• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : اكل المال بالباطل .
                          • الكاتب : سيد صباح بهباني .

اكل المال بالباطل

بسم الله الرحمن الرحيم 

المقدمة| أن قبلت قبل ما سواها وأن ردت رد ما سواها

وإن الأمر ليعظم ويشتد حين يكون الظلم للورثة من أقاربهم، وقد أصاب القائل حين قال :

 

وظلم ذوي القربى أشد مضاضة *** على النفس من وقع الحسام المهند .

 

أعطى الإسلام الميراث اهتمامًا كبيرًا، وعمل على تحديد الورثة، أو من لهم الحق في تركة الميت، ليبطل بذلك ما كان يفعله العرب في الجاهلية قبل الإسلام من توريث الرجال دون النساء، والكبار دون الصغار، فجاء الإسلام ليبطل ذلك لما فيه من ظلم وجور، وحدد لكل مستحق في التركة حقه، فقال سبحانه: {يوصكم الله في أولادكم للذكر مثل حظ الأنثيين فإن كن نساء فوق اثنتين فلهن ثلثا ما ترك وإن كانت واحدة فلها النصف ولأبويه لكل واحد منهما السدس مما ترك إن كان له ولد فإن لم يكن له ولد وورثه أبواه فلأمه الثلث فإن كان له إخوة فلأمه السدس من بعد وصية يوصي بها أو دين آباؤكم وأبناؤكم لا تدرون أيهم أقرب لكم نفعًا فريضة من الله إن الله كان عليمًا حكيمًا} [النساء: 11 ].

يجب أن تكون هذه الأموال بينكم، متداولةً فيما بينكم، دائماً حينما تزداد الهوة بين الأغنياء والفقراء تتفجر في المجتمع مشكلاتٌ لا يعلمها إلا الله، تتفجَّر، ومتى يكون الناس بخير ؟ إذا كانوا جميعاً في بحبوحة، وحينما قال الله عزَّ وجل في سورة هود : ﴿ إِنِّي أَرَاكُمْ بِخَيْرٍ﴾ سورة هود: من آية " 84  

 

كان التعدي على اموال الآخرين وغصب حقوق الناس ـ غير السرقة ـ يتم بصور مختلفة اخرى ولم يكن لها صورة السرقة الرسمية. من هنا نذكرها تحت عنوان السرقة الخفية، ونظراً الى ان بعض انواع هذه الاعتداءات غير العلنية كان شائعا بين الناس، بشكل أو بآخر، ولم يُلتفت الى قبحه وسوئه، فانّ القرآن الكريم يؤكد عليه بنحو اكبر ويندّد به بنحو أشد .

 

من هذه الموارد اموال اليتامى التي كانت تتعرض عادة للاعتداء من قبل الكبار وارحامهم واوليائهم. فقد كان في المجتمع العربي عدد كبير من اليتامى، إثر الحروب الكثيرة التي حدثت قبل وبعد الاسلام، ووفق الأعراف القبَلية آنئذ اذا تيتّم الطفل في اُسرة فان كبيرها يصبح وليَّه تلقائيا. ولم يكن هناك مرجع قانوني أو سلطة قضائية رسمية لتعيِّن قيّما رسميا عليه .

 

 

التفاصيل |

 

وكان ولىُّ اليتيم ـ الذي يعيش في كنفه ورعايته ـ يرى الخيار التامَّ لنفسه فيتملك جميع اموال الطفل اليتيم والضعيف أحيانا، ولا يمنعه مانع من هذا العمل وهو الاعتداء على ماله. وكان اليتيم حينما يكبر لايجد شيئاً مما كان يملك ولا يصله شيء من ارث والده. كان هذا الامر شائعا وبصورة عامة، وكان الاعتداء على اموال اليتامى يحدث كثيراً كأمر اعتيادي. من هنا يؤكد القرآن الكريم مراراً وباصرار على ان لا يتصرف الكبار في اموال اليتامى أو لا يقتربوا منها الاّ لمصلحة اليتيم وبأفضل الصور، قال تعالى :

