• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : ليلى, والألم,والأغتراب .
                          • الكاتب : دلال محمود .

ليلى, والألم,والأغتراب

 

ليلى,إمرأة ,في العقد,الرابع من عمرها,ولكن هيهات,لأحدٍ,أن يخمن(كم تبلغ من العمر)نادراً,ماتضع المساحيق على بشرتها السمراء, لاتهوى التزين بالأكسسوارات,ولاتبالغ في التبرج.وبرغم هذا فهي تبدو أصغر من سني عمرها التي مرت. ياتُرى أين يكمن سِرُ هذا؟ أظن ,ان صفات الأنسان,ومايحمله من جينات وراثية, لها التأثير في هذا الأمر,فمثلا حين يكون المرء,طيباً, بحيث يتوجع ,لأوجاع الآخرين,حينما يتوجعوا,ويرقص قلبهُ,قبل أن ترقص قلوبهم للافراح والمسرات, مثل هكذا صفات لها الدورالكبير في ان يبدو المرء اصغر مما يبلغ من العمر,على النقيض ,ممن يكون قلبه قاسياً,متعجرقاً,لاتعرف الرحمة طريقاً,اليه.,ونادرا ماترى الابتسامة على شفتيه,هذا الصنف تتسارع التجاعيد في الظهور على قسماته الكئيبة لتأخذ حصتها من جبينه ووجنتيه ,لأنها لن تقوى على ان تحفر التجاعيد في قلبه,او اعضاء جسده.
ليلى ذات العقد الرابع,, تعيش في بلد الشتات,في دولة غربية, هي جذابة ,وتتمتع بشخصية جميلة ,أينما سارت في الاسواق او القطار,او في الشارع.
تجاعيد الزمن ,لم تفقدها من ملامحها او نظارتها  الشيء الكثير,فاتجهت بأمر من الزمان,لتحفر في خلاياها ,عندها توزعت وانتشرت خطوطها في القولون,,والمعدة والكليتان,الآلآم قاتلة,فهي لاتبارحها,إستلذت كي تزورها مرات ومرات,تنهضها من عز نومها,تخدرها في عز يقظتها لتتحول الى كومة بشرية لاحول لها ولاقوة,عاجزة على الحراك,مما تضطر الى الرقود في المشفى لأيام وليالٍ.
عجز الاطباء في تحديد مكان المها,فلايسمع منها الا الانين والتوجع,أجريت لها جميع الفحوصات,وتحت إشراف اشهر الاطباء في البلاد,جميع الفحوصات لن تثبت اي امر,او تفسير لحالتها,(الاشعة,الناظور,السونار,التحاليل,)علاجها الوحيد هو,ان تخلد الى الراحة,يضعون المغذي في جسدها المتعب,وتمنع من تناول الاطعمة,الا ماكان سهلا وخفيفاً من الوجبات البسيطة جدا,عندها يهدأ,الألم,وتعود ادراجها الى حياتها الطبيعية,تستقبل يوما جديدا عسى ان يكون اكثر صحة وهدوءاً.
ليلى كثيرة الحزن ومثقلة بالهموم,,فانا ادرجها تحت قائمة الاناس غير الطبيعيين, نعم فهي تحمل وطنها وهمومه اينما وُجِدِت,فكم من مرات نصحتها لكي تتمتع بجمال وطبيعة هذا البلد الخلاب في كل شيء, في طقسه, في قوانينه,في  تنظيمه, في أناسه الذين يشعرونك انك انسان بكل ماتحمل تلك الكلمة من معاني الرقي والحضارة,والحرية التي كم افتقدناها في بلدنا ,الذي اُستبيح وأحتل بحجة ان ننال الحرية تلك. وياأسفاه,ندفع كل لحظة اثماناً لاتعد ولاتحسب دون ان نتذوقها الى الان.
كم يؤلمني منظرها وهي راقدة,في المستشفى,فهي لم تُخلق كي ترقد, إنها شعلة من نشاط ,ترى توهجها أينما كانت,طاقاتها تعادل طاقات الشباب الذين في سن أبنائها,ولكن آهٍ,كم قاسي ولعين شبح المرض حين يصب غضبه على الأناس الرائعين ويحولهم الى اشياء أشبه بالجماد لاحراك لها..
لو تعلمون مالذي اتمناه حين اذهب لزيارتها وهي في المشفى,هل تصدقوني ان قلت لكم انني اتمنى بصدق,ان أكون أنا قنينة المغذي التي تغذي جسدها العطر علني أسدد ولو جزءاً من فاتورة افضالها علي,في تلك الغربة اللعينة.
فكم من مرة كانت لي بمثابة الأخت والأم والصدر الدافيء الذي يتسع لشكواي وبث همومي ,كم لأعانتني ولالأعني هنا المعونة بالأيدي ,بل بالضحك والدموع تكون المعونة, رغم انها لن تبخل علي بمعونة مادية او معنوية,
أذكر في إحدي زياراتها الحلوة المفاجئة, وكان هذا في ليل شتائي قارص,ومرعب,قرع جرس الشقة,فإذا بإبنتي تصرخ بفرح ملأ الشقة كلها,لتقول ماما جاءت خالة ليلى, وابنتها,كان الجو   وقتذاك ,عاصفاً,لكنها لن تكن لتبالي,فهي نشطة ومرحة ,كما الاطفال, وبما ان ابنتها كانت تملك سيارة فلن تتوانى كي تزورني, وتملأ وحدتي ,دون وعي مني ولصدق علاقتي معها, شكوت اليها من زوجي حين نسي عيد ميلادي, ولم يهدِ, إلي اي شيءٍ, في حين أني  لاأذكر اني نسيت عيد ميلاده مهما كانت الأمور  . ودوما انا التي تهيؤ له ولأولادي حفلات أعياد ميلادهم..
آهٍ,كم ثمينة تلك اللحظات,التي تُرجعني ذاكرتي إليها,حين خلعت زوج أقراطها الذهبية من اذنيها لتزين بها أذنايَ,تفاجأت من الموقف ,فكيف لها خزنت طلبي منها حين قالت انها تريد ان تبدل اقراطها تلك بموديل آخر اكثر حداثة, في وقتها قلت لها  إن , فكرتِ ببيعها فانا سأعطيك ِ ثمنها لأبتاعها منكِ,وها هي الآن تهديها إلي وهي مصرة بلا أي ثمن,ياإلهي ,كم اشعر بقشعريرة تهز كياني ,لأني اعلم ان ثمنها باهض لكنها لم تكن تبالي بأي ماديات,إنها انسانة ان وصفتها بالراقية ,سأكون قد ظلمتها فهي ارقى واسمى من كل صفات الآخرين..

ليتني أقتبس بعضاً من صفاتها الرائعة,هي ليست قريبتي ولهذا فجيناتي الوراثية بالتأكيد لاتشبه جيناتها,ولكني اتمنى ان أصاب بالعدوى منها في كل الصفات الجميلة التي تحملها  روحها .ياتُرى هل سأكون  محظوظة هكذا؟




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=5458
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2011 / 05 / 04
  • تاريخ الطباعة : 2025 / 03 / 11