• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : ثقافات .
              • القسم الفرعي : ثقافات .
                    • الموضوع : صناعة الاختيار .
                          • الكاتب : علي السبتي .

صناعة الاختيار

    كانت فُسحتي الأخيرة "أعني المسافةَ الفاصلة بينَ دمعتيْن" لكن لم أبتسم، فغريبٌ أنْ أحزنَ إلى هذا الحدّ، رغم أني لم أشأ أن أتسلق المرتفعات كمحاولةٍ للتقرُبِ من السماء، بل فَضلتُ السقوطَ في حجرها لأرى النجومَ عن كثب، ظناً بأنه قرارٌ صائب، حتى أني لَمْ أستَطِع تَرويضَ أفكاري أو إعطاء فرصةٍ للعقل؛ كي يستبدَ في القرار.
 فلربما قرارُ الجلوسِ على رصيفٍ بين محطتين إحداهما تحملُ شعارَ (قادمون بلا عودة) والأخرى (مغادرون بلا رجعة)، فيه حكمةٌ قد تكون مغيبة عن أدمغة الناس، علاوةً على ذلك فيه شيءٌ من اليقين بأنه سبيل نحو الصواب، لم لا، فكلُ المسافرين كانت وجوههم باكيةً، إما من هولِ ما أبصروا، أو من وجع ما فقدوا.
 أما الحكمة فتكمن في مشاهدةِ قلة قليلة في محطة "بلا رجعة" حقائبهم كانت صغيرة، لكنهم يتحدثون عن زادٍ كثير، ومشهد تلك الوجوه كان أشبه بعاهةٍ في وجه حسناء ذات عشرين ربيعاً، لذا كانت سبّابتيَّ مُشيرةً إلى تلك الوجوه المغايرة دون شعور، وكان التصور  بأنني أبلهٌ جالس على بقعة من الأرض لم تكن ملكاً لي، بل هي بين عالمين متناقضين: هنا زرع وفير، وهناك حصاد على قدر الجهد.
لكن عجوزاً همست لي بعد أن كانت على وشك الرحيل: "يا بني، إنك جالسٌ في مكان لا تنتمي إليه، ولكن فيه تباع الفرص لتحديد حجم الحقائب وتوفير الزاد، وهذا التحديد يكمن في قدرتك على خلق فسحة أخرى ذات وقت أطول، ويكون القرار "البحث في المسببات التي أدت إلى ابتسام تلك الوجوه".   



  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=54344
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2014 / 11 / 27
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 04 / 19