• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : قضية رأي عام .
              • القسم الفرعي : قضية راي عام .
                    • الموضوع : ابن الناصرية والحشد الشعبي .
                          • الكاتب : احمد كاطع البهادلي .

ابن الناصرية والحشد الشعبي

علي ذلك الشاب السومري الذي أنهكته معاول الأرض وهو يزرع في بستان الطيبات أرض أهله في الناصرية المعطاء، وهو الشاب الذي لم يتجاوز عقده الثلاثين, التحق كغيره من الشباب في جبهات القتال ملبين دعوة المرجعية الرشيدة؛ دفاعاً عن الأرض والعرض من دنس قوى الشر والظلام "داعش" ومن لفَّ لفَّهم مسرعاً دون أدنى تردد أو حسابات جانبية أخرى لم يضع في باله سوى العراق ودينه ومقدساته تاركاً خلفه حبيبته التي لطالما كانت تحظه وتشجعه على الانخراط في سوح الوغى, فلبَّى نداء المرجعية وهو خاطبٌ لحبيبته وقرَّر أن يتزوجها عندما يفتح مع إخوته تكريت، ويزيل عن شركاء الوطن أعباء وهموم التكفير والموت والدمار، فعند فتح تكريت وتقدم الجيش والانتصارات المتلاحقة وانحسار العمليات العسكرية واقتصارها على الجهد الهندسي أمره مسؤوله الحربي في الحشد أن يذهب لبيته؛ ليتمِّم مراسم زواجه وفعلاً امتثل علي لأوامر مرؤوسيه، وعرَّج على أهله وليتمِّم ما بدأه وسار عليه؛ ولينهي ترتيبات عرسه وفعلا أكمل عليٌّ كلَّ شيء وجمع مع حبيبته وطوى صفحة العزوبية إلى غير رجعة، وقضى ذلك السومريُّ البطل خمسة أيام هي إجازة زواجه وعزم على الرحيل، فبان حزن زوجته لمفارقتها على عجل وشوقه لساحات الجهاد، كلَّمته وبكل احترام أن ينتظر لأيام  أُخَر، لكنه أخذ يكلمها ويحدثها ويروي لها ما جرى على المولى أبي عبد الحسين(ع) وكيف أن الناصر كان قليلاً، وأن العدو كان غداراً لا أمان له،  وذكر لها قصة ذلك النصراني "جون" الشهيد كيف وأنه ترك عروسه وهي ابنت عمه والتحق بالمولى أبي عبد الله الحسين (ع) وترك ملذات الدنيا وشهواتها؛ وليبلغ الفتح مع ابن بنت رسول الله (ص) وحينها تحولت دمعتها إلى ابتسامة غطت محياها، فأخذت توصيه بعد أن عزم على الرحيل بنفسه و بإخوته وبوطنه خيراً, حينها قرر عليٌّ الرحيل والالتحاق بسوح الوغى ومشاركة إخوانه أفراح النصر المؤزر وكانت مشاركته بعد إجازته يغطيها الفرح والسرور؛ كونه أكمل نصف دينه ولكونه أيضاً قد أدرك ما تبقى من المعركة، فلما وصل لنقطته مع زملائه ورؤية أصحابه له هنأوه بزواجه ورحبوا به لعودته مجداً لهم،  فكانوا بعد عودة عليٍّ إليهم قد ازدادوا عزيمة وإصرار، وكان في ذلك اليوم قد تعرض الظلاميون تعرضاً شديداً على وحدتهم فأراد المشاركة علي، لكن مسؤوله رفض ذلك فقال له ارتح أولاً من أعباء السفر، وبعده ستشارك حزن علي وتألم بعد أن شاع بينهم أن اثنين من إخوته المجاهدين قد استشهدوا تلك الليلة، لم ينم عليٌّ وأخذ يفكر متحسراً ومتألما فقرَّر أن يذهب لمسؤوله لعله يرخصه مرة أخرى فرفض، لكنه ألحَّ عليه وألحَّ كثيراً إلى أن وافق مسؤوله، ففرح حينها عليٌّ وذهب مسرعاً؛ ليرتدي بزته العسكرية وليحمل سلاحه وتوجه دون أدنى تردد صوب الخطوط الأمامية، ولما وصل وعلم به إخوته الأبطال به فرحوا وازدادوا عزيمة، وفعلا بدأ الحماس يدبُّ فيهم من جديد واشتغل الأعداء من كل مكان، وأطلق عليٌّ رصاصاته صوب الإرهابيين مما دفع الأعداء إلى التقهقر والانسحاب، وهم يجرون أذيال الخيبة والخذلان، فاندفع علي مع إخوته بعد انقشاع الظلمة وبزوغ الفجر صوب سواتر الأعداء وما تبقى منها وحين بدأ الأبطال يفتشون في جثث الإرهابيين ويزيلون عبواتهم، إذ زمزم في السماء صوت مدويا وهو صوت انفجار لإحدى عبوات الدواعش وركض الأبطال صوب الانفجار وحينما وصلوا وجدوا علي وهو مضرج بدمه وهو يلفظ انفاسه الاخيرة احتضنه أحد الإخوة وهو من أهالي ميسان وهو يبكي وينحب سمع حينها همسات علي وكلماته الأخيرة وكانت عبارة عن وصيه وهي العراق أمانة في أعناقكم إخوتي واغمض حينها علي عيناه مودعاً كل أحلام الصبا  وكل نعيم الدنيا وليترك وراءه زوجته وأهله ووطنه فرحم الله علي وكل الشهداء وحفظ الله الباقين من كيد الحاقدين .......



  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=59218
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2015 / 03 / 17
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 04 / 19