• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : ثقافات .
              • القسم الفرعي : ثقافات .
                    • الموضوع : الى أُمِّي .
                          • الكاتب : رزاق عزيز مسلم الحسيني .

الى أُمِّي


الى أعظم مخلوق منزلةً ورسالةً بعد الانبياء الى أُمي والى جميع الاُمهات اللواتي حرقن اعمارهن كالشموع من اجل سعادة ابنائهن وسهرن الليالي من اجل رعاية اطفالهن لهن جميعا
أُهدي قصيدتي



الى أُمّي خليقٌ أنْ أقولا
لقد ضارعتِ بالصبّرِ الرسولا

فأُمّي نهرُ حبٍّ ليسَ يفنى
ولا يشكو الجفافَ أو المُحولا

ويبقى مضربَ الأمثالِ فرداً
على الأولادِ دفّاقاً جزيلا

وترفدُهُ السماءُ بغيثِ نورٍ
يظلُّ الدّهرَ يُنعشُنا هطولا

حنانُكِ في حياةِ الخلقِ يُعطي
لِطالبِ حكمةٍ معنىً جليلا

أنرتِ لنا سنينَ العمرِ شمعاً
لتُجلي ليلنا الداجي الطويلا

وجابهتِ المصاعبَ باقتدارٍ
وعزمٍ شابَهَ السيفَ الصقيلا

بجمِّ التضحياتِ لنا صغاراً
بلغنا ذروةَ الأمجادِ طولا

فما خارتْ عزيمتكِ انكسارا
ولا عرفتْ حياتكِ مستحيلا

فهل تحتاجُ منْ سهرتْ علينا
سنيناً لم تكنْ يوماً كسولا

ولا ضاقتْ بما حملتْهُ ذرعاً
لعبءِ حياتِنا كانتْ ذلولا

فهل تحتاجُ من صنعتْ رجالا
أُقيمُ على محبّتِها الدَّليلا؟

يرفُّ اليكِ مشتاقاً فؤادي
وما بيني وبينَ لقاكِ حيلا

متى الدّهرُ الخؤونُ عليَّ يحنو
وأسحبَ فيكَ يا بلدي الذيولا

فحيثُ أكونُ إلا في بلادي
أحسُّ بغربتي شخصاً ذليلا

أتكتحلُ العيونُ بها قريباً
وأنعمُ في جنائنها نزيلا

فما أجدى البعادُ عليَّ إلا
لهيبَ الشوقِ منهُ الصبرُ عيلا

كأنّي إذْ أحنُّ الى بلادي
أنوحُ كشاعرٍ يبكي الطلولا

هي الوطنُ الجميلُ إذا ابتعدنا
ولم أرَغيرَهُ وطناً بديلا

هي القلبُ الحنونُ إذا أسأنا
تكونُ لنا المسامحَ والخليلا

وتحتملُ الإساءةَ دونَ مقتٍ
إذا ما كنتُ من غضبٍ جهولا

نرى فيها المودّةَ والتصافي
وطيبَ القلبِ والخُلُقَ النبيلا

وجُودُ الأُمِّ لم يعدلْهُ جودٌ
وقد ربّتْ بمحضِ الحبِّ جيلا

وتبقى خيمةً حُبّاً ودفءاً
وظلّاً في لطافتِهِ ظليلا

فأُمّي مجمعُ الأخلاقِ طُرّاً
ملاكاً لن يكونَ لهُ مثيلا

وإنْ طالَ الغيابُ عليكِ أُمّي
فإنَّ لكِ بأحشائي حلولا

فراقُكِ لا يماثلُهُ عذابٌ
وأرجو اللهَ عنّي أنْ يزولا

ويخنقني كطودٍ فوقَ صدري
سنيناً كم أُحسُّ بهِ ثقيلا

حقائبنا ببابِ الدّار حيرى
ولم يُعطِ الرعاةُ لنا حلولا

ووجهُكِ من خلالِ الغيبِ يبدو
مهيباً باكياً يشكو الذبولا

وآثارُ الزمانِ بدتْ عليهِ
كضوء الشمسِ شارفتِ الأصيلا

لو الجناتُ كانت لي مقاما
لغيركَ موطني آبى قبولا

لنيلِ رضاكِ يصبو قلبَ حُرٍّ
لأهلهِ لم يكنْ الا وصولا

لو الدُّنيا بأجمعها تخلّتْ
ومالتْ عنّي أُمّي لنْ تميلا

ويا حصنَ الأمانِ إذا خشينا
منَ الدُّنيا التنكّرَ والغلولا

ويا حضنَ الحنانِ إذا فقدنا
بدُنيانا المدافعَ و المُعيلا

وقلبُكِ عسجدٌ لم يسلُ يوماً
مع الأيّامِ يأبى أنْ يُحولا

فأُمّي من أثيرِ اللهِ جاءتْ
الى الجنّاتِ عبّدتِ السبيلا

ومن أقدامها تُروى قلوبٌ
ويُطفيءُ نبعُها الجاري الغليلا

ومهما قدّمتْ أُمي الينا
تراهُ بحبِّها الطامي قليلا

ومهما قلتُ في أُمّي قصيداً
سيبدو الشعرُ في أُمّي خجولا

ولو سطّرتُ ديواناً بأُمّي
أراهُ بحقِّها نزراً ضئيلا

بحكمتها أضاءتْ كلَّ داجٍ
كما غلبتْ بمنطقها العقولا

وليسَ يمضُّها إلا التنائي
مِنَ الأبناءِ إنْ شدّوا الرحيلا

لقد أدميتُ قلبكِ بارتحالي
وأمسى قلبكِ الحاني عليلا

وإنّي اليومَ أرجو منكِ صفحاً
وبينَ يديكِ ألتمسُ المثولا

فأُمّي رايةَ الأوطانِ عزّاً
تضاهي في تألقها النخيلا

وأُمّي الكونُ أعظمُهُ عطاءً
وأسمى ما رأيتُ بهِ جميلا

دُعائي كلَّ يومٍ يا إلهي
بعزِّكَ عمرَ أُمّي أن تُطيلا

إذا ما غبتُ تذكرني اشتياقاً
وتخشى ذا غيابي أنْ يطولا

وخلفَ الغيبِ ألحظُ في عيونٍ
تقاطرَ دمعها الغالي سيولا

ألا صوني لآلئك الغوالي
كبيرٌ فوقَ خدِّكِ أن تسيلا

دموعُ سروركِ الآتي قريباً
تكونُ لقلبكِ الباكي غسيلا
 




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=56405
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2015 / 01 / 15
  • تاريخ الطباعة : 2025 / 03 / 10