 

(وَ آتُوا الْيَتامى أَمْوالَهُمْ وَ لا تَتَبَدَّلُوا الْخَبِيثَ بِالطَّيِّبِ وَ لا تَأْكُلُوا أَمْوالَهُمْ إِلى أَمْوالِكُمْ إِنَّهُ كانَ حُوباً كَبِيراً)   

 

يبدو من هذه الآية حدوث كثير من الاعمال غير الصحيحة والاعتداءات على اموال اليتامى في ذلك العصر، من قبيل أخذ ما هو افضل وأجود من مال اليتيم وجعل ما هو اردأ وأدنى قيمةً مكانه، أو عدم رعاية الحدود فكانوا ينفقون اموال اليتيم مختلطة مع اموالهم. لقد منع القرآن الناس من هذه التصرفات وحكم بأنها معاص كبيرة لا تغفر .

 

وأوصى في آية اُخرى بصورة عامة برعاية العدل في حق اليتامى حيث يقول :

 

 وَ أَنْ تَقُومُوا لِلْيَتامى بِالْقِسْطِ)    ] 

 

و هكذا أوصي بعدم التصرف بأموال اليتيم قبل ان يبلغ الاّ بأفضل صورة :

 

وَ لا تَقْرَبُوا مالَ الْيَتِيمِ إِلاّ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ حَتّى يَبْلُغَ أَشُدَّهُ  ]] 

 

وأمر في آية اُخرى بارجاع الأموال الى اليتيم بعد بلوغه. واذا اردتم ان تعرفوا هل إنه يتمتع بالعقل والنضج والمعرفة الكافية ويتمكّن من ادارة أمواله فعليكم ان تختبروه قال تعالى :

 

(وَ ابْتَلُوا الْيَتامى حَتّى إِذا بَلَغُوا النِّكاحَ فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْداً فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوالَهُمْ وَ لا تَأْكُلُوها إِسْرافاً وَ بِداراً أَنْ يَكْبَرُوا) 

 

اساليب القرآن لحفظ اموال اليتيم

 

يعتبر القرآن مشكلة اليتامى مشكلة اجتماعية كبيرة قد تطال افراداً آخرين، ويستخدم اسلوباً نفسيا اجتماعيا ليجتنب الناس التصرّف الغاصب في اموال اليتامى، فيخيفهم من عقوبات التصرفات الظالمة، ومن سوء معاملة الآخرين مع أيتامهم فيخاطبهم: افترضوا ان هؤلاء يتاماكم ويريد الآخرون الاستيلاء على اموالهم ألا تقلقون في هذه الحالة؟ قال تعالى :

 

(وَ لْيَخْشَ الَّذِينَ لَوْ تَرَكُوا مِنْ خَلْفِهِمْ ذُرِّيَّةً ضِعافاً خافُوا عَلَيْهِمْ فَلْيَتَّقُوا اللّهَ وَ لْيَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً * إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوالَ الْيَتامى ظُلْماً إِنَّما يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ ناراً وَ سَيَصْلَوْنَ سَعِيراً)  

 

كأن القرآن يريد القول بانكم ان لم تراعوا حرمة اليتيم وتطاولتم على امواله فان ذلك سيشيع على شكل ظاهرة وسنّة عامة وسيرتكبه افراد المجتمع كافة ويعتدون على جميع اليتامى ويظلمونهم ويزول قبح هذا العمل القبيح .

 

ويقول في ذيل الآية بانّ الذين يأكلون اموال اليتامى ظلما كأنما يأكلون ناراً، وقد عدّوا هذه الآية من الآيات الدالة على تجسم الاعمال، أي ان الاعمال الصالحة تتجسم في صور جميلة، والاعمال القبيحة والظالمة في صور قبيحة ومقززة ومؤلمة .

