• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : مرض الفقر .
                          • الكاتب : حيدر حسين سويري .

مرض الفقر

    يقال: خيرُ الكلامِ ما قلَّ ودلَّ؛ ولذلك أودُ أن أعرض اليوم بحثاً، قد يكون ليس جديداً على القارئ، أو يكون هنالك من تطرق إليه، فهو بحث فلسفي، نفسي، وإجتماعي في نفس الوقت، أرغب أن أعرض رأيي فيه بإختصار ، كي لا يكون المقال مدعاة للملل.
   أرى أن جوهر الاشياء هو الخير والصلاح، ومنهما تتفرع الصحة والسلامة، وأما المرض فهو عارض يعرض على الصحة،  وله أسبابه، فهو يزول بزوال تلك الاسباب، لهذا أقول: إنَّ الأصل في الأشياء هو الغنى، من حيث الاكتفاء وعدم الحاجة إلى الغير، لكن مع وجود أسباب عديدة، وجد عارض الفقر، لذلك فهو مرض يجب علاجه وإزالت أسبابه، وذلك من خلال تشخيص تلك الأسباب، ثم وضع خطة لعلاجه وطريقة لتنفيذ تلك الخطة.
   كلامي هذا ليس إستدلالا منطقيا، وإنَّما هو رسم صورة توضيحية للموضوع، فقد قلت مسبقاً أنه رأي، وأظنهُ مقبولاً عقلاً، فنحن نرى أن أغلب الصفات الرذيلة، منشأها الفقر، كالكذب والنفاق، والحقد والحسد، والغيبة والسرقة، والذل والهوان، وقد إشتهرت مقولة(الفقر والمرض والجهل، هن امهات الرذائل)، والصراحة إنَّهن ثلاثة في واحد، فالفقر هو جهل ومرض، والمرض هو فقر وجهل، والجهل هو فقر ومرض، وذِكرُ الفقرِ وحدهُ، يغني عن ذكر الاثنين الآخرين، لأنه يمثلهما بكل وضوح.
   يقول الامام علي(عليه السلام) لإبنه محمد بن الحنفية: يابُنيَّ إني أخاف عليك الفقر، فإستعذ بالله منه، فإن الفقر، منقصة للدين، مدهشة للعقل، داعية للمقت، الفقر هو الموت الأكبر، ولو كان الفقر رجلا لقتلته. هذه المقولة لخصت تعريف الفقر وإلى ماذا يؤدي، فهو يؤدي الى الموت الأكبر!، وحسب ما أراه أنه(عليه السلام) قصد بالموت الأكبر(الإنتحار)، فليس هنالك اقسى من أن يقتل الإنسان نفسه، وإننا لو بحثنا وراء كل عملية إنتحار وأسبابها ، فلا شك أن سببها هو الفقر والحاجة.
   يقول الكاتب اللبناني محمد جواد مغنية في كتابه(فلسفة الاخلاق): لا ادري كيف نسي هذه الحقيقة من تحدث عن فضل الفقر وفضيلته، وهو يثق بعلمه، كيف نسي هذه الحقيقة، وحفظ روايات في فوائد الفقر ومنافعه؟!، وأعجب من ذاك وأغرب أن نهتم ونهضم مثل هذه الأوهام والأخطاء، ونذهل عن أثرها وخطرها، ونحن نعيش في العصر الذي هدم و زعزع العديد من المفاهيم التقليدية ؟!.
   وأخيراً أقول: إنَّ الفقر هو فايروس مرض صناعي، ولا يمكن أن يكون طبيعياً، صنعهُ الذين يقتاتون على مصائب الناس وأوجاعهم، فوجب إيجاد المصل لقتل هذا الفايروس.



  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=52499
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2014 / 10 / 18
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 04 / 19