• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : بصراحة : ايهما اكثر ديمقراطية نحن ام الانكليز .
                          • الكاتب : بشير العتابي .

بصراحة : ايهما اكثر ديمقراطية نحن ام الانكليز

هناك مقولة مفادها لاتكن ملكيا أكثر من الملك  وهي تضرب لمن يهتم بأمر معين أكثر من صاحبه الاصلي وممكن هنا ان نستعير العبارة فنقول لصاحب التجربة الديمقراطية الناشئة : لاتكن اكثر ديمقراطية من الديمقراطيات العريقة. الديمقراطية هي شكل من اشكال الحكم السياسي قائم بالاجمال على التداول السلمي للسلطة وحكم الاغلبية مع مراعاة واحترام حقوق الافراد والاقليات . وبمناسبة الانتخابات البريطانية فاني احببت ان اجري مقارنة بيننا وبينهم . اول مايلاحظ المرء هو ان هناك حزبان رئيسيان يتنافسان مع بعض الاحزاب الصغيرة التي لا تتعدى اصابع اليد وكل حزب له شعار ولون محدد يسهل التعرف عليه فاللون الازرق هو للمحافظين بينما اللون الاحمر هو للعمال وكل حزب عنده برنامج محدد واضح ووعود انتخابية محددة تشمل اولويات المواطن من الصحة والتعليم والضرائب والضمان الاجتماعي . الناخب يذهب للانتخابات وهو يعرف لمن يصوت بناء على مصلحته دون اعتبار للدين والطائفة والقومية . فالمسلم قد يصوت للعلماني او المسيحي او اليهودي او للمسلم بناء على البرنامج والوعود اما الحقوق القومية والدينيه فهي مضمونة للجميع بغض النظر عن الفائز ولهذا فهي لا تدخل في الحملات الانتخابية . لاتوجد صور او لافتات للمرشحين تملا الشوارع والساحات لان المرشحين معروفون للناس من خلال عملهم ونشاطهم في خدمة المجتمع . ويقوم بعض الناشطين برفع لوحات صغيرة امام بيوتهم مكتوب عليها كلمتين مثل صوت للعمال او صوت للمحافظين وقد تجد جارين كل منهما يرفع لوحة مغايرة لجاره دون مشاكل او توتر فالاختلاف في الراي لايفسد للود قضية . اما نحن فالناخب يذهب للانتخابات وامامه مئات الاحزاب والاف المرشحين الذين لم يعرف لهم نشاط او خدمة وربما فازوا سابقا ولم يحققوا شيئا للمجتمع ومع ذلك فالناس تذهب وتنتخب لنصرة القومية والطائفة وربما يتم تهديدهم بانهم سيدخلون النار ان لم يصوتوا لهذا الحزب او ذاك وربما يصوتوا لان فلان وعدهم بوظيفة او قطعة ارض بعد ان اقسموا امامه باغلظ الايمان بانهم سيصوتون له . وعندما تسال لماذا كثرة الاحزاب والمرشحين يقولون لك نحن بلد ديمقراطي وكل واحد له الحق والترشيح .

اما التسجيل في سجل الناخبين فهو سهل يسير .فهناك موقع الكتروني يستطيع اي شخص ان يدخل للموقع ويضع بياناته او يغيرها ان كان مسجلا سابقا وبعد فترة تأتيه رسالة للبيت تؤكد اضافته لسجل الناخبين بعد تدقيق المعلومات التي ادخلها وليس هناك وقت محدد  لادخال المعلومات لهذا السجل  . كما ان هناك تلفون وأيميل يستطيع اي شخص الاتصال من خلاله لمعرفة ان كان اسمه في سجل الناخبين ام لا  ولهذا لايحدث ابدا ان يذهب الناخب ويمنع من المشاركة في الانتخابات لان اسمه غير موجود في سجل الناخبين  كما يحدث عندنا ثم ترتفع الاصوات بان منعهم كان لاسباب سياسية  لانهم من مؤيدي الحزب الفلاني  .

