يقول العراقيون، إنهم نجباء وأهل كرم، وهم صادقون، ويشير عديد منهم الى نسبه الكريم وأصله العظيم وإرتباطه بنسب موثق بالختم (العصملي) الذي قدمه الولاة العثمانيون لشيوخ العشائر الكبرى في العراق عند إحتلالهم لهذا البلد وبقائهم فيه لعشرات من السنين لم تنته إلا بدخول المحتل البريطاني العام 1917 وكان لشيوخ العشائر العربية ولمجموعات دينية وعلماء كبار موقف مساند للمقاومة العثمانية للدخول البريطاني، وقاتل كثر الى جانب الجنود الأتراك رغم رفضهم للإحتلال لشعورهم إن المعركة واحدة وإن البريطانيين إنما جاؤا بهدف الإحتلال وسرقة الثروات والتنكيل بالأمة بينما كانت التفاهمات قائمة مع الأتراك وهم أيضا مسلمون وجوار لصيق بالعراق يمكن التفاهم معه والإعتماد على الثقافة السائدة التي رسخت علاقة ممتدة عبر التاريخ بين البلدين برغم وجود منافسين إقليميين كإيران التي تتصدر مشهد الصراع من أجل النفوذ والسيطرة مع الأتراك عبر التاريخ، وكانت للجارين اللدودين صولات وجولات في هذا الشأن، ويحتفظ العراقيون بتاريخ من القلق بشان نوايا الجوار التركي الإيراني ويتطلعون للمزيد من التفاهمات خاصة مع تركيا التي تبحث عن دور أكثر قوة وتأثيرا في الأحداث الإقليمية والعالمية.
تركيا التي نريد ونتمنى ماتزال لم تظهر والعراقيون يترقبون سياسة مغايرة للتي كان يتبعها السيد أوردوغان عندما كان رئيسا للوزراء حيث الإنتقاد العنيف لسياسات بغداد وربما الإنحياز لطرف دون آخر، وكان ذلك مرتبطا بموقف الحكومة في أنقرة من رئيس الوزراء العراقي السابق نوري المالكي الذي إتخذ مواقف لم تكن تركيا راضية عنها، ووضعت جملة إشتراطات للقبول بعلاقة أكثر متانة مع بغداد في حال تنفيذها تتعلق بحقوق السنة ونوع المشاركة السياسية والعلاقة مع إيران والتعامل مع الحراك المعارض الذي ترى فيه إنه نوع من الرفض لما هو قائم. وبرغم التغيير السياسي في العراق، وتولي السيد حيدر العبادي رئاسة الوزراء بناءا على توافقات سياسية داخلية وخارجية ماتزال أنقرة مترددة في إعلان سياسة واضحة تجاه العراق، وحتى في إطار العلاقة مع الأحداث المتسارعة بعد دخول داعش على خط الأزمة ومايوجه لحكومة السيد أوردوغان من إتهامات بالتعاون معها من قبل بغداد الأمر الذي يتطلب ردا شافيا، ففي النهاية لايمكن فصل البلدين عن بعضهما، وهما متجاوران ويشتركان في هموم تتباين لكنها تلقي بظلال قاتمة على المنطقة وعليهما، ويجب التصرف حيالها بهدوء وحكمة ومراعاة المصالح المشتركة. نحن في أشد الرغبة بعلاقات متوازنة والإفادة من النموذج التركي في مجالات عدة ليس أقلها الجانبي الإقتصادي وتجربة أنقرة في هذا المضمار ونجاحها فيه وعلى أكثر من صعيد.
نريد للمياه التركية أن تعود ليس لدجلة والفرات وحسب، بل لكل أقنية التواصل بين البلدين، ونريدها مياه هانئة هادئة تبلل الشفاه وتروي الزروع وتونق بها الحياة بين البلدين فالمستقبل لايبنيه المتخاصمون، بل الراغبون فيه.