• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : ثقافات .
              • القسم الفرعي : ثقافات .
                    • الموضوع : دمية على الرف (الحلقة الثانية ) .
                          • الكاتب : د . ايمان محمد .

دمية على الرف (الحلقة الثانية )

لم يبقَ شيء فزفافي بعد شهر تقريبا , اثثت منزلنا الذي أجره لي حيدر , بيت صغير لكنه جميل والدته اقترحت ان نسكن بقربها حتى تستطيع العناية بأطفالنا حين ننشغل بالعمل , حياة الطبيب صعبة لا يستطيع ممارسة حياته الاجتماعية بسهولة فهو كثير الانشغال عن بيته و اطفاله , اليوم اول مرة اخرج مع حيدر لوحدنا فقد اصبح هذا مسموحا الآن لكوننا عقدنا القران في المحكمة , و نحن بمثابة الزوجين , ما اسعدني اليوم , انا سعيدة ..سعيدة

ابعثر ملابسي على سريري , احتار ماذا ارتدي , هذه اول مرة اصاب بالحيرة في اختيار ثيابي لابدّ أنها السعادة الغامرة تنثرني كقطرات ندى مبعثرة على اوراق الورود اليانعة في احد صباحات الربيع , ارقص على قدم واحدة ادور حول نفسي , احتضن دميتي و اضمها الى صدري و ارتمي على السرير و اضحك بصوت مسموع

_هل تعلمين يا *أليس* أن صديقتك ستتزوج و لكن لا تقلقِ فلن اترككِ سآخذكِ معي لبيتي و سأضعكِ في غرفة نومي , هههههه, انتِ الوحيدة التي ستشهدين حبي مع حيدر , *أليس* ستكونين سعيدة لأجلي , أليسَ كذلك؟

*أليس*هو اسم دميتي التي اشتراها لي والدي من الامارات بعيد ميلادي الرابع عشر حين كنا هناك حيث كان والدي يعمل في الامارات , فهو فنان يعمل بالنحت و الرسم , شارك في الكثير من المعارض و حصل على جوائز عربية و محلية ,عمله في الامارات درّ علينا بالمال , نحن عائلة ميسورة او استطيع ان اقول غنية  ...تدخل والدتي لترى الفوضى التي احدثتها في الغرفة تبتسم لي بينما اعتدل في جلستي و *أليس* على حِجري ,تقول بصوتها الحنون الهادئ و هي تجلس بجانبي و تمسح بيدها اليمنى على شعري الناعم الطويل المنثور على كتفي

_عزيزتي هل انتِ سعيدة ؟

_اجل يا امي ( اخذ يدها من على شعري و اقبلها)

_حسنا" اذن ارتدي هذا الفستان (و تشير على احد الفساتين فهو مناسب لليوم)

تخرج والدتي و هي تدعو لي بالسعادة و راحة البال , اعيد ترتيب الأشياء و أُجلس الدمية حيث كانت عند وسادتي ,اسمع صوت جرس دارنا يرن , صوت حيدر الجهوري يلقِ التحايا على والدتي , يسأل عني ...

قلبي يخفق أنه في غرفتي الآن , و يغلق الباب لكنه يجعله مواربا , يبتسم لي

_تبدين جميلة اليوم ...يدنو مني و يقبل جبيني قبلة طويلة ظننت انها لن تنتهي , ماذا يحصل لي

أنا أتثاقل , و كأنني ثملة , قلبي يخفق , اخجل منه , جسده ساخن و هو يحتضنني و يشمني من رقبتي ...

_حيدر يكفي , قد يدخل احد من اهلي

_انا زوجكِ يا مروة ,إجلسِ لنتحدث ثم نخرج

سادت لحظة صمت و اعيننا لا تفارق بعضيهما , يكسر الصمت

_فستانك جميل

_انا اخترته

_ذوقكِ رائع

_اشكرك , هذا من ذوقك

ينظر حوله و كأنه يتفحص غرفتي

_غرفتكِ انيقة مثلكِ تماما , أنها تعكس برائتكِ

_هههههه(اضحك في خجل)

_ما تلك الدمية ؟

_أنها  دميتي و انا احتفظ بها منذ اكثر من عشرة اعوام

_لكنها تبدو نظيفة

_لأنني اعتني بها

_إذن انا سأكون بيد أمينة و ستحافظين عليّ

_ههههههههههه, اكيد

_حبيبتي (يقبل خدي الايمن القريب منه و اتمنع رغم رغبتي بتقبيله , انهض و انا حانية الرأس دافعةً إياه بساعدي ,أسير نحو المرآة ألف الشال حول رأسي كي أغطي شعري , يأتي من الخلف يسحبني من يدي بينما اضع الدبوس في الشال , يزيل الدبوس و يترك الشال يسقط بحرية على الارض , يزيل ماسكة الشعر و ينثر شعري و يخلل اصابعه بين خصلاته , يأخذ خصلة يشمها , يمسح بها وجنته المغطاة بلحيته السوداء الخفيفة , قلبي يرتجف , أنه يشتهيني , ينحني ببطئ و يلتقط الشال , يلمس حذائي الجديد اللمّاع, يبقى راكعا عند قدماي ويقول حذاءكِ جميل ...

يرتفع الي و يأخذني من يديّ و يجلسني على الكرسي المجاور لسريري , يركع عند قدماي , يخلع حذائي من قدمي اليسرى بيديه بخفة و يرفعه , يتكئ على فخذيّ بساعديه و حذائي بين يديه , و يقول : احبكِ , أحبكِ

و يقبلّ وجه الحذاء , يقبّل و يقبّل و يقبّل , عيناه في عيناي , عيناه تشعان , تتلألآن , قلبي يرتعد ,هل يشتهيني لهذا الحد , اضع يديّ على وجنتيه الملتحيتان , لحيته توغزني وغزات خفيفة تجعلني اهيج , اشعر و كأن قطرات دمي ترقص في شراييني , اتنفس بعمق و لهاثي ينتشر في ارجاء الغرفة ...يفلت الحذاء و يهجم يلثم شفتاي , لا حيدر لا .. يسكتني بشفتيه الشرهتين , يلحس لعابي و يصدر اصواتا و كأنه يأكل آيس كريم , يقول : انتِ لذيذة

__يكفي حيدر لنخرج ,لقد تأخرنا

نتنافر بدفعة مني رغم رغبتي بالمزيد , نخرج من الغرفة و كأن لا شيء حدث , بلساني اتحسس بقايا لعابه على شفتيّ , تكررت زيارات حيدر لي في بيت اهلي بسبب و بدون سبب و في كل زيارة يطيل الخلوة معي في غرفتي مما أثار حفيظة والديّ مما جعل والدي يتصل بوالد حيدر هاتفيا مقترحا" التعجيل بزفافنا لعدم رضاه على تلك الزيارات و الخلوات و حقا" تم زفافنا قبل الموعد المحدد بعشرة أيام , كان حفل زفافنا رائعا , كل شيء تمّ كما خططت له , بخطوات ملأى بالأمل اسير جنبا الى جنب مع حبيبي نحو غرفتنا , يغلق الباب , لكنه يقفله بالمفتاح ويضعه في جيب سترته الداخلي , رغم انه لا احد في البيت سوانا فقد غادر الجميع ...




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=55043
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2014 / 12 / 15
  • تاريخ الطباعة : 2025 / 03 / 14