• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : التكفير في القرن 21 .
                          • الكاتب : وسام الرازقي .

التكفير في القرن 21

 لماذا ترفض بعض الفرق الاسلامية الاعتراف بباقي المذاهب الاسلامية، بل وتدعو جهارا نهارا الى قتل اتباع هذه المذاهب وتخليص الاسلام منهم؟، سؤال طالما قفز الى الاذهان وأنا اتابع الاخبار والصور والافلام الدموية لـ «داعش» وباقي الجماعات التكفيرية، وهي تقتل بهذا الشكل الوحشي المسلمين تحت ذرائع شتى وفي مقدمتها الشرك والبدع والضلال. للأسف ان تنظيم القاعدة وداعش وباقي الجماعات التكفيرية، تجاوزت نطاق الاختلاف النظري مع باقي المذاهب الاسلامية، الى الممارسة العملية المتمثلة بقتل كل من يخالفها في عقيدتها، كفريضة دينية ملزمة، وهو ما يبرر كل هذا التفاخر بقطع الرؤوس والتمثيل بالجثث ودفن الناس احياء وتهديم مراقد الانبياء والصحابة والاولياء، والتهديد بقتل آلالاف من الناس من اتباع المذاهب الأخرى وتهجيرهم عن ديارهم، وتنفيذ هذه التهديدات كلما سنحت الفرصة، كما رأينا في سوريا والعراق ولبنان.

لو افترضنا ان الوهابية التي تدين بها كافة المجموعات الإرهابية كعقيدة، هي فكرة صحيحة وان معتنقيها هم من «الفئة الناجية»، ترى هل يحق لأتباع هذا المذهب ان يحملوا الناس على اتباع مذهبهم بحد السيف؟، وهل يمكن اقناع الناس بهذا المذهب «الناجي» بهذا الشكل العنيف والقاسي؟، وهل يمكن ونحن نعيش القرن الحادي والعشرين، ان نقنع الناس بالسيف بفكرة او عقيدة؟، من الممكن ان نصنع قالباً لشيء مادي نستنسخ منه الملايين، او ان نستنسخ ملايين النسخ لورقة كتبت عليها فكرة ما، ولكن هل يمكن استخدام هذه الآلية مع الانسان وخاصة في القضايا العقيدية والدينية والفكرية؟
وقبل كل هذا وذاك ما الضير في وجود المذاهب في الاسلام، كما هي موجودة في الاديان السماوية الأخرى؟، ما الضير بوجود قراءات متعددة للإسلام، تعكس فهم البشر لهذا الدين العظيم، دون أن تخرج هذه القراءات عن أركان وثوابت ومبادئ الاسلام؟، ترى أي مذهب من المذاهب الاسلامية المتعددة، يمكن ان يحتكر حقيقة الاسلام ويدعي انه يمثل الاسلام كما انزل، وأنه الوحيد المتحدث الرسمي باسم هذا الدين، وان كل ما يقوله هو ما قاله الله سبحانه وتعالى وما قاله نبيه الكريم صلى الله عليه وآله وسلم، بالضبط ودون زيادة او نقصان؟، وهل المذاهب الاسلامية سوى مساع ومحاولات انسانية لفهم ودرك هذا الدين؟، هل يجوز شرعا ان يقتل بعضنا بعضاً ويكفر بعضنا بعضا، لأننا نختلف في وجهات نظر انسانية ازاء الدين؟، ومن الذي أعطانا الحق في ان نزهق ارواح مئات الآلاف بل الملايين من الناس لأنهم يختلفون معنا على فهمنا للدين؟، هل نحن انبياء او اولياء معصومون لكي نجسد ارادة السماء؟.
ان وجود الاختلاف بين الناس هو ارادة الهية وحكمة ربانية، ذكرنا بها الحق تعالى في كتابه الكريم: «ولو شاء ربك لآمن من في الأرض كلهم جميعا أفأنت تكره الناس حتى يكونوا مؤمنين»، هذه الحقيقة الازلية الابدية في طبيعة البشر، اكد عليها الله سبحانه وتعالى لنبيه الكريم ولنا وللناس جميعا، وهو يرى حزن نبيه (ص) على كفر بعض الناس وعدم ايمانهم بما نزل عليه من الحق، بل ان الله سبحانه وتعالى نهى نبيه الكريم عن استخدام الغلظة لحمل الناس على دخول الاسلام، بل على العكس تماما أمره ان يتلمس كل اساليب اللين والخطاب المنطقي في التعامل معهم، حيث يقول عز من قائل: ولو كنت فظاً غليظ القلب لانفضوا من حولك.
هناك حديث مأثور للنبي (صلى الله عليه وآله وسلم)، ذكرته كتب الحديث على اختلافها، لكنه ضُعف من قبل اصحاب الفكر الاقصائي لأنه يفسد عليهم عقيدتهم التكفيرية، حيث يقول نبي الرحمة: «اختلاف امتي رحمة»، حديث معجز لأن قائله تنبأ بما سيعانيه المسلمون من بعده، من قبل اصحاب القراءات التكفيرية والاقصائية والمتزمتة، فأراد بذلك قطع طريق احتكار الاسلام عليهم، وأراد أيضا ان يذكر المسلمين ان الإختلاف ليس دائما نقمة، بل هو في احيان كثيرة نعمة، بل وشيء صحي وحيوي للدين واتباع هذا الدين، لأنه وهو النبي الخاتم والمسدد من السماء، كان يتمنى قبل غيره ان يؤمن الناس جميعا. 



  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=51515
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2014 / 09 / 25
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 04 / 19