• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : أسباب انخفاض مبيعات الصحف العراقية .
                          • الكاتب : خالد محمد الجنابي .

أسباب انخفاض مبيعات الصحف العراقية

انخفضت في ألآونة ألأخيرة مبيعات الصحف العراقية بشكل غير مسبوق منذ صدور أول صحيفة في العراق ولحد ألآن ، قد يقول البعض أن الكم الهائل من الصحف هو السبب ، وقد يقول آخر أن أنتشار اجهزة الحاسوب وشبكات الانترنت والمواقع ألألكترونية أدت الى ذلك ألأنخفاض ، قد تكون تلك الامور من الاسباب غير الجوهرية ، اذن هناك اسبابا أدت بشكل مباشر الى انخفاض المبيعات بحيث من السهل جدا أن نرى أكداسا من الصحف ملقاة على ألأرصفة تنتظر من يعطف عليها من خلال تصفحها فقط واعادتها الى مكانها مرة اخرى ، وبحلول ساعات الظهيرة يتم جمعها وبيعها بالوزن الى اصحاب محال صباغة السيارات الذين يستخدونها في تغليف زجاج السيارة التي يراد صباغتها ، وهذا الكلام يسري على معظم الصحف التي تصدر حاليا في العراق ، علما ان قيمة بيعها أقل من كلفة طباعتها ، ناهيك عن رواتب العاملين في مقرات الصحف ، علاوة على ذلك فأن عدد كبير من الصحف يتم تسليمها الى الموزع مجانا لغرض الترويج فقط ، أما ألأسباب التي أدت الى ذلك فهي :



أولا . كل صحيفة تصدر حاليا في العراق يتوجب عليها ان تكون لسان حال الجهة الممولة لها في مختلف الظروف ، نعم هناك حرية تأسيس صحف وفقا للقونين ذات الصلة ، لكن تلك الحرية تقتل داخل مقرات الصحف ، أبجديات العمل ألصحفي لا وجود لها في مقرات الصحف ، الهوية الوطنية تضيع في تلك المقرات وتحل بدلا عنها الهوية الجهوية الضيقة المقيتة ، كل صحيفة تنظر لمستقبل العراق من خلال منظار مصمم خصيصا للنظر من زاوية واحدة ولاعلاقة له بالزوايا الاخرى .



ثانيا . المواضيع التي ترسل الى هيئة التحرير في الصحف يجب أن لاتتعارض مع توجهات الممول ، وبخلافة فلا يمكن نشرها ، اذن أين حرية التعبير والرأي واحترام الرأي ألآخر ؟



ثالثا . الصحف التي يتم تمويلها من قبل جهات سياسية تتخذ من نفسها مدافعا عن الوزارات التي ترتبط بنفس الجهة السياسية التي تمولها وتغض النظر عن اخفاقاتها وسلبياتها وتحاول وضعها في صدارة الوزرات والمؤوسسات الاخرى حتى لو كان ذلك على حساب مصداقية العمل الصحفي ، نفس تلك الصحف تتخذ من نفسها رقيبا على الوزارات ألآخرى وتتحين الفرصة كي تكيل لها الاتهامات حتى لو كانت جزافا ، هل تليق تلك ألأمور بالعمل الصحفي ؟



رابعا . عدد من رؤساء تحرير الصحف يكيل الاتهامات الى عدد من الشخصيات دون دراية ويصنفهم وفقا لمنظوره الخاص ويتوجب على الصحيفة أن تصدر وفقا لرؤيته ومنظوره ، مثلا ، في عام 2008 هاجمت بعض المواقع ألألكترونية وبدعم خارجي معروف الاستاذ الدكتور محمد صادق الهاشمي على خلفية مؤتمره الذي عقد في القاهرة في تلك الفترة ، علما ان الاستاذ الهاشمي يحمل دمه على راحته بسبب طروحاته التي تتعلق بدسائس الاحتلال واليهود ، انا بادرت وكتبت موضوعا عن الاستاذ الهاشمي وضحت فيه السيرة النضالية للهاشمي وارسلت الموضوع الى احدى الصحف عن طريق البريد الالكتروني ، اتصلوا بي مباشرة واخبروني ان رئيس التحرير لايوافق على نشر الموضوع في صحيفته لأنه يعتبر ان الدكتور محمد صادق الهاشمي شخصا ايرانيا ! لاحظوا هو يعتبر ، يعني على مزاجه يصنف الناس ، مثال آخر , في عام 2006 وحين اقتربت ذكرى وفاة الجواهري ، ارسلت ملفا خاصا عن الجواهري لصحيفة ما لغرض نشره في المناسبة ، اتصلوا بي واخبروني ان رئيس التحرير يقول ان الجواهري شيوعيا ولا ينشر موضوعا عنه ، ايضا هو يقول أي انه ليس متأكدا لكنه يقول وهذا يكفي ، صحيفة اخرى رفضت نشر احد مواضيعي الذي يتعلق بالليبرالية السياسية بزعم ان توجاهاتها دينية فقط ، هل هذه صحف أم كشكول لغرض التعبير عن المزاجات الشخصية ؟



