• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : احفظوها عنِّي كلمة لله ثم للتاريخ..* .
                          • الكاتب : بلقيس الملحم .

احفظوها عنِّي كلمة لله ثم للتاريخ..*



قبل الشُّروع في الصلاة على أرواح وأجساد " السبايا " سأصف لكم الألم الذي تواطأ مع قلمي فقام بتطهيري من كل لوثة كونية. منحدرة في السهول وملوِّحة لصفائح الموت التي شوى عليها الظلاميون جثة النهر وشال العذراء وصرخة الحرية..

هل حان وقت الصلاة ؟!

لقد فاتني أن أخبركم بأن مثل هذه الصلوات لا يؤَّذن لها. بل يقال بصوت مسموع : الصلاة جامعة!

استجمعت قواي. حرَّكت شفتي بنيَّة رفعتها للسماء.                       هي اللحظة التي شعرت فيها بعبوديتي لله, ذاتها أحالتني إلى شمعة خجلت من لهب " إذلالهن لعبوديتهم " فماعت وانتهى بكائي لكن النشيج استمر.. حتى جرى على لساني أسماء " السبايا " التي بالطبع لن أكتبها لكم. لن أفشي وجع الحمَّى الذي سرى في دمي رغم محاولتي تطويع هذا الزمن اللئيم وإعادته إلى رشده.                                             نكاية بكل ما أهدروه من دم وكرامة وشرف. بعقولهم العجاف. بديانتهم " ببغيِّهم " التي يؤمنون بها. وبوحوشهم التي يلاعبونها فيبتكرون لها شكل " امرأة جميلة " تُسبى لتكون حطبا لجهنمهم..

نكاية بصمت الإنسان, وببقايا الشرانق المعلقة في الأشجار.

ببيوت العناكب التالفة وهدير الجدول في رأس الحياة

بقصائد الغزل المتفحِّمة وهي تنبش الرماد بحثا عن إصبع مجهولة

نكاية بالدموع التي يبست في صدري

فراحت تنقر باب الليل, تستجدي منه عتمة مخيفة أو وحشة خرساء أو سياطا تجحظ منها أنفاسي وتشهق..

نكاية بي!

 وأنا أكتب الآن تحت سقف آمن وعلى سرير دافئ مبلل بماء معّطَّر.. بالموسيقى التي أنهكت البيانو الحزين فراحت تمزِّق فيَّ كل وريد.

أقولها لله :

يداي امتلأت بالدموع.. والأرض صارت تبنت ملحاً!                   فهل ستترك هذه الوحوش تحكي عنك قصصا تُخثِّر الدِّماء وتُفتي بطهارة حيضة الخنازير؟!

لا تتركهم أرجوك..

لا تتركهن في كمد

أشجارهن غدت صولجان أصفر

وتنُّورهن يفور بالماء!

كنَّ يتنفَّسن..

يغنِّين داخل بيوتهن المسيَّجة بالبرتقال

ينشرن مواعيدهن على حبل الانتظار

يحكمن تغطية القدور

ويتدفأن بأغاني الوطن المقهور.

يا الله

كنَّ وحدهن.. حتى شمَّت السماء رائحة شواء أجسادهن

ومع ذلك تأخر المطر!

ومات الراعي من العطش

مات بزهرة تعثَّر بها نهاية الوادي!

يا الله

هل سننتهي من الصلاة ونحن نقشِّر الكلام؟

.

.

للتاريخ بعثت بمخطوط قد ينتهي الناشر – الذي يكذب دائما - من طباعته العام الحالي ..

ولأني طيبة جدا صدقته

واكتفيت بصرختي البيضاء التي أنشرها هنا:

اسمعوني يا أحفادي الذين يطاردون ظل الشمس في حقول الله

أرجو أن ترجموا صفحات التاريخ الملطَّخة بفضلاتهم..

بفداحة الاضطهاد

والانتهاك

والتكفير

والقتل

والعبودية

والسبي

والتعذيب

أيها التاريخ الذي ستكتبه الأرض والفلاح والغراب والذئاب والأفكار المتمردة على الجاهلية والأغاني المنغمسة في لذة الحزن ونشوة القتل والسحل والسبي على حدٍ سواء ..!

سجِّل بأننا نسخر من هذه الصفحات وندعكها في وجه الظلام الغاشم.

احفظ لنا ما تضوَّرناه من وجع

وما تحمَّلته نصف الدنيا من مهانة وإذلال

احفظ عنَّا

كل وردة

وقبلة

وصبر

ومناصرة

وانحناء للمرأة – مسلوبة الحقوق –

احفظها عن ظهر حق في وجه الباطل:

بأن الإشراق والنهوض من سيكونا درب الإنسان القادم

....

*بمناسبة اليوم العالمي للمرأة الذي يصادف الثامن من شهر مارس. وقد سلطت الضوء في هذا النص على مجتمعاتنا القائمة على هذا الاستلاب الديني - العرفي للمرأة- هذه الممارسات للأسف ليست فكراً  مستورداً بل بعضها كامن فينا! ناصبا فخاخه التاريخية لتصيّد المرأة، فكرياً ونفسياً وجنسياً. نحن هنا لرفع الغبن والجور والعبوديّة عن جسد المرأة وروحها المتمثل في " السبي " و " الأسر في زمن العبودية المعاصرة " الذي اقترفته بعض الجماعات التكفيرية. إنني أشيد بالنساء اللاتي يمتلكن الشجاعة دون سند صلب، في مقابل نساء منمَّطات ضد تحرر المرأة.  كما أنني أناشد ضمائر العالم للإفراج عمن تبقى من النساء في أسر قوى الظلام.

 




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=58931
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2015 / 03 / 10
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 04 / 19