• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : كذب المنجمون وإن صدقوا .
                          • الكاتب : علي علي .

كذب المنجمون وإن صدقوا

مالاشك فيه أن أولوية المهام في بلد يعيش تحديات قاهرة مثل التي يعيشها العراق خلال الأشهر العشرة الأخيرة، تكون لحماية أرضه وتحريرها والذود عنها، ولأجل هذا تُسخَر كل طاقات البلد في خدمة مجال التسليح والتعبئة والتجييش. وقد حصل هذا فعلا بعد إصدار أمر الجهاد الكفائي، حين هب الشيب والشباب من العراقيين لتلبية الدعوة اليه، وقد قطع أبطاله بمشاركة الجيش والشرطة أشواطا متقدمة في مجالات عديدة من صفحات القتال والتحرير، وهو أمر يسر كل عراقي شريف صادق بحبه وولائه لوطنه.
  وقطعا مقابل هذه الانتصارات العسكرية، يجب أن يكون هناك بناء مدني وإداري في المدن المحررة فضلا عن الأخريات التي لم تطأها أقدام الغزو والاحتلال الأخير، ولكن الذي لايسر العراقيين -الشرفاء حصرا- هو البطء والتلكؤ الذي يعتري هذا البناء، إذ مازال السير في الإعمار والبناء سلحفاتيا، ومازلنا نعاني من الكبوات والإخفاقات في مؤسسات الدولة التنفيذية، والأدلة على هذا كثيرة وبمتناول أي فرد منا، إذ بمجرد سماع نشرة للأخبار المحلية يتضح جليا أن مفاصل البلد تشكو الانجماد في الإنجازات على صعيد البناء، وهو مايراه المواطن بأم عينه على أرض الواقع، فيما يستمع أحيانا الى تصريحات مغايرة تماما، تعكس صورة رائعة يتمنى ان تكون صادقة يوما ما في بلده.
 هناك مقولة مفادها؛ "كذب المنجمون وان صدقوا".. هي مقولة لايختلف على صدقها اثنان، فالغيب بعلم واحد أحد، وأحداث الغد لايتمكن أحدنا من تخمينها إلا مصادفة. لكن الذي يجري من أحداث في العراق اليوم، أظنه يشبه الى حد كبير فيلما رآه أغلبنا عدة مرات الى ان حفظ السيناريو والحوار والإكسسوار، لدرجة تمكنه من تأكيد حدسه وتنجيمه لما تؤول اليه الأحداث، وكأنها أحداث فلم (تايتنك) الذي حفظ وقائعه عن ظهر قلب بالتفصيل الممل، ولو طلب منه سرد ماسيحدث لكان ذلك أسهل اليه من شربة ماء. فلو استمعنا الى تصريحات الوزراء والمسؤولين في مؤسسات الدولة التنفيذية التي تحتك بشكل مباشر مع المواطن في توفير الخدمات والبنى التحتية والأمان وباقي حقوقه، لوجدنا انها مجموعة كلمات وجمل تتكرر في لقاءات واستضافات، تتخللها وعود وارقام هي نفسها قبل سنين قيلت في الفضائية (س) وبعد أشهر في قناة (ص) ثم أدلى بها ذات المسؤول في اجتماع أحد المجالس الثلاث، وفي لقاء مع رؤساء عشائر أو قبائل في محافظة جنوبية تارة، وتارة شمالية وشرقية وغربية. وكلها (COPY PASTE). الأمر الذي عزز ملكة العراقي في استقراء احداث المستقبل، لاسيما أن أغلب الأحداث لاتسره، كما أن المتسببين فيها يجترون الأسباب ذاتها، ما يذكرني بابيات قصيدة للشاعر خلدون جاويد منها:
في كل يوم فتنـة ودسيسـة
  حرب يفجرهـا زعيم قاتل
هذا العراق سفينة مسروقة
  حاقت براكـين بها وزلازل
هو منذ تموز المشاعل ظلمة
  سوداء ليل دامس متواصل
أما قتيـل شـعبنا او هـارب
  متشرد او ارمـل او ثاكـل
فهنا عميـل ضالـع متـآمر
  وهناك وغد حاقد متحامل
أوليس هذا ماحدث في سبايكر والصقلاوية وأمرلي والثرثار، ومن يعلم ما المخفي في قادم الأيام؟! فما نهضنا من كبوة مسؤول أخل بواجباته يدفع المواطن ثمن الخلل، إلا كبونا في محنة مسؤول او قائد آخر أرجع خطى البناء التي سار بها البلد الى المربع الاول كما يحلو لهم ان يسموه. فالأمل كل الامل ان لايكون ثمة مربع أدنى من المربع الاول ليقذفوا بنا اليه.
aliali6212g@gmail.com



  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=61569
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2015 / 05 / 06
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 03 / 29