• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : ثقافات .
              • القسم الفرعي : ثقافات .
                    • الموضوع : الشاعر والناقد جمال جاسم امين اعتبر نفسي شاعرا معلّما والشاعر المعّلم ليس الملقّن بل الذي يترك خلفه مجرّة تأثير ، يخلق أفقا يتيح للاخرين السياحة والسباحة فيه .
                          • الكاتب : عبد الحسين بريسم .

الشاعر والناقد جمال جاسم امين اعتبر نفسي شاعرا معلّما والشاعر المعّلم ليس الملقّن بل الذي يترك خلفه مجرّة تأثير ، يخلق أفقا يتيح للاخرين السياحة والسباحة فيه

حواره في الرصيف المعرفي في ميسان   عبدالحسين بريسم 
يعد الشاعر والناقد جمال جاسم امين واحد من اهم الشعراء والنقاد في العراق لما قدم منجز على صعدي الشعر والنقد وعلى مدى اكثر من عقدين من الزمن شاعر عبد طريقه الشعري بكل ما هو مغاير وبصامته واضحة منذ سعادات سيئة الصيت والى غابة الصمغ اضافة الى طروحات ومقالاته النقدية المصاحبة لمنجزه الشعري عن مشروعة الكبير البديل الثقافي وسعاداته الشعريه كان هذا الحوار سالناه
 
1-قبل البداية لابد ان نحاورك عن – البديل الثقافي- المشروع والمجلة ماذا تقول
ج/: ان البديل الثقافي خطاب يحتاج الى مجلة بمعنى ان اصدار المجلة كان بفعل الحاجة لترويج واعلان الخطاب وهو امر طبيعي ، المجلة وحدها تظل عائمة ما لم تنطلق من رؤية جديدة تتبناها و تدافع عنها وبالفعل كنت احرص من خلال مقالاتي الافتتاحية بوصفي رئيسا للتحرير ان اثير الاسئلة الحيوية في خطاب و مفهمة الاستبدال الثقافي واظن انني على مدى سبعة عشر عددا حاولت ان اغطي الكثير ، واجمالا اقول : ان مشروع البديل لثقافي يحتاج انشطة و فعليات متعددة واحدة منها المجلة التي نحن الان بصدد الحديث عنها وبالفعل اقيمت اكثر من ندوة حوارية نقلها الاعلام المرئي و المكتوب كان الهدف منها توسيع فضاء تداول الفكرة واغناءها بالجديد في كل مرة .
2- طرحت البديل الثقافي عن اي ثقافة تريد التبديل وهي هو بناء على بناء او بناء على انقاض ثقافة انقرضت
ج/ ربما يبدو العنوان صادما ، ذلك لاننا نخلط غالبا بين (البديل ) و ( المعارض ) وقد ميزت في احدى الافتتاحيات بين المفهومين ، بين قسرية و صراع المعارضة و حوارية الاستبدال ، البديل ليس ازاحة لاحد بل هو مساءلة جادة و مستمرة من اجل الوصول للاصلح وهذه هي مهمة الثقافة ، عندما يتوقف جدل الاستبدال نقع في الوثوق الايدلوجي ، نخرج من المعرفة الى التصنيم ! من حيوية السؤال الى سكونية الاجوبة الجاهزة ، البديل الثقافي خطاب معرفي يبحث عن مكاشفات نقدية تلامس الجذور دون ان تنشغل بالنتائج الظاهرة وحدها وصولا الى وعي نقدي ( ضدي ) كما اسماه كمال ابو ديب على ان لا تكون الضدية جلدا للذات بل نريدها كشفا للعيوب النسقية القارة وفهرسة للتصدعات التي تعيق حركة التنوير ، هذه المفردات التي اعدها تأسيسية استوعبتها بحثا في كتابي الرديف ( وعي التأسيس ) ، هذا الكتاب كنت قد كرسته لمهمة تأصيل مشروع البديل الثقافي تأصيلا نظريا لاننا لا نريد لهذا المشروع ان يتحول الى يافطة اعلامية شأنها شأن اليافطات التي تلمع سريعا لتخبو ، البديل الثقافي مشروعنا نحن جميعا ، هو عتبة وعي نقدي جديد و مغاير ، ورشة اسئلة كما اسميناه في بيان التأسيس الصدار خريف 2005 مع عدد المجلة الاول ، نحن نعرف صعوبة الاشتغال الفكري في ظل ضجيج ثقافة منفعلة بالميديا و مفاجآت اللحظة واغراءات مراكز القوة و النفوذ ، هذه الثقافة ظلية تابعة وهي واحدة من سمات الثقافة التالفة المقصودة بالاستبدال ، نعرف ايضا ان مشروع البديل الثقافي حلم طويل لكن هدفنا اولا ان نحرره من حدود الحلم الفردي الى مديات اوسع .
 3- ميسان المدينة اخذت تتبنى – النقد الثقافي – ماذا تقول في ذلك.
ج/ النقد الثقافي بنسخته المطروحة اليوم اعده تشويها للنقد السياقي الذي يسعى الى ملامسة انساق ما وراء النص ، لا اختلف مع من يريد كشف القبحيات التي تتستر وراء الجمالي ، نعم ، لكن شرط ان لا يصبح النقد نفسه قبحيا ! اليوم صار الجمال ذاته متهما بالقبحية ! هذه الرؤية انا ارجعها الى اصول ايدلوجية تستهدف المدنية والتمدن باعتبار ان الفنون الجميلة لكونها ( جميلة ) تكرس وعيا مضادا للتطرف و الظلامية بل و الوثوقية بكل اشكالها ، اظن ان تسفيه الجمال الادبي و الفني يصب اخيرا في صالح هكذا ظلاميات ، هذا الكلام ليس دفاعا عن الشكلانية المحضة بل هو كشف للاغراض السياسية التي تتهم الجمال برمته .. النقد الثقافي الذي يمارس اليوم في العراق تشويهي بامتياز ، اما بالنسبة لسؤالك عن ( ميسان ) اتمنى ان ينتبة الاخوة العاملون في هذا الحقل لهذه المسالة كي لا يقعوا في خلط المفاهيم و الاهداف ، ولايضاح الفكرة كاملة انا اعتبر ان مشروع البديل الثقافي بخطابه المعروف الذي تحدثنا عنه يقع في الصميم من نوع النقد الثقافي الذي نتوخاه ، نقد الانساق السوسيو ثقافية .
 
