أعراب بادية العراق الغربية، كما يصطلح عليه العراقيون، وهم عرب البادية من الجزيرة، التي تضم محافظات نينوى وصلاح الدين والأنبار، عرفوا عبر تاريخ العراق الطويل، بأنهم أصحاب سياسة متقلبة، يميلون أين ما مال الدينار والدرهم، فهم ليست لهم ذمة ولا كلام شرف.
لو إستعرضنا تاريخ هذه المحافظات الثلاثة، لوجدنا فيه كثير من القضايا السياسية، بل الصفقات السياسية الرخيصة والخسيسة، ففي الفترة التي سبقت ظهور الإسلام، عندما كان العراق محل صراع بين أعظم دولتين في ذلك العالم، الدولة الساسانية والدولة البيزنظية، كان أعراب بادية العراق الغربية يميلون حيث المنتصر، لا يتبعون مبدأ ولا عقيدة.
أما بعد مجيء الإسلام فلم يشاركوا بحروب التحرير أبداً، ولما إستقر الأمر بنصر المسلمين دخلوا الإسلام، وبعد حدوث الخلاف في خروج معاوية على إمام زمانه الإمام علي، تمكن معاوية من شراء ذمتهم، وكسبهم لجانبه، وهكذا جرت سُنة جميع حكام بني أُمية وآل مروان معهم.
في معركة صفين الشهيرة، قام هؤلاء(أعراب بادية العراق الغربية) بقطع جسر الفرات، ليمنعوا تقدم جيش المسلمين، بقيادة الإمام علي نحو الشام، لأن موضوع النصر لكفة جيش الإمام، كان مفروغاً منهُ والأحداث تخبرنا بذلك، وخصوصاً وأن قائد جيش الأمام هو فارس الكوفيين، مالك الأشتر النخعي، ذلك القائد الذي بايع الإمام علي بيعة كبيعة الإمام للرسول(صلواته تعالى عليهما وآلهما).
قام هذا القائد الشجاع والمقدام، بعبور نهر الفرات هو ومجموعة من المجاهدين بخيولهم، ثم أمروا أعراب بادية العراق الغربية بإعادة بناء الجسر وبمدة قصيرة، هي مدة وصول جيش الإمام علي إليه، وبعد أن تم البناء وعبر جيش الإمام إلى الضفة الأخرى، أمتنع أعراب بادية العراق الغربية عن تزويد الجيش بالميرة، بالرغم من أن الإمام أمر بدفع ثمنها، لكنَّ الأشتر إستطاع أن يحل الموضوع معهم بطريقته الخاصة.
الحشد الشعبي اليوم يمثل جيش الكوفة، بقيادة حفيد الإمام علي، وأشتره موجود، فعلى أعراب بادية العراق الغربية، ومن لف لفهم أن يكفوا عن نباحهم، ويدرسوا الموضوع جيداً، فأما أن يكونوا مع جيش الكوفة، وأما لا مكان لهم في العراق الجديد الموحد.
بقي شئ ...
أما جيش الكوفة فقد إستفاد من أخطاء الماضي، فهل وعى أعراب بادية العراق الغربية ماضيهم!؟
|