• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : هل بالإمكان محاسبة السلطات السعودية عن جرائمها في اليمن دوليا؟ .
                          • الكاتب : مركز آدم للدفاع عن الحقوق والحريات .

هل بالإمكان محاسبة السلطات السعودية عن جرائمها في اليمن دوليا؟

 جميل عودة/مركز آدم للدفاع عن الحقوق والحريات
تعد منظمات إنسانية في اليمن، محلية ودولية، ملفاً خاصاً بجرائم الحرب المرتكبة ضد اليمن من قبل الحكومة السعودية بنية تقديمه للمحكمة الجنائية الدولية، وبحسب هذه المنظمات فان هذه الجرائم تعد طبقاً للقانون الدولي والمعاهدات الدولية، وعلى رأسها اتفاقية جنيف 1949م جرائم حرب لا تسقط بمرور الزمن.

 فماذا نعني بجرائم الحرب؟ وما هي الجرائم التي ارتكبتها الحكومة السعودية ضد اليمن؛ سواء الأشخاص المدنيين أو الأعيان المدنية؟ وهل بالإمكان محاكمة الرموز السعودية عن تلك الجرائم أم تبقى تلك الملفات عالقة في أدرج تلك المحاكم حتى يأكل الدهر عليها ويشرب؟ وما هي البدائل المتاحة للشعب اليمني لمحاكمة مجرمي الحرب السعوديين واليمنيين الذين تسبب بمثل هذه الجرائم؟

 يؤكد نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية في ديباجته "أن أخطر الجرائم التي تثير قلق المجتمع الدولي بأسره يجب ألا تمر دون عقاب وأنه يجب ضمان مقاضاة مرتكبيها على نحو فعال من خلال تدابير تتخذ على الصعيد الوطني وكذلك من خلال تعزيز التعاون الدولي. وقد عقدت "الدول الموقعة" العزم على وضع حد لإفلات مرتكبي هذه الجرائم من العقاب وعلى الإسهام بالتالي في منع هذه الجرائم".

 ونصت المادة (5) من هذا النظام " 1- يقتصر اختصاص المحكمة على أشد الجرائم خطورة موضع اهتمام المجتمع الدولي بأسره، وللمحكمة بموجب هذا النظام الأساسي اختصاص النظر في الجرائم التالية :-أ -جريمة الإبادة الجماعية. ب- الجرائم ضد الإنسانية. ج- جرائم الحرب. د - جريمة العدوان."

 وتعني "جرائم الحرب" وفق هذا النظام العديد من انتهاكات الخطيرة منها على سبيل المثال: القتل العمد، التعذيب أو المعاملة اللاإنسانية، بما في ذلك إجراء تجارب بيولوجية، تعمد إحداث معاناة شديدة أو إلحاق أذى خطير بالجسم أو بالصحة، إلحاق تدمير واسع النطاق بالممتلكات والاستيلاء عليها دون أن تكون هناك ضرورة عسكرية تبرر ذلك وبالمخالفة للقانون وبطريقة عابثة، تعمد توجيه هجمات ضد السكان المدنيين بصفتهم هذه أو ضد أفراد مدنيين لا يشاركون مباشرة في الأعمال الحربية، تعمد توجيه هجمات ضد مواقع مدنية، أي المواقع التي لا تشكل أهدافاً عسكرية، تعمد شن هجمات ضد موظفين مستخدمين أو منشآت أو مواد أو وحدات أو مركبات مستخدمة في مهمة من مهام المساعدة الإنسانية أو حفظ السلام عملاً بميثاق الأمم المتحدة ماداموا يستخدمون الحماية التي توفر للمدنيين أو للمواقع المدنية بموجب قانون المنازعات المسلحة، تعمد شن هجوم مع العلم بأن هذا الهجوم سيسفر عن خسائر تبعية في الأرواح أو عن إصابات بين المدنيين أو عن إلحاق أضرار مدنية أو إحداث ضرر واسع النطاق وطويل الأجل وشديد للبيئة الطبيعية يكون إفراطه واضحاً بالقياس إلى مجمل المكاسب العسكرية المتوقعة الملموسة المباشرة، ومهاجمة أو قصف المدن أو القرى أو المساكن أو المباني العزلاء التي لا تكون أهدافاً عسكرية بأية وسيلة كانت...الخ.

