• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : فرهود شعري .
                          • الكاتب : سعدون التميمي .

فرهود شعري

بعدما تهاوت وسقطت تماثيل الطاغية وصارت قطعاً صغيرة بايدي اطفال الحصار راح البعض من كبار هذا البلد يفتح باب التطوع في منظمة (الفرهود) . وقد ادهشني ماقيل والعهدة على القائل – ان احدهم كان يتساءل عن مفهوم الديمقراطية والحرية لانها كلمات غامضة وغريبة عليه ، فاجابه احد المثقفين مبسطاً له الفكرة بأن سيصبح المواطن العراقي كغيره من مواطني البلدان الاخرى له حرية الرأي والتعبير والعبادة وسيتم كل ثلاث او خمس سنوات إجراء انتخابات حرة وديمقراطية يترتب على اثرها تغيير الحاكم او الرئيس ليخلفه اخر . فرد عليه الرجل فرحاً ( و.. الله نعمة يعني كل ثلاث أو خمس سنوات يصير فرهود ...!!! )
فلا غرابة بالأمر فإن جميع متطوعي منظمة الفرهود هم معذورين جداً فجميعهم من اصحاب النفوس الضعيفة والمتخلفين فكرياً وهؤلاء ينقسمون الى انواع عدة ، فمنهم المجرم المحترف الذي خرج من معامل الطاغية بماركة مسجلة في الاجرام والأعتداء على حقوق الاخرين ، ومنهم المحتاج الذي لم تتوفر له فرصة عمل لتوقف عنده نوازعه الدونية ، ومنهم من يقول حشراً مع الناس فرهود ..!! ومنهم من أخذ يفرهد حتى بيت جاره ، ولعل هذه الأنواع من الفرهود تخلصنا منها بعون الله وهمة العراقيين الشرفاء، لكن هناك نوعاً من الفرهود من الصعب القضاء عليه أو تحديد انتشاره ، لأن لاأحد يستطيع أن يصل إلى مستعمرة الضمير . فقد تم إستحداث نوع جديد من الفرهود الذي ينتشر في كل مجلس أو مكان ، حيث يرفعون لافتات كتب بعضها بالحبر السري جداً وبعضها بالحبر العلني وبالقلم العريض . فهم لم يكتفوا بسرقة جيوبنا وممتلكاتنا ، بل راحوا يخططون وينفذون لسرقة عقولنا وأفكارنا . فلا تندهش أو تستغرب وكن أكثر استعداداً للصدمة الفرهودية أذا مادُعيت مرة للقرأة في مهرجان أو حفل عام للقرأة أو لمجرد الاستماع في جلسة شعرية لاتتفاجأ إذا مادخل أحد الأشخاص وعليه سيماء الشاعر (من كل كلبه) ، فيضج له المكان بالتصفيق والترحيب وأحياناً الصلاة على محمد وآلِ محمد ، ويقوم عريف الجلسة أو الحفل بتقديمه بطريقة حديثة وحضارية جداً مبتدئاً بديباجة أصبحت شائعة ومكررة حيث يبدأ ويقول :ـ مع الشاعر الكبير والمظلوم والمحروم والذي كان مطارداً ، شاعر  الوطنية والحرية والجغرافية والتاريخ ،وبعد هذا التهليل والتبجيل وعند قراءة أخينا الشاعر لأول بيت من القصيدة تكتشف ان هذا الشاعر الفلته هو أحد متطوعي منظمة الفرهود الشعري ، فإذا قرأ ثلاث قصائد في الأقل ( لأنهم لايكتفون بالقليل) فإن القصيدة ستكون من نصيبك والثانية والثالثة من نصيب زملاء لك تعرفهم جيداً ، وعندما تسأله من أين لك هذا ...؟ فسيرد عليك متشنجاً مع سبق الاصرار وبلهجة حادة وهو يقبض على لحيته التي أطلق لها العنان حديثاً متنفرزاً ، لاخائفاً ولاخجلاً :ـ انها من وحي أفكاري ..!! وأنت من تكون حتى تجرأ على السؤال . وسرعان ماتصمت وتتحول إلى صنم شاعر ، لأنك تخشى طلقة طائشة أو محسوبة من أفراد منظمة الفرهود ، وتترك المكان حزيناً وأنت تردد قول الشاعر عبد الحسين الحلفي:ـ
نكرية ... نكرية
بالعشك هم نكرية
باكو خدود الولف من بين ادية
وبالشعر هم نكرية
تبتلي لو تحجي كلشي ...
حتى لو بيت ابوذية ...

 




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=5753
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2011 / 05 / 16
  • تاريخ الطباعة : 2025 / 02 / 3