• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : تعويضات الحرب العراقية – الإيرانية بين الرفض والتأييد .
                          • الكاتب : عماد الاخرس .

تعويضات الحرب العراقية – الإيرانية بين الرفض والتأييد

 انطلقت مؤخرا تصريحات متناقضة من بعض ساسة الدولة الإسلامية الجارة إيران حول تعويضات الحرب مع العراق والتي طال أمدها ثمانية أعوام.. منها ما هو متشدد وغير موضوعي يطالب  بألف مليار دولار والذي ورد على لسان احد أعضاء لجنة الأمن القومي واسمه ( عوض بدر )  من مجلس الشورى الإيراني والآخر موضوعي ومعتدل  لنائب رئيس اللجنة الاقتصادية في نفس المجلس ( كاظم دلخوش ) بعدم جدوى تعويضات الحرب ونصه "(( إن إيران والعراق دولتان جارتان إسلاميتان وان أعداء الدولتين كان لهم الدور في اندلاع  الحرب بينهما والتي لم يرغب بها شعب البلدين ))" .
     وللمزيد من التوضيح عن قضية التعويضات في هذه الحرب تم إعداد هذا المقال .
     لقد كانت الحرب العراقية-الإيرانية مأساة كبدت الشعبين المظلومين العراقي والإيراني خسائر كبيره لا يستحقونها  .. وكلاهما مغلوب على أمره .. الأول  ( الشعب العراقي ) وكان حينها خاضع لهيمنة نظام شمولي يتسلط عليه دكتاتور قراراته غير قابله للنقاش مطلقا أما الثاني ( الشعب الإيراني ) فيحكمه نظام إسلامي متشدد يقوده رجل دين يأمر بما تمليه عليه سياسة ولاية الفقيه وعدم جواز نقاش أي قرار يصدر منه !
     ومن الأمور البديهية بان قرار حكم الإدانة في أي صراع مسلح لا يمكن إصداره اعتمادا على شهادة من بدأ في استخدام القوه فقط بل يجب أن يؤخذ بنظر الاعتبار من هيأ الظروف الموضوعية لاستخدامها .. أي إن تحديد الجهة المعتدية ليس بمن يطلق النار أولا بل بمن خلق ظروف اللجوء لهذا الخيار.
     لقد حدثت هذه الحرب الطويلة الظالمة بعد تراكمات عقود من الخلافات بين البلدين الجارين والتي أدت إلى تغيرات نوعيه وفرت المناخ المناسب لانطلاقها ولا علاقة للشعبين بها.. وأهمها  ..
     أولا .. حكم القدر شاء بتسلط حاكمين على البلدين ( صدام وآية الله خميني ) بينهما خلافات شخصيه وأحقاد كبيره .. حيث تم طرد الثاني الذي كان  قائد معارضه إيرانيه من مقر إقامته في النجف الأشراف بعد اتفاق الأول (صدام ) رئيس الحكومة العراقية سابقاً مع شاه إيران.
    ثانيا .. المشاكل التاريخية على الأرض والمياه بين الدولتين والتي تعود إلى عقود بسبب جغرافية المنطقة والشريط الحدودي الطويل الذي يتجاوز الآلاف من الكيلومترات وكان عامل لعدم استقرار العلاقات بين أنظمتها.
     ثالثا .. نشوة الفرح والغرور التي أصيب بها البعض من قادة الثورة الإسلامية بعد قضائهم على نظام الشاه القمعي دفعهم للتفكير في تصدير إيديولوجيتها .. ومن المؤكد أن يكون التفكير بالدولة الجارة العراق أولا.. وهذه النوايا ظهرت بوضوح في بداية الثورة بالتصريحات فقط ولا أقول بالأفعال .. وهذا الموضوع بدأ يثير فزع وخوف النظام العراقي الذي يؤمن اغلب قادته وأولهم صدام بان حياتهم تتوقف عند خسارتهم السلطة . 
   رابعا .. هاجس الخوف الذي بدأت تعيشه البعض من الأنظمة العربية من نوايا الثورة الإسلامية الجديدة في التوسع والامتداد على حسابها .. وهذا الهاجس كان احد الأسباب التي دفعها للتدخل السلبي وتوجيه الدعم المعنوي للنظام العربي العراقي لإرباكها ومحاولة إشغالها وإضعافها لإبعاد خطرها عنهم.
     خامسا.. احتضان الدول الجارة إيران بعد نجاح الثورة الإسلامية للمعارضة العراقية والتي بدأت تجد إقبال متزايد من قبل العراقيين وخصوصا بعد أن زادت شراسة صدام وإعلانه الحرب ضد الأحزاب السياسية الإسلامية والعلمانية الموجودة في الساحة العراقية وبالمقابل احتضان العراق لحركة مجاهدي خلق الإيرانية المعارضة للنظام الإسلامي الإيراني وكلا المعارضتين بدأت تخلق أجواء من التوتر بين النظامين و مصدر تهديد وقلق لاستقرارهما. 
     سادسا .. الصراعات المذهبية التي بدأت تظهر بشكل أكثر وضوحا ونشاطا في المجتمع الإسلامي .. لذا كان الاختلاف المذهبي بين النظامين في إيران والعراق ورقه رابحه من السهل استخدامها من قبل الراغبين في إشعال فتيل الحرب.
     خلاصة القول إن النظامين في إيران والعراق يتحملان وزر هذه الحرب لكونهم شركاء في تهيئة الظروف الموضوعية لتفجيرها بدلا من محاولة التهدئة وإبعاد شبحها عن الشعبين.
      وإذا كانت إيران تطالب بتعويضات عن أضرار الحرب بسبب اتهام نظام صدام ببدئها فان العراق هو الآخر سيطالب إيران بتعويضات عن مسؤولية النظام فيها على استمرارها ثمانية أعوام ورفضه لكل المساعي الدولية لإجراء المفاوضات وعدم رضوخه لقرارات الأمم المتحدة لوقف الحرب .
     أخيرا على الطرفين العراقي والإيراني ( انظمه وشعوب) اليقين بان الأصلح لهما هو أن لا يكون هناك تعويضات عن هذه الحرب و يتحمل الاثنان بقناعه مسؤوليتها وطي صفحات ماضيها المؤلم وفتح آفاق جديدة من التعاون بينهما في كافة المجالات وبما ينعكس إيجابا على اقتصاد الشعبين ويعوضهما عن كل خسائرهما إضافة إلى تامين السلام والمحبة لأجيالهما .
    




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=529
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2010 / 09 / 05
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 04 / 19