• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : من قارع الدفوف الى منصات واشنطن رافع العيساوي.. الطبيب الذي يحفر في جراح السنة .
                          • الكاتب : حسن علي الزين .

من قارع الدفوف الى منصات واشنطن رافع العيساوي.. الطبيب الذي يحفر في جراح السنة

 لن يحمل رافع العيساوي، السياسي السني، والطبيب الذي تخرّج من جامعة بغداد عام 1990، مباضع جراحيّة لمعالجة أمراض جسد محافظة الانبار، الذي بدا القيح واضحاً عليه، خاصّة بعد مرور عام على احتلال تنظيم "داعش" لنحو 80 بالمئة من مساحة المحافظة الغربيّة.

ومن المرجّح، وفقاً للتسريبات، أن يذهب العيساوي، المتهم بقضايا إرهابيّة في بغداد، الى واشنطن قريبا، من أجل بحث قضيّة تسليح العشائر السنيّة، فضلاً عن إلقائه محاضرة في معهد "بروكنز" الأميركي عن واقع المجتمع السنّي في العراق.


سيقف العيساوي بربطة عنق أنيقة وببلاغة زائفة ليشرح للأميركيين -وعلى رأسهم صناع الحرب وقادة الأزمات - معاناة المجتمع السنّي في ظلّ وجود حكومة "صفوية" تتلقّى الدعم من إيران، وتجعل البلاد حديقة خلفيّة للمرشد الأعلى للثورة الإسلامية.


يعرف جميع المهتمّين بالشأن السياسي العراقي المقولات المكرّرة للعيساوي، إلا أنهم يعرفون أيضاً حجم التزوير الذي يحمله في خطاباته وبياناته، فضلاً عن معرفتهم بأن العيساوي كان أوّل المشاركين بهتك عرض محافظة الانبار، وإيصالها إلى الحال الذي وصلت إليه، وهو بطبيعة الحال، لا يسرُّ خاصة مع نزوح نحو مليون شخص من مدن المحافظة الغربيّة بسبب وحشيّة تنظيم "داعش" الذي مهّد العيساوي لوصوله إلى الانبار.وبالنظر إلى خلفيّة العيساوي، سيتضح بشكل جلي كم أن "الطبيب" تاجر بأهله، ورقص على أنغام صراخهم.


هو إذن: رافع حياد جياد ذياب العيساوي، ولد عام ١٩٦٦ بقضاء الفلوجة، المدينة المشهورة بالجوامع، أكمل دراسته الجامعيّة عام 1990 في جامعة بغداد، وليتخصّص بعدها بجراحة العظام والكسور من جامعة البصرة.


لم يكن العيساوي رافضاً للعمليّة السياسية الجديدة التي حلّت في العراق بعد نيسان عام 2003، إذ سرعان ما عرف كيف يدخل قويّاً إليها، حيث عمل أثناء سقوط نظام صدام مديراً لمستشفى الفلوّجة العام، وعالج آنذاك المسلحين الذين قاتلوا القوّات الأميركية، وهم غالبيّتهم من العرب المتعاطفين أو المنضمين إلى تنظيم "القاعدة".


وفقاً لهذا، حصل العيساوي على صفقة من أجل تسليم المسلّحين مقابل إبرازه كزعيم سنّي في العمليّة السياسية التي تعاني أساساً من شحٍّ في القادة السنّة.

تدرّج العيساوي بعد تمتين علاقته بالجيش الأميركي إلى منصب مدير عام لصحّة محافظة الانبار، وترافق ذلك مع عقده لقاءات مع السياسيين العراقيين، وخاصّة الشيعة منهم، وليدخل الانتخابات النيابية عام 2005 وينال مقعد كنائب في البرلمان العراقي.


استغل العيساوي مرّة جديدة جراحات أهالي الفلوجة حين ثاروا على الجيش الأميركي، إذ دخل بمفاوضات مع الإدارة الأميركية في تسليم جميع قيادات المقاومة المتواجدين في الفلوجة، مقابل دفعه أكثر في الترشّح للمناصب، بالإضافة إلى الحصول على السلاح والنفوذ للجناح المسلّح لحركة "حماس" العراق، والتي كانت طرفاً رئيساً في الاقتتال الطائفي الذي اندلع في العراق عامي 2006 و2007، وأدى إلى مقتل نحو 200 ألف مدني من الطائفتين السنيّة والشيعية.