 

على أي حال فان الله عز وجل يريد صد الناس عن التعدي على اموال اليتامى بطريقين: الاول عن طريق الالفات الى العقوبة الدنيوية، اذ من الممكن ان يصنع الآخرون مع يتامى الانسان الظالم ما صنعه هو بيتامى الآخرين .

 

الثاني عن طريق التذكير بالعذاب الاخروي حيث يقول: ان هذه الأموال هي في الواقع نار يأكلونها، وتظهر حقيقتها في القيامة .

 

التطفيف في الميزان

 

يعتبر التطفيف في الميزان من أقبح انواع الظلم في التبادل التجاري، وقد شدد القرآن على تركه. وآيات القرآن الكريم تحكي على لسان النبي شعيب(عليه السلام) عن انّ التطفيف في المكيال كان إحدى المفاسد الشائعة في قومه .

 

وقد كان كل نبي عند بعثته يكافح المفاسد الشائعة في عصره، وقد كان التطفيف في الميزان من المفاسد الشائعة في عصر النبي شعيب(عليه السلام)، كما كان اللواط شائعا في قوم النبي لوط(عليه السلام)، وكان هذا النبي يكافح هذا العمل الشنيع .

 

كان النبي شعيب(عليه السلام) يؤكد بشدة على التدقيق في الوزن في المعاملات، ويظهر من تأكيداته انّ التطفيف في الميزان كان شائعا آنئذ ومفسدة اجتماعية كبيرة. والقرآن يؤكد بشدة على ترك هذا الذنب القبيح. من هنا يتحدث بتعابير مختلفة عنه في آيات عديدة وعلى لسان شعيب، كقوله تعالى :

 

(وَ أَوْفُوا الْكَيْلَ وَ الْمِيزانَ بِالْقِسْطِ) 

 

(فَأَوْفُوا الْكَيْلَ وَ الْمِيزانَ وَ لا تَبْخَسُوا النّاسَ أَشْياءَهُمْ وَ لا تُفْسِدُوا فِي الأَْرْضِ بَعْدَ إِصْلاحِها ذلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ) 

 

(وَ لا تَنْقُصُوا الْمِكْيالَ وَ الْمِيزانَ إِنِّي أَراكُمْ بِخَيْر وَ إِنِّي أَخافُ عَلَيْكُمْ عَذابَ يَوْم مُحِيط * وَ يا قَوْمِ أَوْفُوا الْمِكْيالَ وَ الْمِيزانَ بِالْقِسْطِ وَ لا تَبْخَسُوا النّاسَ أَشْياءَهُمْ وَ لا تَعْثَوْا فِي الأَْرْضِ مُفْسِدِينَ) 

 

أو في آيات اُخرى بتعبير :

 

(وَ زِنُوا بِالْقِسْطاسِ الْمُسْتَقِيمِ  ) 

 

أو بتعبير :

 

(وَ أَقِيمُوا الْوَزْنَ بِالْقِسْطِ ) 

 

أو بتعبير :

 

(أَلاّ تَطْغَوْا فِي الْمِيزانِ )

 

هذه الآيات تتحدّث بشكل مؤكّد عن التطفيف في الميزان، والكثير منها يرتبط بقصة النبي شعيب، ونظراً لشيوعه آنئذ بشدة وتبدّله الى مرض اجتماعي فان الآيات تأتي بتعبيرات مثل قوله (لا تفسدوا في الارض) أو (لا تعثوا في الارض مفسدين ).

