• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : الصلاة معراج المؤمن الى الله... .
                          • الكاتب : خيري القروي .

الصلاة معراج المؤمن الى الله...

اروع الالحان ...
دقات الساعة في قلب المؤمن ,وصوت جرسها المنبه بموعد اللقاء مع المحبوب ..واجمل الاوقات ..وقت السحر ..حيث سكون الليل ..وهبوب نسائم الفجر ..وذلك اللقاء الحار بين العبد المحب والخالق المحبوب ..فلا يفوتك سماع ذلك اللحن الذي هو بوابة الدخول الى النعيم ..ولا يفوتك وقت السحر الذي ينتظر المستيقظون فيه امتداد يد الرحمة الالهية بكاس مترع يروون فيه ظمأهم , ويطلقون فيه شوقهم فتشرق وجوههم بالنور الذي هو مصدر كل الانوار ...
وشروق الشمس على النائمين عن ذكر الله تعالى واداء الصلوات يسلب حظهم في الحياة الاخرة ويجعلهم فقراء بعد الممات وان كانوا من اغنى الناس في الحياة الدنيا ..
فان اردت الغنى في الحياة الآخرة الخالدة ..فقلل النوم ..وتجلبب برداء الخشوع في الظلمات ..اسكب الدمعة ..واطل السجود ..وكن راجيا كانك داخل الى الجنة ..وكن خائفا كانك داخل الى النار ..وحاول دائما ان تسبق الشمس في الاستيقاظ .لان الخاسر من اشرقت عليه الشمس وهو في غفلة عن ذكر الله تعالى , والرابح من سبق شروقها بذكر الله وهو يستغفر لذنبه ..فما اعظم الفارق بين من يزرع اليوم ليحصد ويجني الثمار غدا ..وبين من نام عن حظه ليستيقظ بعد فوات الاوان بقلب كله حسرة وندم .
فالصلاة اشراقة الروح ونور القلب وزاد النفس الانسانية كي تواصل المسير نحو الهدف المحدد لها من قبل الخالق العظيم ..الصلاة تعبئ الانسان بالطاقة اللازمة حتى اذا ما دخل معترك الحياة كان دخوله امنا ..وحركته متوازنة ..وخطواته محسوبة بدقة فلا ينحرف عن جادة الصواب  (ان الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر) لان المصلي يستصحب معه مصباح الهدى الذي يستمد نوره من الصلاة التي قام بادائها بمواقيتها المحددة لها ..ومن يخاطربالدخول الى معترك الحياة دون ان يفتتح يومه بالصلاة فانه يخاطر بالدخول الى نفق الحياة المظلم بلا نور يرشده الى الطريق الصحيح او بلا اشعاع يوجه خطواته الى فعل الخير واجتناب الشر .
لذلك على الانسان وقبل دخوله الى خضم يوم جديد من عمره المحدود ان يهيئ نفسه ويحشد طاقاته من اجل ان يربح يومه ولا يخسره ..فالانسان الرابح ليومه ليس هو الانسان الذي جمع اكبر قدر من المال ,بل هو الانسان الذي جمع اكبر قدر ممكن من الاعمال الصالحة التي تزيد من رصيد انسانيته وترفع من درجته في سلم الارتقاء نحو الافضل ..وما اكثر عمل فرص الخير في هذه الحياة ..وهنيئا لمن كان همه اقتناص اي فرصة لعمل الخير ,يقتنصها في لحظتها ولا يضيعها ابدا ..فالحياة هي عبارة عن ميدان سباق للانسانية نحو الاهداف العليا والغايات السامية ,والانسان الذي لا يجد نفسه في ميدان السباق لفعل الخير , هو الانسان الذي خسر الدنيا والاخرة معا .لانه زهد في امر تكامله في هذه الدنيا ,فضيع فرصته الوحيدة في هذا الوجود ,فخسر نفسه وضيع مستقبله .
