يبقى الفساد في عراقنا الجديد سيد المصائب والـ (بلاوي) التي ورث العراقيون منها الكثير، واستجد في حياتهم منها بعد عام 2003 الأكثر, وقطعا هو سيف يبتر كل مايصادفه من نيات للنزاهة لاسيما إذا كانت النيات (غير صافية)، كذلك هو نار تحرق اليابس والندي من جهود الخيرين الذين يرومون دفع عجلة البلد الى الأمام، بعد أن أدركوا أن أعظم المساعي تنهار أمام قليل من الفساد. والغريب في ساحتنا العراقية على الصعد كافة، أن مامن مسؤول او سياسي أو زعيم كتلة او حزب في العراق، إلا وأبدى شكواه أمام الملأ من الفساد الذي نخر جسد البلاد، بعد أن مخر في مفاصلها كما تمخر السفينة لج البحر، فهناك من يصرح أن عدد الملفات التي أحيلت الى هيئة النزاهة خلال دورته السابقة، هي خمسة وعشرون ملفا، وقطعا هو رقم مسكين مغدور، مبخس حقه، مستصغر حجما وقدرا ومكانة، ولاأظن أن قارئا اوسامعا اوناظرا او أي مخلوق يتمتع بحاسة من الحواس الخمس يستطيع ان يضع نسبة وتناسبا، بين ما أحيل الى هيئة النزاهة، وبين ماموجود على أرض الواقع وتحت أرض الواقع وفي دهاليز أرض الواقع. هذا إذا افترضنا ان الملفات الخمسة وعشرين ستأخذ دورها وفق القانون لمحاسبة المذنبين والمتورطين، وإعادة مانهبوه الى أصحابه، لاسيما أن عدد أصحابه يربو على الثلاثين مليون شخص.
ومن غير المعقول أن فسادا بالحجم الذي نسمع عنه ونقرأه ونلمسه، لاسيما في السنوات العشر الأخيرة، يحصل في بلد الحضارات ومهبط الأنبياء، ومرقد الأولياء والأتقياء؟ |