• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : الوقاية الغائبة والعلاج العقيم!! .
                          • الكاتب : د . صادق السامرائي .

الوقاية الغائبة والعلاج العقيم!!

القول بأن الوقايةَ خيرٌ من العلاج , وهم من أوهام السلوك البشري , فالنفس لا تتقبل مفاهيم الوقاية , لأنها لكي تتوقى عليها أن تمتنع , وما هو ممنوع يكون مرغوبا جدا للنفس!!

ووفقا لهذه الطبيعة النفسية السلوكية التي تتفاعل في أعماق البشر , فأن مشاريع الوقاية أيا كان نوعها ما هي إلى حبر على ورق , أو تعيش في فنتازيا الخيال والتمنيات.
قد يقول قائل أن في هذا الطرح مجانبة للحقيقة والصواب , لكنه لا يستطيع أن يأتي بأدلة وأمثلة تدعم رأيه , بينما الأدلة أوفر لإسناد غياب سلوك الوقاية عند البشر.

فالبشر يعرف أن التدخين يتسبب له بالأمراض , وكذلك إحتساء الخمور والمخدرات والأكل الكثير  وعدم الحركة , لكنه يمضي في ذات السلوك , وتجده يتابع علاجات عقيمة لا تصلح ما أفسده عدم توقيه وإحترازه.

فالغريب في السلوك البشري أنه لا يستوعب مفردات الوقاية من أي ضرر أو خطر , ويمضي في سلوكه المحكوم بالرغبات الطاغية على آفاق رؤيته وتبصره وإدراكه لذاته وموضوعه.

فالذي لديه وراثة لمرض السكر , عندما تقول له بأنه سيصاب بالسكر إن لم يتحذر من كذا وكذا , لأن فحص دمه يشير إلى أنه مؤهل للإصابة , لا يأخذ قولك مأخذا جادا , وإنما ينكر ويقلل ويدافع ويبرر , وربما يغضب , وعندما تبدأ عليه أعراض مرض السكر يتواصل في سلوك الإهمال وعدم الإلتزام بالعلاج , ويمضي هكذا حتى تظهر عليه مضاعفات ومشكلات صعبة , فيكون جادا في العلاج , ولكن بعد أن صار العلاج لا يشفي بل يؤذي.

وهذه النمطية السلوكية تنطبق على السلوك السياسي وغيره من التفاعلات في الحياة , فلا يمكن لسياسي أن يستوعب آليات الوقاية , وإنما يريد أن يعالج ما هو قائم وحاصل , وهذا يعني أن معظم القادة والساسة لا يسعون للوقاية وحل المشاكل , بل لصناعتها والتفاعل معها بآليات غابية ذات نتائج فادحة ونهايات مأساوية , يلصقون بها مسميات سامية.

فالنصر السياسي يعني سفك الدماء , والبطولة إحراق ودمار وخراب وإهلاك , وإرتكاب فظائع ضد الإنسانية.

وترانا اليوم عندما نتحدث عن الوقاية من الذي سيحصل , يُنظر إلى ذلك بعين الريبة والحذر , ويحسب نوع من الهذيان , لأن واجب القادة المواجهة والقتال لتحقيق البطولات ودخول التأريخ من أي باب فيه مهما كان سيئا وقبيحا.

وما دام السلوك البشري يمتلك مناعة شديدة ضد الوقاية , فأن التداعيات تتنامى والأمراض النفسية والفكرية والروحية والعقائدية تتعاظم ولن تجد علاجا شافيا , وإنما عقيما ومساهما في ولادة غيرها وغيرها من رحمها السيئ!!

د-صادق السامرائي
 




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=59761
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2015 / 03 / 29
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 03 / 28