وحتى لا يخسر الانسان نفسه عليه ان يستغل فرصة وجوده في هذه الحياة ..عليه ان يهيئ نفسه مطلع كل يوم جديد ..يعبئ روحه بطاقات معنوية  ..ويفتح نوافذ قلبه لاشراقات شمس اللطف الالهي ..يفعل ذلك باداء الصلوات الواجبة ..فالصلوات اليومية هي محطات تعبئة روحية ضرورية للانسان الذي هو على سفر دائم الى ان يصل الى المحطة الاخيرة من العمر .                                               
ولكي لا يخسر الانسان نفسه عليه ان يطيع الله في اوامره ويتجنب نواهيه .ويقف عند حدود الشرع ,بل عليه زيادة في الحذر ان لا يقترب من تلك الحدود ..ان يجعل بينه وبين حدود الله التي رسمها لعباده منطقة محرمة ..وفعل المستحبات وتجنب المكروهات هما افضل وسيلة لاحاطة تلك المنطقة المحرمة بالاسلاك الشائكة ..وان لم نفعل ذلك فنحن على خطر عظيم يهدد حياتنا ومستقبل ايامنا في حياة اخرى خالدة ..والمتهجدون في الليل هم الذين عرفوا ذلك الخطر العظيم الذي يهددهم فبادروا الى علاجه بما يتناسب مع خطره واثره في حياتهم وبعد مماتهم ومع ذلك فهم يبكون خوفا ويرتجفون هلعا من تبعات ذنوب كتبت عليهم وان لم تكتب عليهم ذنوب يخافون تبعاتها فهم يخافون من نعم  كثيرة لم يؤدوا حق شكرها ..وبما ان نعم الله على عباده لا تحصى ,يبقى الانسان دائما في عجز مستمرعن اداء حق الشكرللمنعم الكبير والمتفضل العظيم وهو لله تعالى..وهذا هو مصدر الخوف الدائم للمؤمن ..والمؤمن الذي كف عن شعور الخوف من الله تعالى ووصل الى مرحلة الرضا عن نفسه فهو انسان توقف في منتصف الطريق اذ لم نقل انه تراجع عن سيره لمجرد احساسه بالشعور بالرضا والاطمئنان ...
لان الانسان لا يتكامل الا بالشعور المستمر بانه عاجز عن عن اداء حق العبودية .وهذا هو الاحساس الحقيقي والايجابي والذي يجعل الانسان دائم الصلة بالله تعالى وبعيدا عن مزالق الغواية والانحراف واكبر مظهر من مظاهر ذلك الانحراف هو ان يقول الانسان لنفسة حتى ولو لم يسمعه احد (انا افضل من الاخرين) .
انها نقطة البداية لتفشي مرض التكبر والغرور والنظر الى نفسه وكأنه على قمة جبل والاخرون تحت مستوى نظره على سفح الوادي ..وهذا هو خلاف صفة التواضع التي يجب ان يتصف بها الانسان المؤمن دائما وابدا مهما كانت مكانته ومهما كان موقعه .
فالمتهجدون في الليل عرفوا الخطر الذي  هم على ابوابه فاعدوا العدة بتعبئة انفسهم بطاقة اضافية تجعلهم قادرين على السباحة والوصول الى شاطئ الامان  ..اما الذين ناموا طوال الليل ولم يستيقظوا الا لصلاة الفجر فهم اقل تعبئة واقل حصانة في مواجهة اخطار الانحراف في معترك الحياة اليومية ..انهم وقفوا عند حدود الله في اطاعته في اوامره حينما اوجب الله عليهم اداء صلاة الفجر ..وهذا امر جيد ..ولكن الافضل هو التزود بطاقة اضافية تجعل الانسان المؤمن اكثر شعورا بالثقة والطمانينة والامان واكثر شعورا بالسعادة في ظل مشاعر رضا الله تعالى ...
اما الذين اشرقت عليهم الشمس ولم يصلوا ...
سمعوا نداء الله اكبر ولم يستقضوا ...
فهم على ابواب خطر عظيم ولكنهم لا يشعرون !!
فهم اشبه بمجموعة من الاطفال النائمين في وسط غابة تحترق من كل اطرافها وهم لا يعلمون بحقيقة وصول النار اليهم ومحاصرتها اياهم ..وكلما كان نومهم وغفلتهم عن الخطر المحدق بهم اعمق كلما كانوا اقرب الى العذاب الذي سوف يحل بساحتهم ...
