جاءت وفاة الملك السعودي عبد الله بن عبد العزيز في ظل احداث داخلية تنذر بالاضطراب بعد بروز اختلافات لم تمنع الاجراءات الشكلية في مراسم الدفن والكلمات البروتوكولية الوحدوية تغطيتها ما قد يؤدي الى اختلالات داخلية كما جاء في ظل تطور مسار الصراعات الاقليمية التي تشتعل فيها الساحات المجاورة ووضوح في حدة التقاطعات الدولية بين اللاعبين الكبار اخذت تزداد اتساعا وتمددا.
رحل الملك السعودي تاركا عبئا كبيرا على عاتق الملك الجديد الذي لايبدو انه يمتلك من القدرة والكفاءة والكاريزما والذهنية المنفتحة التي تعينه على وضع النقاط على حروف الازمات الداخلية والاقليمية التي تلعب فيها السعودية دورا كبيرا ومؤثرا. الملك الجديد بدأ بتثبيت نفوذ وقوة العائلة السديرية وتحييد نجل الملك السابق الامير متعب بن عبد الله الذي ابتدع له والده ما سُمي بـ "مجلس البيعة" عام 2007 الذي تقع على عاتقه مسألة تعيين ولاة العهد في حال وجود شواغر اضافة الى ذلك عمل الملك السابق على على تعبيد الطريق لابنه متعب عبر اجراء سلسلة من التغييرات في المناصب العليا لوزارتي الدفاع والاستخبارات.
داخليا بدأت تُشم رائحة الخلافات والاختلالات داخل نطاق العائلة المالكة في ظل صراع محموم على المواقع المتقدمة ما يُنبئ بصراعات وحراكات داخلية تتصارع فيها مراكز القوة والنفوذ الداخلي قد تنكفئ معها المملكة بقيادتها الجديدة الى الداخل فضلا عما يشكله تنظيم داعش صاحب النفوذ المتنامي بين الشباب السعودي من خطر مباشر على نظام الحكم.
اقليميا تزايد خطر ونفوذ انصار الله بقيادة الحوثيين في اليمن وباتوا لاعبا رئيسيا لا يمكن تجاوه في صياغة قواعد اللعبة الداخلية وما تتركه من تداعيات على دور اليمن الجيوسياسي في الصراعات الاقليمية والدولية.
في البحرين اتضح ان التصعيد الحكومي ضد الحركة الشعبية السلمية واعتقال وتهديد رموزها هو مجرد انعكاس لما يجري في المنطقة من تطورات شعرت معها النظام الملكي الحاكم بالضغط والضعف الشديدين وحركة استباقية لمغادرة الملك السعودي حلبة الصراع واستباق لتداعيات التسليم الكامل بدور الحركة الثورية في اليمن بقيادة الحوثيين ودورهم القادم في اليمن الجديد.
عراقيا فرضت الارادة الوطنية والشعبية ارادتها على الارض بخلاف الرغبات السعودية الرسمية وسورياً تواصل الدولة مسارها باتجاه الحسم العسكري.
كما سيؤثر حدث الوفاة الهام لا على قوة ونفوذ السعودية في المنطقة فقط وانما على مجمل دول مجلس التعاون الخليجي الذي بدأت دوله تسلم بالحضور الاقليمي الايراني الفاعل فضلا عن تأثيرات وانعكاسات هذا الغياب على مسار الصراع في اليمن والبحرين وكذلك في العراق وسوريا وهي ساحات تمتلك فيها السعودية الكثير من النفوذ وعوامل التأزيم والتأثير.
كما تزامن هذا الحدث المتوقع مع بداية تبلور معادلات القوة والردع الجديدة بعد عدوان القنيطرة الذي شعر الكيان الصهيوني معه انه كمن داس لغما ينتظر انفجاره عليه ويستعد لتحمل تبعاته ليبدو معها الصهاينة في لحظة ضعف ستراتيجي مكشوف ونادر تزامنت مع توافر مناخ دولي ورغبة اميركية في الانتهاء من الملف النووي الايراني والتسليم بدور ايران الاقليمي.
دوليا تبدو البصمات الاميركية واضحة في هندسة هيكلية المناصب الملكية الجديدة التي تضطر معها السعودية للدخول في مسار التفاهمات والتسويات التي نضجت على نار المواجهات الفرعية في المحيط السعودي لمنع انتقال شرارتها الى الداخل السعودي المهدد بالانهيار اكثر من اي وقت مضى. |