اما يوم الانتخابات فهو يوم عادي وليس عطلة رسمية ولايوجد منع لمرور السيارات وتسير الامور بانسيابية وسلاسة وهناك موعد محدد لفتح المحطات الانتخابية وغلقها بدون تمديد ويبدأ العد والفرز في نفس المكان في نفس اليوم وترسل النتائج الى مكان مركزي ليتم الاعلان عن النتائج في نفس اليوم او اليوم الذي يليه  دون انتظار الاعتراضات أو الطعون المحتملة .لايخرج اي حزب للاعلام ويعلن فوزه قبل الاعلان الرسمي لنتائج الانتخابات  وعندها يعلن الفائز فوزه ويعترف الخاسر بخسارته ويهنيء الطرف الفائز  وعادة مايستقيل رئيس الحزب الكبير اذا فشل في الفوز في الانتخابات . أما عندنا فيوم الانتخابات هو اشبه بيوم حرب فهناك حالة طواريء وعطلة رسمية وقطع للشوارع وهناك طوابير وناس تتذمر من عدم وجود اسمائها وكل حزب يعلن عن فوزه بالانتخابات قبل اعلانها رسميا وهناك من يعلن عن حالات تزوير ويهدد المفوضية ويحذرها . ويستمر الامر اسابيع وشهور ولا أحد يعرف النتائج وسط شائعات عن تزوير النتائج والاف الشكاوي والطعون . 

أما ماذا يجري بعد اعلان النتائج فهو يعتمد على النتائج نفسها . الحزب الذي حصل على اعلى الاصوات سيكون له الحق بتشكيل الحكومة بمفرده أو بالاتفاق مع أحزاب أخرى لها نفس البرنامج أو قريبة منه . الحزبان الرئيسيان لايمكن ان يشتركا في حكومة واحدة وذلك لأختلاف البرنامج فالحزب الكبير أما في الحكومة أو المعارضة . كل حزب له خطوط حمر لايتنازل عنها وله برنامج انتخابي يريد تطبيقه  ولهذا عندما يفشل لايتهم الاحزاب الاخرى بعرقلة العمل وعندما ينجح يحسب النجاح له وعلى ضوء ذلك يكافئه الناخب أو يعاقبه في الانتخابات القادمة  . لايتحدث احد عن اقصاء أو تهميش لأنه لم يتم أشراكه في الحكومة  حتى أن حصل على نصف الاصوات أوأقل قليلا . أما تشكيل الحكومة فلايستغرق وقتا طويلا وربما يتم خلال 48 ساعة وذلك لان كل حزب عندما يكون في المعارضة تكون عنده حكومة ظل جاهزة في اي وقت ولايحتاج لأرضاء الحزب الفلاني أو الكتلة الفلانية ولايحتاج لاستحداث وزارات لادور لها سوى أرضاء هذا الطرف أو ذاك . أما عندنا فبعد الانتظار الطويل لأشهر لنتائج الانتخابات تبدأ المحادثات الماراثونية لتشكيل الحكومة . الكل يريد أن يشترك في الحكومة حتى من حصل على مقعد واحد . كل كتلة عندها مطالب تريد تحقيقها كشرط لدخول الحكومة وربما تتعارض مع الكتلة الفائزة . وحتى الكتلة الفائزة تحتاج لشهور لتعلن عن مرشحها لرئاسة الوزراء بعد توزيع الحصص فيما بينها أما رئيس الوزراء فليس له حق اختيار الوزراء بل هي مفروضة عليه من الكتل . الكل مشترك في الحكومة للفوز بالمغانم والمكاسب  لان الوزارة تعني مورد مالي للحزب ولكن عند الفشل فان الكل يتبرء من الحكومة  ويحمل الاطراف الاخرى مسؤولية الفشل . كل حزب لايهتم بنحقيق مصالح الشعب لأنه يعرف أنه سيشترك في الحكومات القادمة بدواعي التوازن وعدم التهميش  ولانه يعرف ان الناس سوف تنتخبه في المرات القادمة بعد ان يخوفهم من عودة حزب البعث أو داعش أو دخول النار بسبب عدم نصرة الطائفة .

balatabi@ymail.com




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=61633
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2015 / 05 / 07
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 03 / 29