منذ العام 2003 قتل المئات من شيوخ العشائر العراقيين في ظروف مختلفة وسجن آخرون، قتل بعضهم على يد القوات الأمريكية التي كانت تتنقل مثل بائع ثياب وعطور في القرى والبوادي، وتصيب من تشاء بموت زؤام، وقد تلتقي بغيره فتكرمه أيما إكرام، وربما قتل بعض الشيوخ بتهمة التخابر مع المحتل الأمريكي، ومنهم من قتل لأسباب طائفية، ومنهم من دخل في دوامة العنف وكان سببا في صراع طائفي، أو قومي، ومنهم من قاد مجموعات مسلحة لتهجير الناس وقتلهم، ومنهم من أتهم بأنه موال لدولة جوار عربية، أو أجنبية، ومنهم من أتهم بالولاء للحكومة العراقية، ومنهم من أتهم بالوقوف بوجه المجموعات المسلحة فقتل عقابا له على ذلك الوقوف، ومنهم من كان يحمل السلاح ضد تنظيم القاعدة وداعش التي تليها في الترتيب الزماني فأجتث من على الأرض، ومنهم من جمع عناصر من عشيرته في تشكيلات الصحوات فكان عليه أن يتلقى الموت بالعبوات والأحزمة الناسفة والسيارات المفخفخة كما يسميها الكوميديان المصري (سمير غانم) ومنهم من كان له موقف ناقد، أو إنه رفض دخول المسلحين الى قريته، أو مدينته فهجم عليه المسلحون بالموت الزؤام كما حصل لعشائر (الجبور والدليم والعبيد والجغيفي والميتوتي وشمر والبونمر) وسواها من عشائر أبتليت بوجود العنفيين من شتى بقاع الأرض.
تأتي حادثة مقتل شيخ عشيرة الجنابات السنية قاسم الجنابي لتثبّت مسمارا جديدا في نعش جهود الحكومة العراقية للمصالحة الوطنية وتهيج القبائل السنية الناقمة في الأصل والمحتقنة بسبب وقوعها بين سندان العنف المنظم وتنظيماته الوافدة والمحلية، وبين مطرقة قوات التحالف والجيش العراقي والقوى المسلحة التي تقاتل لطرد داعش من العراق، فكأن الذي فعل هذه الفعلة يعرف جيدا نتائجها، ويعلم يقينا إن العقل آخر من يتحرك في مثل هذا الأمر الجلل، وبالفعل فقد (هاجت القيادات السنية وماجت وإضطربت وإنسحبت وجزمت بأن مجموعات شيعية مسلحة هي من خططت ونفذت وقتلت) حتى إن الحادثة تمت في مناطق مختلطة يمكن أن تثار الفتنة بسرعة بالغة، وتركت جثث الضحايا في منطقة شيعية، ليتم تثبيت التهمة، فيسارع شيوخ العشائر الشيعية للتهدئة، والتعزية والمواساة، بينما يتداعى السياسيون الشيعة لشجب الحادثة، ويدينها النواب، ويتحدث عنها رئيس الوزراء بغضب ويتوعد من يسيئون للسلم الأهلي بالويل والثبور.
ماسيحدث هو ردة فعل سنية سياسية، وإدانات، وربما ستقوم بعض المخابرات الدولية بتفجيرات هنا وهناك، وتتحرك داعش والقاعدة للضرب في أماكن مختلفة لتهّيج أكثر، ويرد مسلحون شيعة فتندلع نار أخرى تضعف الحكومة أكثر وتنتشر الفوضى. |