خامسا . عندما يحدث انفجار في المنطقة ( س ) على سبيل المثال فأن الصحيفة ( ع ) والصحيفة ( ط ) تغطي الخبر بشكل مفصل في حين تكتفي الصحف ألأخرى بألأشارة اليه كخبر هامشي ، ونفس الحال عندما يحدث انفجار في المنطقة ( ص ) فأن صحف معينة تغطي الخبر بشكل مفصل وتشير له صحف اخرى كخبر عادي ، ناهيك عن اصدار الاحكام بشكل عار عن الصحة ، فنجد ان الصحف التي تتناول الخبر بكل تفاصيله تتجاوز حدود العمل الصحفي وتتخذ من نفسها قاضيا وتحدد هوية المجرم والجهة التي ينتمي اليها ناهيك عن ذكر عدد الضحايا كيف ما اتفق دون الرجوع الى مصادر وزارة الصحة وبرزت في ألأونة ألأخيرة عبارة ( صرًح مسؤول في الجهة الفلانية طلب عدم ذكر أسمه ) وفي اغلب ألأحيان لاوجود للتصريح ولا للمسؤول وانما من مخيلة مراسل الصحيفة ، علما ان اعمال التفجيرات اعمال جنائية لايمكن البت فيها من قبل اشخاص لاعلاقة لهم بالامر ، كل الضحايا الذين تراق دماؤهم الطاهرة نتيجة الاعمال الارهابية هم ابناء العراق ، فلماذا لاتأخذ كل الصحف على عاتقها تغطية تلك الاحداث بشكل تفصيلي ؟ دون ان تنسب الضحايا الى هذه الجهة أو تلك .



سادسا . المسؤول الحكمومي الذي يعقد مؤتمرا صحفيا فأن أغلب مراسلي الصحف الذين يقومون بتغطية المؤتمر هم من صحف تتفق مع توجهات ذلك المسؤول ونادرا مايحضر مراسل أو أكثر من صحف اخرى ، وبهذا يخضع المراسل لقيود تم وضعها من قبل الصحيفة التي يعمل فيها وفقا لتصورات من شأنها أن تسيء لشرف وميثاق العمل الصحفي .



سابعا . ذكرى عاشوراء ومصاب آل بيت النبوة ألأطهار عليهم السلام تمثل اكبر فاجعة تعرض لها التاريخ ألاسلامي ، تلك الفاجعة التي تبكي لها القلوب نجد أن صحفا معينة تقوم بتغطية احداث معركة الطف الخالدة بشكل يليق بها ، في حين تقوم صحف اخرى بألأشارة الى المعركة من خلال سطور قليلة جدا لاتتناسب مع الذكرى ألأليمة ، في حين تحجم صحف اخرى عن نشر مواضيع خاصة بالمناسبة بحجة انها صحف علمانية والعلمانية منها براء ، لأن العلمانية لاتعني عدم ألأكتراث بمصاب آل بيت النبوة ألأطهار عليهم السلام .



هذا هو واقع الصحف العراقية في الوقت الحاضر ، علما أن القارىء العراقي قارىء مثقف وواعي وبامكانه تحديد هوية كل صحيفة موجودة حاليا دون أدنى جهد ، ألأمر الذي جعله يعزف عن قراءة الصحف ، كون أغلبها لا تمثل الهوية الوطنية العراقية ، ونفس الحال بالنسبة للكاتب العراقي الذي وجد من المواقع ألألكترونية متنفسا له للتعبير عما يجود به قلمه ، ومن الجدير بالذكر ان باعة الصحف في ساعات الصباح الاولى ينادون بسعر 250 دينارا للصحيفة وبعد ساعتين تكون كل صحيفتين بسعر 250 دينارا ومرات يصل ألأمر للمناداة ثلاثة صحف بسعر 250 دينارا ، علما ان كلفة طباعة الصحيفة فقط يزيد عن 350 دينارا ! واغلب الصحف التي يتم شرؤاها من قبل بعض المواطنين تكون بسبب وجود اعلانات لهم فيها ، ولو اردنا معرفة عدد الصحف التي يتم بيع نسخها بشكل كامل فأن العدد قليل جدا ولايستحق الذكر مقارنة مع الصحف المسجلة في نقابة الصحفيين العراقيين ، حالة تستدعي مراجعة سياقات العمل الصحفي من قبل ممولي الصحف ، من أجل النهوض بواقع الصحافة العراقية والارتقاء بها الى المكانة التي تستحقها وتتناسب مع عراقتها مقارنة مع مثيلاتها في سائر بلدان العالم ، والله ولي التوفيق .




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=5549
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2011 / 05 / 07
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 04 / 19