• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : ثقافات .
              • القسم الفرعي : ثقافات .
                    • الموضوع : تأملات في القران الكريم ح279 سورة النمل الشريفة .
                          • الكاتب : حيدر الحد راوي .

تأملات في القران الكريم ح279 سورة النمل الشريفة

بسم الله الرحمن الرحيم

 

وَلُوطاً إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ أَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ وَأَنتُمْ تُبْصِرُونَ{54} 

تنعطف الآية الكريمة لتنقل شيئا من خبر لوط "ع" وقومه (  وَلُوطاً إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ أَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ ) , الفاحشة المعروفة , (  وَأَنتُمْ تُبْصِرُونَ ) , فيها رأيان : 

1- وانتم تعلمون فحشها وخبثها وضررها وعدم جدواها . 

2- مما يروى انهم كانوا يمارسون الرذيلة علنا , امام الانظار , فيزدادون اثما الى اثمهم .  

 

أَئِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجَالَ شَهْوَةً مِّن دُونِ النِّسَاء بَلْ أَنتُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ{55} 

يستمر كلام لوط "ع" في الآية الكريمة (  أَئِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجَالَ شَهْوَةً مِّن دُونِ النِّسَاء ) , واقع الحال ان النساء خلقن لذلك , وهذا هو المسار الطبيعي للحفاظ على النسل , (  بَلْ أَنتُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ ) , سفهاء , تجهلون عاقبة امركم .    

تجدر الاشارة الى ان هذا النوع من الرذائل ينفرد بها الانسان دون المخلوقات الاخرى , تترفع وتنفر ذكور الحيوانات من ممارستها , وكذلك ذكور الطيور , بل حتى ذكور الحشرات لا تفعلها , وفعلها الانسان صاحب العقل واكتمال الخلقة  برغبة وشهوة واشتياق .  

 

فَمَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِ إِلَّا أَن قَالُوا أَخْرِجُوا آلَ لُوطٍ مِّن قَرْيَتِكُمْ إِنَّهُمْ أُنَاسٌ يَتَطَهَّرُونَ{56} 

تروي الآية الكريمة ردة فعل القوم ازاء كلام لوط "ع" (  فَمَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِ ) , فما كان ردة فعلهم على كلامه "ع" , (  إِلَّا أَن قَالُوا أَخْرِجُوا آلَ لُوطٍ مِّن قَرْيَتِكُمْ ) , انفوهم من القرية , والسبب (  إِنَّهُمْ أُنَاسٌ يَتَطَهَّرُونَ ) , يترفعون عن فعلنا .  

يلاحظ ان جواب القوم لم يكن مع لوط "ع" , بل كان لبعضهم البعض , وذلك انهم يدركون فساد فعلهم ادراكا عقليا تاما , وهذا مما لا سبيل لمجادلته ومحاججته معه "ع" , ففعلوا فعل العاجز عن المجادلة , واتفقوا على نفي آل لوط "ع" .

 

فَأَنجَيْنَاهُ وَأَهْلَهُ إِلَّا امْرَأَتَهُ قَدَّرْنَاهَا مِنَ الْغَابِرِينَ{57} 

تبين الآية الكريمة (  فَأَنجَيْنَاهُ وَأَهْلَهُ ) , انجى الله تعالى لوطا "ع" وبناته وكل من سار معه , (  إِلَّا امْرَأَتَهُ ) , باستثناء امرأته , (  قَدَّرْنَاهَا مِنَ الْغَابِرِينَ ) , قدر الله تعالى لها ان تكون من الباقين , فقد كانت راضية عن فعال القوم .   

 

وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهِم مَّطَراً فَسَاء مَطَرُ الْمُنذَرِينَ{58} 

بعد ان ذكرت الآية الكريمة السابقة نجاة لوط "ع" واهله , تأتي الآية الكريمة لتبين ما حلّ بالقرية (  وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهِم مَّطَراً ) , مطر من الحجارة , (  فَسَاء مَطَرُ الْمُنذَرِينَ ) , بئس وقبح مطرا كمطر من سبق انذاره بالعذاب القادم .     