فاي خطر ذلك الذي يحيط بالذين طلعت عليهم الشمس وهم نائمون ..؟
لانهم يعصون الله تعالى في امر اوجبه الله عليهم ..ولو كان هذا الامر اوجبه انسان مثلهم ذو سلطة او سطوة او لهم عنده مصلحة لبادروا الى طاعته ولسهروا الليل يترقبون طلوع الفجر خوفا من عقوبة او طمعا في مثوبة ..!!
ولكنهم زهدوا في امر الله الذي اجل العقوبة والمثوبة لوقت يوم معلوم ..زهدوا في امر عظيم وشرف كبير ..زهدوا في حظهم في الدنيا والآخرة معا فكانوا من ازهد الناس بما يفيدهم وينفعهم ويكون ذخيرة لهم بعد مماتهم ..وهؤلاء هم الخاسرون ...
وعليك اخي المؤمن ان لا تكون منهم .
دع نور الفجر يشهد لك انك من المصلين ...
ودع الليل يشهد لك انك من المتهجدين ...وشارك النجوم في تسبيحها لله رب العالمين ..دع نسيم الليل يشهد انك من المسبحين ..ودع سكون الليل يشهد انك من المستغفرين ...واحذر كل الحذر من ان تشرق علبك الشمس وانت غافل عن ذكر الله رب العالمين ..لا تدع الشمس تشهد عليك بانك من الغافلين بل لتشهد عليك بانك من المصلين .
حينما  نعصي الله تعالى فكل الموجودات من حولنا تناصبنا العداء ...
حتى الارض تضج الى ربها لمعصية الله ..
فلنبادر الى عقد صداقة حميمة مع كل الكائنات المشاركة لنا في الوجود وذلك حينما نحصر تفكيرنا بما يرضي الله تعالى ولا نفكر بمعصيته ابدا .
فاهلا بيوم تشرق فيه الشمس ونحن في طاعة الله وفي طلب رضاه ..وبعدا ليوم تشرق فيه الشمس ونحن في معصية الله تعالى ..ساهين عن الصلاة ..غافلين عن ذكر الله .
وافضل الاعمال التي نفتتح بها كل يوم من ايام العمر هي الصلاة فلنتعهدها بالسقي الدائم والرعاية المستمرة ..فالصلاة تجعل حياتنا عطاءا مستمرا فهي التي تفجر الطاقات الانسانية نحو فعل الخير ..فالانسان المصلي الذي تفجرت في داخله الانوار الايمانية وشعت على روحه الاشعاعات القدسية هو الاقدر على تفجير كل انواع الطاقة المودعة في الطبيعة , يفجر تلك الطاقة من اجل بناء الانسان لا من اجل خرابه ودماره وهلاكه كالذين فجروا القنبلة الذرية وصنعوا الاسلحة الجرثومية ..لان الصلاة توجه الانسان لفعل الخير وتبعده عن فعل الشر ...
وفي داخل الانسان المؤمن ساعة توقيت خاصة تنبهه لاوقات العبادة وخصوصا وقت صلات الفجر او وقت صلات الليل ..ومن الغريب جدا ان لا تنبهه ان لا تنبهه ساعته الداخلية الى الاوقات العبادية المهمة ولئن حدث ذلك فعليه ان يراجع نفسه ويحاسبها لان الذنوب التي تترك اثرها على قلب الانسان حتى يتحول الى قطعة سوداء.. ان هذه الذنوب سيمتد اثرها ايضا الى ساعة التوقيت الداخلية فيصيبها الخلل وربما توقفت عن العمل .
لذلك علينا ان ننتبه لانفسنا دائما ..نحاسبها بشدة ان هي انحرفت او جنحت للانحراف كي تبقى ساعتنا الداخلية الايمانية تعمل بانتظام وبلا توقف ويبقى المنبه الداخلي اروع لحن ايماني يذكر الانسان بخالقه ..يذكر المحب بوعد اللقاء مع المحبوب ...         



  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=58388
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2015 / 02 / 27
  • تاريخ الطباعة : 2025 / 02 / 3