• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : ثقافات .
              • القسم الفرعي : ثقافات .
                    • الموضوع : غربــــــــــــ العمر ــــــة .
                          • الكاتب : عبير آل رفيع .

غربــــــــــــ العمر ــــــة

ابحر ت عبر قلمها والم حروفها لتروي لنا رحلة غربة عمرها حينما قررت والدتها وبموافقة العائلة  الهجرة ....

لايوجد منفذ لما تعانيه من اضطهاد الا الغربة , كان قرارا مؤلما ومحزنا  الا انه لابد منه بعد طول الالام والمعاناة من غربة قاتلة داخل الوطن الجريح يحمل الحزن والالم للسير في طريق الغربة فما هي الا رحلة الى عالم مجهول وغريب

    لم تكن الام  تعي مدى خطورة قرارها  ولكنها  تعي انها تسير الى  عالم مجهول يحمل الاما وهموما ومخاطر جديدة الا انه اهون من الوطن الذي لم يظلهن بظلال الرعاية والحنان , انه الهرب من غربة وطن الى  مجهول في مجهول ,,,, !!!

عزمت الام على شد الرحال  لتسبق فلذات كبدها  وتستطلع البلد الذي سيكون موطنا لها    مع اولادها

    وبعد استطلاع موضوعي درست فيه الاوضاع من جميع جهاتها فوجدت انه البديل الافضل من الوطن  فهو اكثر امنا واستقرارا وتكريما للانسان   ولذا اتصلت بعمة اولادها وابلغتها ان تجلب اكبر بناتها  زينب

ورقية برفقة خالهم واخيهم  الكبير لتبدأ رحلة الم محفوفة بالمخاطر والاهات والاحزان .

  كانت رقية فرحة للسفر وترك الوطن ومعاناتهم لأستكشاف العالم لكن زينب كانت تعي ماينتظرهم في المجهول , فدموعها تسبق عقارب الساعة  كانت تبكي ذكريات طفولة كانت تتمتع فيها بايام وسنين سعيدة في كنف اب رحوم حنون استافاءت بظل حنانه ولطفه وهي تحلم بمستقبل سعيد لها ولعائلتها الا ان القدر قد سلبها تلك السعادة وتلك الاحلام الهانئة  فودعهم بروحه وحنانه ودفئه العاطفي  وهم في امس الحاجة وسبقهم القدر اليه ليفارقوا حياة الدلال والانعزالية الذي كانت تطوقهم بها امهم ووالدهم  كي لايخالطوا  فئات المجتمع ويصيبهم سوء فلم يعلم ان حياته اقصر من ان يكمل طريق اولاده ليعبرهم بر الامان فاختطفته يد المنون  وهو في مقتبل العمر ليرحل ويتركهم يواجهون متاعب الحياة بلا حصن حصين وكنف رحيم  فساروا نحو المجهول كصغار الطيور الذين قذفتهم الريح الهوجاء بعيدا عن عشهم الجميل وهم بلا اجنحة تسعفهم على الطيران

استمر الطريق بهم ليصلوا فجرا  للمستوطن الجديد فصحت الام على رؤية بناتها  واخيها وعمة اولادها بينما بقيت البنتان الاصغر مع عمتهم الاخرى لأكمال امتحان البكلوريا للمرحلة المتوسطة .

تناظر زينب الوجوه وترى  الما وحزنا دفينا ودموعا تترقرق بعيون والدتها فقد تشتت جمعهم وتفرقت اوطانهم  واستمرت الام تعيش في احزان والام تقضي ساعات النهار بالدموع ولياليه بالتنهدات   كما جاء في المثل ((مثل العبرت ولد وخلت ولد )) ..

وكانت زينب تستجيش الذكريات بالم ودموع وحزن  انها فقدت عمرها بكل مايحمل من ذكريات وفرح والم وحزن لتبدأ مسيرة العمر من الصفر , وفي نفس يوم وصولهم كانت الام قد حددت موعد مقابلة لعمل زينب ورقية عمل يسعفهم على التغلب على مصاعب الحياة   لكنهن فوجئن   بواقع جديد لايتفاعل مع البنت الملتزمة بالزي الشرعي وكان الحرمان من العمل هو الضريبة لهذا الالتزام

انها صدمة غير متوقعة  فبدأت رحلة البحث عن عمل ولم تكن سهلة كما كانوا متوقعين وطال البحث عن العمل لشهور والام وفلذات كبدها تسكن بغرفة بفندق مع البنتين والولد الصغير ..

تعرفت الام على امراة  وسعدت بها وببناتها فسالت الامراة الام :

الامرأة : هل وجدت عمل لبناتك

الام : ياست  في البحث لكن املي بالله كبير

الامرأة : الله كريم ان الله مع الصابرين

وفي احد الايام زارتهم الامراة وسالت الام  

هل بناتك على معرفة بالخياطة

الام : زينب خياطة ورقية لا

الامراة : ممتاز .. وجدت لهم عملا في معمل خياطة الملابس الجاهزة  وهو لأحد اقربائي وتحدثت معه فاشترط ان تكون عنهن خبرة وتجربة بالخياطة

الام: الحمد لله والشكر فقد عوض صبرنا ببصيص امل  

فذهبت الام مع بناتها للمعمل لأجراء مقابلة العمل  وحينما وصلن خضعت زينب لأختبار الخياطة  لكنها لم تنجح  لأن الماكنة لم تكن كماكنة امها التي تعلمت عليها واعتادت عليها ولا حتى الملابس تشبه تلك الملابس التي تعودت ان تخيطها  فساد الحزن على الام والبنات لحظهم العاثر لكن ربنا كان معهم فصاحب العمل كان يريد مساعدتهم بناءا على طلب قريبته  ففرحت الام والبنات للعمل واتفقوا ان يبدا الدوام  باول الشهر وانتظرت الام والبنات اول الشهر بفارق الصبر وفي اول الشهر ذهبت البنات للعمل فانصدمن  بواقع

جديد لم يكن يتوقعنه  لتبدأ من جديد رحلة عذاب والام جديدة .

 هكذا هي الحياة فانها مليئة بالالام والاهات والاحزان لاتصفو لأحد فهي كالنهر في احد شواطئه التعاسة والالام والاحزان والدموع وفي الشاطئ الاخر السعادة والافراح والمسرات والهناء فمن يريد الوصول اليه يقضي العمر سابحا يصارع الامواج المتلاطمة بعيدا عن كل مرفأ .

 
 




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=5201
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2011 / 04 / 24
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 03 / 29