 

قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ وَسَلَامٌ عَلَى عِبَادِهِ الَّذِينَ اصْطَفَى آللَّهُ خَيْرٌ أَمَّا يُشْرِكُونَ{59} 

تخاطب الآية الكريمة النبي الكريم محمد "ص واله" , وقد تضمن ثلاثة محاور :

1- (  قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ ) : الحمد لله على كل حال , وكذلك على اهلاك الامم الكافرة , ومنها قوم لوط "ع" .

2- (  وَسَلَامٌ عَلَى عِبَادِهِ الَّذِينَ اصْطَفَى ) : عباد الله تعالى المصطفين , من الرسل والانبياء "ع" , وفي اراء اخرى هم النبي الكريم محمد "ص واله" واهل بيته "ع" . 

3- (  آللَّهُ خَيْرٌ أَمَّا يُشْرِكُونَ ) : تسفيها لرأي كفار مكة بعبادتهم غير الله تعالى .   

 

أَمَّنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَأَنزَلَ لَكُم مِّنَ السَّمَاءِ مَاء فَأَنبَتْنَا بِهِ حَدَائِقَ ذَاتَ بَهْجَةٍ مَّا كَانَ لَكُمْ أَن تُنبِتُوا شَجَرَهَا أَإِلَهٌ مَّعَ اللَّهِ بَلْ هُمْ قَوْمٌ يَعْدِلُونَ{60} 

تستمر الآية الكريمة في موضوع سابقتها (  أَمَّنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ ) , خلق السموات والارض بقدرته وتدبيره وحكمته جل وعلا , (  وَأَنزَلَ لَكُم مِّنَ السَّمَاءِ مَاء فَأَنبَتْنَا بِهِ حَدَائِقَ ذَاتَ بَهْجَةٍ ) , بقدرته وتدبيره وحكمته جل وعلا انزل المطر , ليتنبت البساتين السارة للناظرين , (  مَّا كَانَ لَكُمْ أَن تُنبِتُوا شَجَرَهَا ) , لم يكن بمقدوركم ان تنبتوا شجرها , لولا تدبير الله تعالى وحكمته , (  أَإِلَهٌ مَّعَ اللَّهِ ) , أغيره جل وعلا يقرن به ويتخذ شريكا له , وهو المتفرد بالخلق والتكوين , (  بَلْ هُمْ قَوْمٌ يَعْدِلُونَ ) , من الحق الى الباطل , من التوحيد الى الشرك .     

 

أَمَّن جَعَلَ الْأَرْضَ قَرَاراً وَجَعَلَ خِلَالَهَا أَنْهَاراً وَجَعَلَ لَهَا رَوَاسِيَ وَجَعَلَ بَيْنَ الْبَحْرَيْنِ حَاجِزاً أَإِلَهٌ مَّعَ اللَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ{61} 

تستكمل الآية الكريمة في موضوع سابقتها (  أَمَّن جَعَلَ الْأَرْضَ قَرَاراً ) , لا تميد بسكانها , (  وَجَعَلَ خِلَالَهَا أَنْهَاراً ) , انهارا جارية , حيث لا حياة من غير ماء { وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاء كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ أَفَلَا يُؤْمِنُونَ }الأنبياء30 , (  وَجَعَلَ لَهَا رَوَاسِيَ ) , جبال ثوابت , تستقر الارض بوجودها , وايضا احتوت على المعادن , وتفجرت منها الينابيع , (  وَجَعَلَ بَيْنَ الْبَحْرَيْنِ حَاجِزاً ) , العذب والمالح , فلا يمتزجان ولا يختلطان ببعض (  مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ يَلْتَقِيَانِ{19} بَيْنَهُمَا بَرْزَخٌ لَّا يَبْغِيَانِ{20} ) سورة الرحمن الشريفة , (  أَإِلَهٌ مَّعَ اللَّهِ ) , مع كل تلك البينات على صنعه وقدرته جل وعلا , (  بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ ) , الحق والهداية , فيشركون .    