 

وغير الآيات المذكورة ونظائرها التي جاءت في مواضع مشتتة من القرآن فان سورة المطففين قد سميت بهذا العنوان وافتتحت بهذا التعبير :

 

(وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ * الَّذِينَ إِذَا اكْتالُوا عَلَى النّاسِ يَسْتَوْفُونَ * وَ إِذا كالُوهُمْ أَوْ وَزَنُوهُمْ يُخْسِرُونَ ) 

 

‏وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ‏ 

 

مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْعَاجِلَةَ عَجَّلْنَا لَهُ فِيهَا مَا نَشَاءُ لِمَنْ نُرِيدُ ثُمَّ جَعَلْنَا لَهُ جَهَنَّمَ يَصْلاهَا مَذْمُومًا مَدْحُورًا * وَمَنْ أَرَادَ الآخِرَةَ وَسَعَى لَهَا سَعْيَهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ كَانَ سَعْيُهُمْ مَشْكُورًا * كُلا نُمِدُّ هَؤُلاءِ وَهَؤُلاءِ مِنْ عَطَاءِ رَبِّكَ وَمَا كَانَ عَطَاءُ رَبِّكَ مَحْظُورًا * انْظُرْ كَيْفَ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَلَلآخِرَةُ أَكْبَرُ دَرَجَاتٍ وَأَكْبَرُ تَفْضِيلا (الإسراء 18-21، تفسير ابن كثير، مجلد 4، صفحة 230 )

 

أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنْسَوْنَ أَنْفُسَكُمْ وَأَنْتُمْ تَتْلُونَ الْكِتَابَ ۚ أَفَلَا تَعْقِلُونَ ) البقرة :44.

﴿وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ﴾ سورة البقرة: من آية " 188 " 

﴿وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ وَتُدْلُوا بِهَا إِلَى الْحُكَّامِ﴾ 

﴿وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ وَتُدْلُوا بِهَا إِلَى الْحُكَّامِ لِتَأْكُلُوا فَرِيقاً مِنْ أَمْوَالِ النَّاسِ بِالْإِثْمِ﴾ 

﴿ إِنَّمَا السَّبِيلُ عَلَى الَّذِينَ يَظْلِمُونَ النَّاسَ وَيَبْغُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ أُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ) (42

( سورة الشورى  

 

ونعم ما قيل : 

 

لا بارك الله فيمن كان يخبرني = أن المحبين في لهوٍ ولـذات 

لموتة تأخذ الإنسـان واحـدة = خيرٌ له من لقاء الموت مرات

 

الله يرحمك يا أبي حاج مجيد سلمان حسين الصباغ على أولادك الذين لم يلتزموا بالحق ! فقط  يدعوا الناس للبر وينسون أنفسهم بالخفاء..

الحكمة 434: وسئل عليه السلام أيهما أفضل: العدل، أوالجود؟ فقال: العدل يضع الأمور مواضعها، والجود يخرجها عن ...

المسار

الصفحة الرئيسة » نهج البلاغة » الحكم » الحكمة 434: وسئل عليه السلام أيهما أفضل: العدل، أوالجود؟ فقال: العدل يضع الأمور مواضعها، والجود يخرجها عن ...

 

 البحث   الرقم: 755   المشاهدات: 2982

وسئل عليه السلام أَيّهُما أَفضل: العدل، أَوالجود؟ فقال: الْعَدْلُ يَضَعُ الْأُمُورَ مَوَاضِعَهَا، والْجُودُ يُخْرِجُهَا عَنْ جِهَتِهَا، وَالْعَدْلُ سَائِسٌ عَامٌّ، وَالْجُودُ عَارضٌ خَاصٌّ، فَالْعَدْلُ أَشْرَفُهُمَا وَأَفْضَلُهُمَا .

