• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : المُواعدةُ السريَّةُ بين الرجلِ والمرأة في رؤيّة القرآن الكريم .
                          • الكاتب : مرتضى علي الحلي .

المُواعدةُ السريَّةُ بين الرجلِ والمرأة في رؤيّة القرآن الكريم

 لم يكن القرآنُ الكريم ببعيدٍ عن رصد حَراك الإنسان  في نسقه الغريزي والوجداني والنفسي في محور العلاقة الطبيعية بين الرجل والمرأة حتى يضع  له التشريعات والإرشادات ضبطاً لمساره وإشباعاً لحاجته من السُبل المشروعة والحَسِنَة والتي تُمثّل إزاحة مأمونة لكل أواز الشهوات والرغبات والميول عند الطرفين.

ومن جملة ما رصده القرآن الكريم هو المواعدة السريّة بين الرجل والمرأة في جانبها اللاشرعي .

كأنْ يَعدَ ويتعهد الرجل للمرأة بالزواج منها دون إشاعة لذلك الوعد والعهد بحيث يُجانبُ سبيل التعريض والإظهار والإفصاح علناً لوعده وعهده , ثمَّ ينقض وعده وعهده أو يُحاول استحلال ما حرّمه اللهُ عليه من المرأة في سنخ العلاقة قبل الزواج .

كما في قوله تعالى
(( وَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا عَرَّضْتُمْ بِهِ مِنْ خِطْبَةِ النِّسَاءِ أَوْ أَكْنَنْتُمْ فِي أَنْفُسِكُمْ عَلِمَ اللَّهُ أَنَّكُمْ سَتَذْكُرُونَهُنَّ وَلَكِنْ لَا تُوَاعِدُوهُنَّ سِرًّا إِلَّا أَنْ تَقُولُوا قَوْلًا مَعْرُوفًا )) (235)البقرة

نعم إنَّ هذه الآية الشريفة هي وإن قدّمتْ رؤية في التشخيص والعلاج لظاهرة النساء المتوفى عنهن أزواجهنَّ في رفع الحَراجة عنهن بعد انقضاء عدتهن ومشروعيّة التزوج بهن , ولكن قطعتْ الطريق على الرجال الذين يُحاولون تجاوز حدود الله تعالى في محور الارتباط بهنَّ بسبيل غير مشروع.

وقد قطعتْ هذه الآية الشريفة أيضاً الطريق أمام المرأة في القبول بالمواعدة السريَّة  أو تجاوز طريق النكاح الشرعي .

هذا وإنَّ خصوصيّة مورد هذه الآية الشريفة لا يُقيِّد الإطلاق في لسان

((وَلَكِنْ لَا تُوَاعِدُوهُنَّ سِرًّا إِلَّا أَنْ تَقُولُوا قَوْلًا مَعْرُوفًا ))

إذ أنّ المورد وخصوصيته هو من باب المصداق وإلاَّ فلسان الآية الشريفة هو لسان حقيقي لا خارجي يهدف إلى تشريع العلاقة الصالحة والمقبولة بين الرجل والمرأة مُطلقا .

وفي كلَّ صور وحالات الطرفين ( متزوج أو متزوجة / أعزب أو عزباء / متوفى عنها زوجها أو مفصولة أو غير ذلك ).

وما يظهرُ بدواً من تقديم الآية الشريفة دلالة وقصدا ورصدا هو أنّ ثمةَ رغبةٍ موجودةٌ عند الرجل في انجذابه الغريزي للمرأة تُساروه في نفسه فتارةً يكنّها وتارةً يذكرها .
 وتدفعه هذه الرغبة إلى الحَراك باتجاه اشباعها وهو أمر طبيعي ولكن من سبله المشروعة دفعاً للمفسدة المتوقع حدوثها فيما لو جانب الشرعَ وسلك سبيل الشيطان   من الزنا (معاذ الله ) .

فلم ينكر القرآن الكريم على الرجل حقه الغريزي في مساكنة ومعاشرة المرأة بل أقرَّ له ذلك وأرشده إلى الطريق القويم وحذّره من مخالفة الشرع الحنيف .

وفي نفس الوقت أيضا حفظَ للمرأة حقها الغريزي في مساكنة ومعاشرة الرجل تحت مظلة العفة والنكاح الشرعي صيانةً لها من البغاء والعلاقة غير المشروعة قطعاً .

والآية الشريفة محل البحث قد أطلّت في دلالتها الواعية على أمرٍ مهمٍ جدا وهو سمعة المرأة وكرامتها بحيث لا يحق للرجل أن يتناول المرأة التي يريد إقامة علاقة مشروعة  معها تشهيرا أو كشفاً , وعليه أن يذكرها بالمعروف شرعا وبالحَسن عرفاً .

وعلى أساس ما تقدّم يتبيّن أنَّ إنشاء العلاقة السريّة بين الرجل والمرأة مَنهيٌّ عنه شرعاً , إلاَّ أن يكون إنشاء العلاقة من طريقها المشروع والمعروف جَعلاً .

لِما في سنخ العلاقة المشروعة من حكمةٍ بالغةٍ وصالحةٍ تحفظ للرجل والمرأة حقوقهما الغريزية وتدفع عنهم المفسدة الشخصية والنوعية .

 

 




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=62829
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2015 / 06 / 06
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 03 / 28