عام 2003 ودخول قوات الاحتلال إلى العراق وحتى ساعة اعداد هذا المقال .. يتساقط العشرات يومياً مضرجين بدمائهم ،  نتيجة المفخخات والاجساد العفنة التي تصنع وتغذى وتمد بالمال والرجال من دول لا تريد خيرا للعراق لاسباب طائفية ، وينفذها مجرمون معروفون بانتمائهم الطائفي والعشائري ، ولا أحد من انجب داعش ، ومن انجب القاعدة المجرمة ، ومن انجب التنظيمات المسلحة التي ارتكبت ابشع الجرائم ضد ابناء العراق من شماله إلى جنوبه . ومن انجب بن لادن ،  والزرقاوي ، والظواهري ، وابو قتادة ، والمقدسي ، والبغدادي ، وغيرهم من مجرمي التطرف والتكفير .. واليوم يتغاضى اوباما عن كل الدماء التي سالت منذ عام 2003 في الكاظمية والشعلة ومدينة الصدر وكربلاء المقدسة والنجف الأشرف والحلة الفيحاء والبصرة وواسط وميسان وذي قار والمناطق الاخرى في  محافظة صلاح الدين ، الدجيل وبلد ، وبعض الأقضية في كركوك والموصل ،  والتركمان في طوز خرماتو وقرتبه وآمرلي وقرية بشير التي استهدفت مئات المرات ، وتلعفر والحمدانية وسهل نينوى وغيرها .. إضافة إلى التهجير الطائفي القصري لمئات الآلاف من الذين ينتمون الى المكونات الاكثر قبولا للاخر ، والاكثر ميلا الى السلام والتآلف ، من مناطق سكناهم .. هذه الأفعال الدنيئة لم تهز شارب اوباما كونه لا يمتلك شارباً اصلا .. واليوم يقف بلا حياء ليقول في تصريح صحفي : أن وجود داعش في العراق وسوريا هو سبب عدم رضا السنة عن حكومتي البلدين ، مبررا التحالفات المشبوهة مع التنظيمات المجرمة على انها ردة فعل ، فهو لا يهاجم من وقف مع داعش  لاسباب طائفية ، ولا يهاجم القاعدة لأنها تنظيم طائفي ، ولا يهاجم الفكر التكفيري الذي ينتمي الى فتاوى علماء طائفيين متشددين ، ولا يريد ان يعرف ان الذي فجر برجي التجارة في نيويورك انما ينتمي الى فكر تكفيري طائفي ، بل يطالب الاخر الذي يمثل الاكثرية الذين سُبيت مدنهم ورُحلوا عنها ، وقُتل ابناؤهم بأن يكونوا أكثر عدلا .. اوباما الذي اغفل عن عمد ، او ربما جهل ، ما تتعرض له الأكثرية الشيعية في البحرين ،  والأقلية الشيعية في السعودية ، واستهدافهم في الباكستان وافغانستان وبعض البلاد العربية ، وكأنهم مواطنين من الدرجة الثانية ، أو انهم آخر من ينظر إليهم ، حتى عندما يقفون للدفاع عن بلدهم ووجودهم وكيانهم ومعتقداتهم وحرياتهم ، وكل هذه كفلتها الدساتير والتشريعات والمواثيق الدولية ، بما فيها الإعلان العالمي لحقوق الانسان . اذن لابد من وزن الأمور بميزان الحقيقة ، وكفى هذا التخبط في تحليل المواقف في الشرق الأوسط .. وكفى هذه النزعات العرقية والطائفية ، فأوباما ، مثل أي طائفي في العراق يعادي إيران ، ويعادي أي توجه لضمان حقوق الاكثرية أينما كانوا ، حتى في بلدهم العراق الذين يمثلون فيه الأغلبية الغالبة .. إن تصريح اوباما الأخير يعيد إلى الاذهان وجه امريكا القبيح الذي حاولنا طوال سنوات التغيير أن نجمله بمساحيق السياسة التجميلية ، بعد أن اسهمت في اسقاط النظام الصدامي المجرم ، ويبدو انها اليوم نادمة على مافعلت ، فلو كان صدام موجوداً في الحكم لأقدمت على دعمه ، حتى لا يضعف أمام إيران ، ولتجاهلت ما يحدث ، وما يمارس ضد الغالبية من الشعب العراقي كما حدث بعد انتفاضة شعبنا عام 1991 حيث جرت عملية إبادة متعمدة للشيعة ، ولم يصدر من امريكا وإلى اليوم بيان واحد يدين تلك الجرائم ، مع انها شاهد عليها .. كيف ينبغي لنا ان نصف امريكا بأنها دولة صديقة ، ورئيسها بهذه العقلية الطائفية وقادتها يقدمون خرائط متعددة لبلد واحد ، يريدونه مجزءاً حتى لا يحمل سر قوته معه .. إن الجرائم التي ترتكب يومياً في مدن الوسط والجنوب ، ومناطق التركمان والشبك لم تُثر انتباه اوباما ليرى الحقيقة بأم عينيه ، بل اكتفى بما قال له طارق الهاشمي بأن المكون الذي ينتمي اليه مهمشون في العراق وقضيّ الامر الذي فيه يستفتيان .
 
 




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=50856
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2014 / 09 / 12
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 03 / 28