قادت طموحات العيساوي، والرؤوس السنيّة المقاومة للاحتلال والتي سلّمها إلى الإدارة الأميركية إلى تسلمه منصب وزير الدولة للشؤون الخارجية عام ٢٠٠٦، ومن ثمّ نائباً لرئيس الوزراء عام ٢٠٠٨ بعد استقالة سلام الزوبعي.بدا خطاب العيساوي وهو يتنقّل من منصب إلى آخر متساوقاً مع خطاب الحكومة الاتحادية التي يقودها نوري المالكي والإدارة الأميركية التي يمتلك العيساوي علاقات "مريبة" معها بسبب التعامل معها طوال السنوات الماضية في الحفاظ على جنودها من قادة المقاومة.


في عام ٢٠١٠ تسلّم العيساوي منصب وزير المالية بعد تجديد الولاية  للمالكي للمرّة الثانية في منصب رئيس الوزراء، إلا أنه في عام 2011، وبعد انسحاب القوّات الأميركية من البلاد، اعتقد العيساوي – وفقاً للمقربين منه - أن أحزاب التحالف الوطني ستستأثر بالسلطة، الأمر الذي دفعه للقيام بعمليات إرهابيّة في عدّة مدن، ومنها بطبيعة الحال، في الفلوجة.


دفع ذلك أهالي الفلوجة إلى القيام بالشكوى للحكومة الاتحادية ضدّ حماية العيساوي، والذين ينتمون جميعها إلى حركة "حماس" العراق، ما دفع بالحكومة إلى إصدار مذكّرة ألقاء قبض بحقّهم، الأمر الذي روّج له "الطبيب" على أنه إجراء يهدف إلى النيل منه شخصيّاً، والنيل أيضاً من أهل السنّة في العراق.


هكذا حصلت التظاهرات والاعتصامات التي انطلقت في مدن الانبار بعد الحصول على تمويل لها من رجال أعمال معارضين للعمليّة السياسية، وهكذا أيضاً نمى جيش من المتطرفين في المحافظة، وهكذا أيضاً حصل قتل قادة الصحوات ليحلّ محلّهم قادة الإرهاب، المدعومين من العيساوي شخصيا..


كانت الصورة الأبرز للعيساوي خلال الاعتصامات إمساكه الدفوف ليعزف للمتظاهرين ألحان النصر، والتي تحوّلت إلى ألحان جنائزية بعد ذلك، خاصة مع اكتساح "داعش" للمدن الآمنة.. فالأنبار جرى انتهاك حرائرها من قبل داعش.. والمنازل صارت أثرا بعد عين.. كل هذا من أجل "مظلومية" زائفة، أشاعها العيساوي بين السكان، وروج لها حشد من ابناء عشيرته الذين كانوا في السابق "رماية" تهريب الخرفان على حدود العراق مع الأردن.. تاجر العيساوي، الذي حصل على ثروة ماليّة هائلة من تهريب الخرفان وبيع ملفات الصحوات الى القاعدة، بأهل مدينته ودفعهم بسبب فسح المجال للجماعات المتطرفة إلى النزوح من مدنهم وتعريضهم إلى الإذلال والجوع والموت، وبالرغم من ذلك، لم يقف إلى صفّهم، حيث سارع إلى أربيل ومن ثمّ إلى العاصمة الأردنيّة عمّان ليحصل على الأمان، بينما هم يعانون من القذائف المتساقطة على منازلهم.


يتساءل أهل الانبار كل يوم: أين العيساوي، غير أنّهم أدركوا جيّداً، بعد أن عانوا ما عانوه، أن أغلب ساستهم، وعلى رأسهم العيساوي، تركوهم للخذلان وحده.

العيساوي.. ابن "البي كي سي"، كما يقول عن نفسه.. تنقل من تهريب الخرفان الى نقر الدفوف.. وها هم أهله مشردون، بينما يقول المقربون منه إنه لا يغادر السعودية، إلا لحياكة مؤامرة جديدة تجلب العار لأهله..


رافع العيساوي الآن ممنوع من دخول الفلوجة، وأهله وأبناء عشيرته أول من أهدر دمه، فهو، بالنسبة لهم، مصدر قتلهم وتهجيرهم.. ولولا "حماوته" على "الدف".. لكان حال الأنبار مختلف الآن




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=61747
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2015 / 05 / 10
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 04 / 19