 في الواقع اليمني، هناك ما يؤكد أن الحكومة السعودية قد خالفت أحكام القانون الدولي الإنساني، ولاسيما الاتفاقية الرابعة التي تعنى بحماية المدنيين أثناء الحروب، وقامت بعمليات قتل متعمدة لآلاف من المواطنين اليمنيين، وتعمدت شن هجوم جوي أسفر عن خسائر تبعية في الأرواح وإصابات بين المدنيين من خلال القصف المستمر، وهاجمت وقصفت المدن والقرى والمساكن أو المباني التي لا تكون أهدافاً عسكرية، وألحقت تدميرا واسع النطاق بالممتلكات اليمنية دون ضرورة عسكرية، وتعمدت توجيه هجمات ضد مواقع مدنية بما فيها قبور وأضرحة المدنيين، أي المواقع التي لا تشكل أهدافاً عسكرية أبدا، وألحقت أضرارا مدنية واسعة النطاق وطويلة الأجل وشديدة بالبيئة الطبيعية اليمنية..

 ووفقا لذلك، طالبت منظمة "هيومن رايتس ووتش" بإجراء تحقيقات دولية محايدة مع جميع القوات المشاركة في العدوان على اليمن والذي تقوده السعودية، حول ما إذا كان حدث انتهاك قوانين الحرب، واتخاذ الإجراءات اللازمة، وذلك بعد غارة جوية شنها الطيران السعودي أدت إلى قتل ما لا يقل عن ٢٩ مدنياً وجرح ٤١ آخرين بينهم ١٤ طفلاً و١١ سيدة، في مخيم المزرق بمحافظة حجة. كما أصابت منشأة طبية وسوقا محلية وجسراً. وأشار تقرير صادر عن منظمة هيومن رايتس ووتش، إلى وجود أدلة باستخدام السعودية للقنابل العنقودية في الغارات التي تشنها على العديد من المناطق اليمنية منذ ٢٦ مارس ٢٠١٥.

 وبالتالي، كان من الطبيعي أن تقوم المنظمات المعنية برصد وتوثيق انتهاكات حقوق الإنسان مثل رابطة "المعونة لحقوق الإنسان" و"ائتلاف شركاء" ومؤسسة "البيت القانوني"، وكلها منظمات يمنية، بتقدم بشكاوى جنائية إلى مدعي عام المحكمة الجنائية للتحقيق في الجرائم السعودية ومحاكمة مجري الحرب السعوديين.

 هل يمكن للمحكمة الجنائية الدولية أن تفتح تحقيقا في ملف الجرائم التي ترتكبها السلطات السعودية في اليمن؟ وهل يمكن محاكمة مجرمي الحرب السعوديين بالفعل في ظل التناقضات الدولية؟

 وفق نظام روما الخاص بمحكمة الجنائية الدولية لا يمكن فتح تحقيق في الجرائم التي ترتكب ما لم تكون الدولة من الدول المصادقة على اتفاقية روما الأساسية للمحكمة الجنائية الدولية؛ فالقاعدة الأساسية أن المحكمة لا تتدخل إلا في الجرائم التي ترقى إلى جرائم حرب أو إبادة جماعية أو جرائم ضد الإنسانية إذا ما وقعت على أراضي دولة منضمة إلى اتفاقية روما، أو من قبل مواطني هذه الدولة.

 وعليه، فان المحكمة الجنائية لا تملك في الوقت الحاضر اختصاصا للتحقيق في ادعاءات بارتكاب جرائم ضد الإنسانية أو مجرمي الحرب من أي من أطراف النزاع في اليمن، لأن اليمن لم تنضم إلى اتفاقية روما. ويظل الاستثناء من هذه القاعدة ممكنا، إذا أصدر مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة قرارا يفرض على اليمن التعاون مع المحكمة، كما حدث في ليبيا والسودان.