 

أَمَّن يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاء الْأَرْضِ أَإِلَهٌ مَّعَ اللَّهِ قَلِيلاً مَّا تَذَكَّرُونَ{62} 

تستكمل الآية الكريمة موضوع سابقتها (  أَمَّن يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ ) , بيانا الى دعوة الكفار لأصنامهم , فهي لا تسمع الدعاء , ولا تكشف عنهم السوء والبأس , لكن الله تعالى يسمع يجيب لذوي الدعاء ( لحاجة او لشدة ) , ويكشف عنه السوء وفقا الى ما تقتضيه حكمته جل وعلا , (  وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاء الْأَرْضِ ) , حيث مكن الله تعالى الانسان من استعمار الارض , والتصرف فيها , وتسخير مخلوقاتها لمنافعه , وعلى بعض الآراء هي استخلاف قوما مكان قوم , (  أَإِلَهٌ مَّعَ اللَّهِ ) , بعد كل هذا البيان , تتخذون اله غيره سبحانه وتعالى , (  قَلِيلاً مَّا تَذَكَّرُونَ ) , تذكرون آلائه تذكرا قليلا , او انكم قليلا ما تتعظون .   

 

أَمَّن يَهْدِيكُمْ فِي ظُلُمَاتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَن يُرْسِلُ الرِّيَاحَ بُشْراً بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ أَإِلَهٌ مَّعَ اللَّهِ تَعَالَى اللَّهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ{63} 

تستمر الآية الكريمة في موضوع سابقتها (  أَمَّن يَهْدِيكُمْ فِي ظُلُمَاتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ ) , من يهديكم ويرشدكم الى مقاصدكم بالنجوم ليلا , وبعلامات الارض , (  وَمَن يُرْسِلُ الرِّيَاحَ بُشْراً بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ ) , اغلب المفسرون يرون انه المطر "الغيث" , واثبت العلم الحديث ان الرياح لها منافع اخرى كثيرة غير المطر , كحملها البذور ولقاحات النباتات , وتبريدها لسطح الارض بعد ان سخنته اشعة الشمس ... الخ , (  أَإِلَهٌ مَّعَ اللَّهِ ) , بعد هذا البيان تنسبون لله تعالى الشريك تعالى عن ذلك علوا كبيرا , وهل من اله يقدر على مثل هذا التدبير والحكمة ! , (  تَعَالَى اللَّهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ ) , تنزه وتعظم وتقدس ان يشرك به جل وعلا غيره .      

 

أَمَّن يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ وَمَن يَرْزُقُكُم مِّنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ أَإِلَهٌ مَّعَ اللَّهِ قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ{64}

تستكمل الآية الكريمة موضوع سابقتها (  أَمَّن يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ ) , للمفسرين رأيين في النص المبارك : 

1- يبدأ الخلق بالإنشاء , ثم يعيده بعد الموت . 

2- يبدأ الخلق في الارحام من نطفة , ثم يتكامل مخلوقا ناضجا , ثم يعيده بالموت . 

(  وَمَن يَرْزُقُكُم مِّنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ ) , مما فيهما من منافع , ما علم منها وما لم يعلم , (  أَإِلَهٌ مَّعَ اللَّهِ ) , مع كل ذلك , مع كل تلك البينات , التي تدركونها في قرارة انفسكم لا زلتم تشركون به جل وعلا غيره , (  قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ ) , اذا هاتوا برهانكم او حجتكم على الشريك القادر على ان يفعل ويصنع ويخلق ويدبر مثل ذلك , ان كنتم صادقين في دعواتكم ومزاعمكم .




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=63355
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2015 / 06 / 20
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 04 / 16