 4- انت تمسك رمانة الشعر بيد وفي الاخرى مشروعك النقدي اي الرمانتين اقرب وكيف يحصل ذلك
ج/ السؤال يفترض ان الرمانتين حسب تعبيرك بمذاقين مختلفين ، انا اعتقد انهما بمذاق واحد واذا كان لابد من التمييز قليلا فاقول كما قال الشاعر و الناقد علي جعفر العلاق ( انا شاعر يكتب النقد ) اكرر هذا المعنى للتاكيد على اني اذهب للنقد بمحرضات شعرية واعرف ان مثل هذا الكلام لا يروق للنقاد الاكاديمين او المختصين بالنقد وحده ، في مهرجان المربد الاخير جمعتني جلسة قصيرة مع الناقد المصري المعروف صلاح فضل و في معرض الافصاح عن منهجي في القراءة النقدية القائم على اساس منهج الناقد لا منهج النقد وكما هو مفصل في كتابي ( اسئلة النقد ) المكرس لموضوعة المنهج ، اجابني ( فضل ) : انك تقول هذا الكلام لانك شاعر ، اي ان عقلك الشعري يتسرب لرؤيتك النقدية وهذا ما لا يسمح به النقاد المنهجيون بينما اراه انا اضافة للمنهج لا شرخا به ، خلاصة القول : انا ناقد انتباهة لا ناقد تآليف ، بمعنى لا اميل للمؤلفات الطويلة قدر ميلي للانتباهات التي تعين على رصد الشعر الذي اراه شعرا ، انموذج الشاعر الناقد نادر في حياتنا الادبية وما موجود جهد صحفي يمارسه الشعراء احيانا بدعوى انه نقد ، النقد الحيقيقي معرفة توسع فهمنا للفن وهو في الوقت ذاته فن يلهم المعرفة ما لا تدركه وحدها .
 5- سعادات سيئة الصيت عندي وعند القراء المختصين والنقاد اهم ما اصدر من الشعر هل هذا صحيح ولماذا؟
ج/ ما يميز مجموعتي الشعرية الاولى ( سعادات سيئة الصيت ) انها كانت مثالا نوعيا لشعرية الاختزال بعد التخلص من الجملة الطويلة سمة نصنا الثمانيني ، ( سعادات ) قدمت انموذجا لهذا التحول وهنا تكمن فرادتها و ريادتها بل هذا هو السبب الذي حدا بالكثيرين لتقليد نصوصها او على الاقل شكلت إغراءا للتقليد ، في ( السعادات ) مناخ شعري لم يكن مألوفا في الشعرية العراقية ساعة صدورها منتصف تسعينات القرن الماضي ، هذا الكلام لا اريده على حساب تجارب شعراء اخرين اعترف باهميتهم وفرادتهم ايضا لكننا نتحدث عن فرادة ( سعادات سيئة الصيت ) التي اثارت اهتمام النقدية العراقية مثلما اثارت انتباه الشعراء انفسهم ولعلي لا ابالغ اذا قلت ان جيل التسعينات في اغلبه تأثر ب ( سعادات سيئة الصيت ) على اختلاف انواع التأثر سواء كان تقليدا لها او حوارا و تثاقفا معها وهذا الاخير هو الاجدى و الافضل .
 6- من هم الشعراء الذين تجد فيهم اخلاصا ومنجزا شعريا في ميسان بالاخص وفي العراق بالاعم؟
في ميسان هناك اسماء شعرية استطاعت ان تثبت بصمتها على مر اكثر من عقدين من الزمن اذكر على سبيل المثال : ماجد الحسن ، علي سعدون ، عبد الحسين بريسم ، محمد عزيز على قلة نشره ،ولا ننسى من خرج من المدينة كما لا ننسى جيل الشباب او جيل ما بعد التغيير مثل احمد شمس واحمد فهد ، اما عراقيا فهناك تجارب مائزة اخشى التورط بذكر بعض دون بعض ، اسماء جادة رغم الضجيج الشعري السائد ، ضجيج كتبة النثر ولا اقول قصيدة النثر والفرق كبير