 

قال تعالى : { أتأمرون الناس بالبر وتنسون أنفسكم وأنتم تتلون الكتاب أفلا تعقلون} ؟ والغرضُ أن اللّه تعالى ذمَّهم على هذا الصنيع، ونبَّههم على خطئهم في حق أنفسهم حيث كانوا يأمرون بالخير ولا يفعلونه، وليس المراد ذمهم على أمرهم بالبر مع تركهم له، بل على تركهم له، فإن الأمر بالمعروف معروف وهو واجب على العالم، ولكن الواجب والأولى بالعالم أن يفعله مع من أمرهم به، ولا يتخلف عنهم كما قال شعيب عليه السلام: { وما أريد أن أخالفكم إلى ما أنهاكم عنه . إن أريد إلا الإصلاح ما استطعت} . فكلٌّ من الأمر بالمعروف وفعله واجبٌ، لا يسقط أحدهما بترك الآخر، على أصح قولي العلماء من السلف والخلف. وذهب بعضهم إلى أن مرتكب المعاصي لا ينهى غيره عنها، وهذا ضعيف. والصحيح أن العالم يأمر بالمعروف وإن لم يفعله، وينهى عن المنكر وإن ارتكبه، قال سعيد بن جبير: لو كان المرء لا يأمر بالمعروف ولا ينهى عن المنكر حتى لا يكون فيه شيء ما أمر أحدٌ بمعروف ولا نهى عن منكر. قلت لكنه والحالة هذه مذموم على ترك الطاعة وفعله المعصية، لعلمه بها مخالفته على بصيرة، فإنه ليس من يعلم كمن لا يعلم، ولهذا جاءت الأحاديث في الوعيد على ذلك كما قال رسول اللّه صلى اللَه عليه وآله  وسلم : ( مَثَل العالم الذي يعلِّمُ الناس الخير ولا يعمل به كمثل السراج يضيء للناس ويحرق نفسه ""رواه الطبراني في الكبير، قال ابن كثير؛ وهو غريب من هذا الوجه""( وقال رسول اللّه صلى اللَه عليه وآله  وسلم : (مررت ليلة أسري بي على قوم تُقْرض شفاههم بمقاريض من نار، قلت: من هؤلاء؟ قالوا: خطباء أمتك من أهل الدنيا، ممن كانوا يأمرون الناس بالبر وينسون أنفسهم وهم يتلون الكتاب أفلا يعقلون) ""رواه الإمام أحمد في مسنده عن أنَس بن مالك""، وقال صلى اللَه عليه وآله  وسلم : (يجاء بالرجل يوم القيامة فيلقى في النار فتندلق به أقتابه فيدور بها في النار كما يدور الحمار برحاه فيطيف به أهل النار فيقولون يا فلان ما أصابك؟ ألم تكن تأمرنا بالمعروف وتنهانا عن المنكر؟ فيقول كنت آمركم بالمعروف ولا آتيه، وأنهاكم عن المنكر وآتيه) "" 

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد :

((لا، المفلس من أتى بصلاةٍ، وصيامٍ، وصدقةٍ وقد أكل مال هذا، وشتم هذا، وضرب هذا، فيأخذ هذا من حسناته، وهذا من حسناته، فإذا فنيت حسناته طرحوا عليه سيئاتهم حتى يطرح في النار)) . 

 

فأكل الأموال بالباطل حرام، وفاعله معرض للوعيد الشديد الوارد في قوله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالبَاطِلِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا * وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ عُدْوَانًا وَظُلْمًا فَسَوْفَ نُصْلِيهِ نَارًا وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللهِ يَسِيرًا {سورة النساء: 29-30}. وقوله صلى الله عليه وآله وسلم: من غش فليس مني. رواه مسلم. وقوله صلى الله عليه وآله وسلم: أتدرون من المفلس؟ قالوا :المفلس فينا من لا درهم له ولا متاع، قال: إن المفلس من أمتي من يأتي يوم القيامة بصلاة وصيام وزكاة، ويأتي وقد شتم هذا، وضرب هذا، وأكل مال هذا، وسفك دم هذا، فيأخذ هذا من حسناته، وهذا من حسناته فإن فنيت حسناته قبل أن يوفي الذي عليه، أخذ من سيئات صاحبه ثم طرحت عليه، ثم طرح في النار. رواه مسلم .

