مثلما تفترس الأسود الغزلان في الغاب , يتحقق إفتراس الدول العربية الواحدة بعد الأخرى من قبل أسود الحضارة الشرسة المعاصرة!!
لا يوجد صراع حضارات وإنما محق حضاري للمجتمعات الضعيفة المتأخرة عن ركب العصر , ذلك أن الصراع يكون بين القوى المتكافئة , أما المحق فيكون بين القوي والضعيف , وما دامت مجتمعاتنا ضعيفة فأنها تحت طائلة المحق الحضاري المروّع , وهذا ما يفسر ما يحصل في العراق وسوريا وليبيا واليمن وغيرها من دولنا , التي ستقع فيها الواقعة لاحقا.
ومابقيَت مجتمعاتنا لا تدرك قواعد اللعبة وقوانينها السارية المفعول عليها , فأنها ستساهم بزيادة سرعة المحق القائم فيها , أي أنها تتحول إلى طاقات سلبية تمحق ذاتها وموضوعها.
وهذا واضح وفعّال في دول ترنحت تحت ضربات مطرقة المحق الحضاري العظيم , في سلسلة من التفاعلات الفتاكة ذات القدرات الذاتية التدميرية العالية والمتواصلة , الساعية لإزالة معالم الهوية ودلالات المسيرة التأريخية في المكان.
فالمحق الحضاري اليوم ما عاد بحاجة لجيوش جرّارة وخسائر كبيرة في الطرف الماحق , ذلك أن من اليسير برمجة الأدمغة وتأجيج النفوس وفقا لخطط وبرامج إمحاقية , تؤهل عناصر الهدف للتحول إلى عوامل فاعلة , ومتمكنة من تحقيق آليات الإمحاق الذاتي , وبديمومة متنامية وإشتداد متفاقم.
وفي مجتمعاتنا تأهلت الآلاف من العناصر لإنجاز هذا الهدف , عن قصد أو غيره , وعن وعي أو لا وعي , لكنها تقوم بدور فظيع في تنمية زخم المحق الحضاري الفتاك في المجتمع , ولا تريد أن تتصور بأنها قد تحولت إلى دمى ووسائل لتحقيق أهداف الآخرين , الذين تحسبهم أعداءً لها , لكنها تنكر أن ما تقوم به يصب في مصلحتهم.
هذه العناصر تم إختيارها وفقا لحسابات معلومة ومدروسة توصِل إلى الأهداف المرسومة , على خرائط المحق والإفتراس التي يتم تطبيقها بحذافيرها وفقا لمستحقات زمنية وإتلافية مقدرة ومفهومة , وكما تستلزم الآليات والتطورات وحيثيات صناعة الأحداث والتداعيات , وما يغذي ما في هذه العناصر التي تسنمت قيادة قافلة الضياع والإنهيار والفساد والفناء.
وعليه يتم تمييع الوطن وتضييعه , وتحويله إلى كرسي وغنائم وأرصدة في البنوك الأجنبية , وممتلكات وقصور في الدول الأخرى , وتحضير شخصي وعائلي للهزيمة بعد تنفيذ المهمة , وإسقاط الوطن في بالوعة الفناء الحتمي.
هذه حقيقة ما يجري ويدور في المجتمعات التي تفاقمت فيها التفاعلات تحت شعارات الحرية والديمقراطية , وتلك إرادة أبنائها المُستلبة المُسخرة للفتك بهم ومَحقهم عن بكرة أبيهم , ومَن لا يصدق فأنه لماحق وممحوق.
ترى وفقا للإرادات المُفترسة , هل سنقرأ الفاتحة على بلاد العرب أوطاني , وتلك حقيقة قاسية فاعلة قاتلة ربما ستحيلنا إلى عصف مأكول؟!! |