 7- هناك قول انك تصنع الشعراء والتابعين هل ممكن صناعة الشعراء؟
صناعة فضاء تداول للشعر نعم اما صناعة شعراء لا ، فيما يخص هذه المسالة انا اهتم بالشباب و الواعدين و الطامحين الى الشعر وبالفعل ساعدت الكثير وهذا ليس سبة بل اعتبر نفسي شاعرا معلّما والشاعر المعّلم ليس الملقّن بل الذي يترك خلفه مجرّة تأثير ، يخلق أفقا يتيح للاخرين السياحة و السباحة فيه ، هذا المنحى يعده البعض صناعة اتباع وهو ليس كذلك ولاكنْ اكثر صراحة ان عقدة قتل الاب هي السائدة في اخلاقياتنا اللاثقافية وهذه المسالة تحتاج بحثا لا اجد محله هنا هذا الحوار!
 8- نجد ان لديك خصوما في المشهد الشعري العراقي وخاصة في ميسان !
ج/ اليوم اصبحنا لا نستشعر نجاحنا او نتأكد منه الا عندما نجد خصوما ! هؤلاء الخصوم هم العاجزون الذين يحسدون نجاحك ولذا فانني اقرر ان لا خصومة بين شاعر وشاعر ابدا بل هي بين شاعر و متشاعر ! لا خصومة بين مثقف ومثقف ابدا بل بين مثققف ومدّعي يحاول ان يأخذ ما ليس له ، انا شخصيا امتلك رصيدا من الاصدقاء الشعراء و المثقفين ما يغنيني عن غيرهم ، هؤلاء الاصدقاء اصلاء في الابداع لا طارؤون عليه ولو كانوا طارئين لخاصموني حتما ! اجد الفرصة الان لتحيتهم وشكرهم ابدا على نقاء روحهم الرائعة
 9- ماذا تريد من الشعر؟
ج/ اريد من الشعر ان يسند روحي وانا اتجول في ليل العالم ، اريده دهشة ترمم سكون الملل و الرتابة ، نافذة شخصية ليس بامكان احد ان يغلقها عليّ ، انا لا اكتب الشعر بل تعلمت كيف اعيشه ايضا ، اعيشه عندما اتطابق مع ذاتي بلا ادنى نفاق ، لا اغتصب هذه الذات ولا اقسرها على ما لا تريد ، اليوم تراني لا اتملق احدا لاني ادركت ان لا شيء في هذا العالم يستحق ان أريق ماء وجهي لاجله ، الشعر يجعلك تتوق للحياة لكنه في الوقت نفسه يعمّق فكرتك عن الموت وعندما تتعمق هذه الفكرة يتضاءل العالم بنظرك بل تشعر كأنك واقف تحت سقيفة انتظار والاشياء تستعرض نفسها امامك ، هذا المنحى التاملي يورثك حزنا وجوديا كالذي لصق بالشاعر ( البريكان ) ومن قبله السياب ، هنا ستصبح شاعرا لا يصلح للاحتفالات ، يصلح للتأمل فقط ، شاعر لا يصلح للمؤسسات ! يصلح للشعر فقط !
 10- ماذا تريد من النقد؟
ج/ اريد من النقد ان يكون رديفا معرفيا لكل هذا الجهد ، قلت واكرر : النقد معرفة توسّع فهمنا للفن وهو في الوقت نفسه فن يتيح للمعرفة ان تدرك ما لا تدركه وحدها ، هذا التواشج يعنيني ، انا كياني لا احب ان افصل بين الاشياء كثيرا ، اهتم بكل ما يرفدني سواء كان شعرا او معرفة ، واذا كان الشعر يستوعب و يحفز حدوساتي العميقة فاظن ان النقد يحفز ذكائي الاكاديمي ، فطنتي ، انتباهاتي ، وكلاهما مطلوب بالنسبة لي .
 




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=62178
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2015 / 05 / 20
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 04 / 16