 المتحدث باسم المحكمة الجنائية الدولية فادي العبد الله يقول "هناك ثلاثة طرق مختلفة للجوء إلى المحكمة الجنائية الدولية: يمكن أن يفتح المدعي العام تحقيقا في حال تقدمت دولة عضو بطلب لذلك، كما يمكن للمدعي أن يفتح تحقيقا بمبادرة منه شرط الحصول على إذن من القضاة، كما يمكن فتح تحقيق بطلب من مجلس الأمن. وهذه الإمكانية الأخيرة تعد الحل الوحيد لكي يشمل اختصاص المحكمة دولة غير عضو في اتفاقية روما، استخدمت في حال ليبيا والسودان فقط."

 وبالتالي، يمكن أن تنظر المحكمة الجنائية الدولية بالجرائم التي ترتكبها السعودية ضد اليمن في الحالات التالية:

1- إحالة ملف اليمن إلى المحكمة الجنائية الدولية من مجلس الأمن في الأمم المتحدة؛

2- أن تمنح اليمن (الحكومة اليمينية) طواعية الاختصاص القضائي للمحكمة الجنائية الدولية لحالات معينة فقط؛

3- أن تنضم اليمن للمحكمة الجنائية الدولية من خلال الانضمام إلى نظام روما الأساسي.

 في الحقيقية، سواء تمكنت المنظمات اليمينية المعنية بانتهاكات حقوق الإنسان في اليمن من إقناع المحكمة الجنائية الدولية بالجرائم التي ترتكبها السلطات السعودية في اليمن أم لا، فان على اليمنيين والمنظمات اليمنية القيام بالآتي:

1- رصد الجرائم التي ترتكبها السلطات السعودية وقواتها في اليمن وتوثيقها ونشرها على نطاق واسع من خلال الأرقام والمعطيات على الأرض، لان من شأن هذا الرصد أن يحدث تغييرا على المستوى الوطني والدولي ويعطي انطباعا مغايرا لما يحاول السعوديون تسويقه للرأي العام العالمي؛

2- عقد المؤتمرات والندوات وورش العمل على المستويين المحلي والدولي للتعريف بالجرائم التي ارتكبتها القوات السعودية في اليمن ضد اليمنيين المدنيين والمنشئات اليمنية؛

3- تشكيل فرق عمل وطنية من المنظمات اليمنية قانونية وإعلامية مهمتها التنسيق والتواصل والتعاون مع المنظمات الدولية التي تعنى بمهمة توثيق الانتهاكات والجرائم التي ترتكبها السلطات السعودية في اليمن؛

4- تشكيل محاكم وطنية تبدأ على الفور بالنظر في الجرائم التي ارتكبتها الحكام السعوديون  ومحاكمتهم محاكمة عادلة-ولو غيابا -لان المحاكم الدولية ليست بديلا عن القضاء الوطني.

 مع ذلك حتى ولو تأخرت محاكمات مجرمي الحرب السعوديين، فان المستقبل سوف يحكي للأجيال كيف أن النظام السعودي قد ارتكب أبشع الجرائم بحق اليمنيين الأبرياء، وستظل دماء الأطفال والنساء تلاحق آل سعود مثلما تلاحق دماء الفلسطينيين الصهاينة المجرمين.

..........................................

** مركز آدم للدفاع عن الحقوق والحريات هو أحد منظمات المجتمع المدني المستقلة غير الربحية مهمته الدفاع عن الحقوق والحريات في مختلف دول العالم، تحت شعار (ولقد كرمنا بني آدم) بغض النظر عن اللون أو الجنس أو الدين أو المذهب. ويسعى من أجل تحقيق هدفه الى نشر الوعي والثقافة الحقوقية في المجتمع وتقديم المشورة والدعم القانوني، والتشجيع على استعمال الحقوق والحريات بواسطة الطرق السلمية، كما يقوم برصد الانتهاكات والخروقات التي يتعرض لها الأشخاص والجماعات، ويدعو الحكومات ذات العلاقة إلى تطبيق معايير حقوق الإنسان في مختلف الاتجاهات...




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=61954
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2015 / 05 / 15
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 03 / 28