 

 وعن سعيد بن جبير قال :  قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من أخذ أموال الناس يريد أداءها أدى الله عنه، ومن أخذ أموال الناس يريد إتلافها أتلفه الله .

 

 وفي مسند أحمد عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: من اقتطع مال امرئ مسلم بغير حق لقي الله عز وجل وهو عليه غضبان. وراجع الفتوى رقم : 24580 .

 (اتَّقُوا دَعْوَةَ الْمَظْلُومِ فَإِنَّهَا تُحْمَلُ عَلَى الْغَمَامِ، يَقُولُ اللَّهُ جَلَّ جَلالُهُ: وَعِزَّتِي وَجَلالِي لأَنْصُرَنَّكَ وَلَوْ بَعْدَ حِينٍ)10 .

 

واحذروا الظلم -عباد الله- أيَّاً كان نوعه، فإن الله تعالى ليس بغافل عما تعملون، واعلموا أن الظلم محرم ولو وقع على كافر، قال الله تعالى: {وَلاَ تَحْسَبَنَّ اللّهَ غَافِلاً عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الأَبْصَارُ* مُهْطِعِينَ مُقْنِعِي رُءُوسِهِمْ لاَ يَرْتَدُّ إِلَيْهِمْ طَرْفُهُمْ وَأَفْئِدَتُهُمْ هَوَاء} (43) سورة إبراهيم. ويقول –صلى الله عليه وسلم-: (اتَّقُوا دَعْوَةَ الْمَظْلُومِ وَإِنْ كَانَ كَافِرًا فَإِنَّهُ لَيْسَ دُونَهَا حِجَابٌ)11. وفي الحديث اللآخر: (دَعْوَةُ الْمَظْلُومِ مُسْتَجَابَةٌ وَإِنْ كَانَ فَاجِرًا فَفُجُورُهُ عَلَى نَفْسِهِ)12. فإذا كان هذا في حق الأجنبي بل في حق الكافر، فكيف بمن ظلم أخوه وقريبه المسلم الذي ربما كانت منزلته عند الله خيراً منه؛ بتقربه وطاعته لله، وكان ممن أوجب الله على نفسه أن ينتصر له، إذ ثبت عن رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ- أنه قال: (إِنَّ اللَّهَ قَالَ: مَنْ عَادَى لِي وَلِيًّا فَقَدْ آذَنْتُهُ بِالْحَرْبِ)13 .

 

فبادر - يا أخوتي أولاد أمي وأبي أولاد حاج مجيد الصباغ يجب أن تلزموا بالحقوق والأعمال والصلاة والصوم والسجود هذا بينكم وبين الله أن قبلها أن قبلت قبل ما سواها وأن ردت رد ما سواها - برد الحقوق إلى أصحابها، وأعطِ كل ذي حق حقه، وخذ السماح والعفو ممن ظلمت في هذه الدنيا؛ فهو خير لكم من أن يأخذوا منكم حسناتكم يوم تكون أحوج شيء إليها .

 

نسأل الله أن يمُنَّ علينا بالهداية والتوفيق، وأن يعيننا على أداء الحقوق إلى أهلها، وأن يجعلنا من الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه، وصلى الله وسلم على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه المنتخلبن التابعين، ولا تنسوا التعاون والتآخي وعمل الخير ودعم الجيش والعشائر والمهجرين والأيتام والأرامل والمسنين والمعوقين وكل ذو حاجة وأبن السبيل ونهدي  ثواب الفاتحة مقرونة بالصلوات على محمد وآله ولروح أمي وأبي منها نصيب والله خير حافظ وهو أرحم الراحمين.

فائزة مجيد سلمان حسين الصباغ وشكراً لتذسل الكاتب سيد صباح بهبهاني 

 

seyed.sabah.behbahani@jamil.com




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=55942
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2015 / 01 / 04
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 03 / 28