الحج فريضة الدين الثالثة بعد الصلاة والصوم.. وقد فرضها الله سبحانه وتعالى على المسلمين، لأنها ركنٌ مهم من أركان بناء الإسلام الشامخ، وقد أراد بها الله أن يوحد قلوب المؤمنين، وهم يطوفون سواسية حول كعبته المقدسة، فيغسل بهذا الطواف قلوبهم من غبار المصالح الضيقة، والفوارق الطبقية والإجتماعية، ومن كل مايعلق بها من بقايا الفساد المادي الدنيوي.. وكي يتحقق هذا الركن، ويحج المسلمون الى بيت الله، وضع لها جملة مضيئة، فقال: (من استطاع اليه سبيلا)!!

وبهذا التسهيل العظيم، رفع ربنا الكريم كل حرج عن المسلم الفقير.. فجعل الحج على من استطاع اليه سبيلا دون غيره..!!

لكن السلطة الوهابية السعودية القبيحة، وبعض العملاء السياسيين في العراق، استبدلوا  كلمة سبيلا،  وجعلوها عميلا!!

مع الاستغفار لله الكريم العظيم من هذا التعبير، لكن الوقائع للأسف أجبرتنا على استخدام هذا التوصيف الكريه..

في هذه الوثيقة السعودية السرية التي كشف عنها موقع (ويكليكس)، تظهر بوضوح (جريمة) الحكومة السعودية المارقة، وهي تبيع وتشتري بحقوق الله المباركة، فتجعل هذا الـ (سبيلا) هبة سياسية مدفوعة الثمن الى عملاء صغار من عملائها في العراق.. وتعطي لإياد علاوي مثلاً ألفي تأشيرة حج، ومثلها الى المجرم طارق الهاشمي، وأخرى للنجيفي، ليتصرفوا بها كيفما يشاؤون.. ليصبح مجموع تأشيرات الحج المقدمة من الحكومة السعودية الى هؤلاء العملاء الثلاثة ستة آلاف تأشيرة.. ولعل ثمة من يقول: لماذا تمنح لهؤلاء دون غيرهم؟ أو لماذا لا تمنح للحكومة العراقية لتوزعها على الناس حسب النظام المطبق لدى هيئة الحج العراقية؟

والجواب بشقين.. الشق الأول لتقوية عملائها في العراق، فمثلاً قام إياد علاوي -عن طريق جماعته- ببيع هذه الهدية المجانية الى المواطنين العراقيين المتلهفين لحج بيت الله مهما كانت الأسعار المدفوعة، وقد كان سعر تأشيرة علاوي يتراوح بين (ثلاثة آلاف، وأربعة آلاف دولار) للفيزا الواحدة، فربح الدكتور بذلك مبلغاً قدره ثمانية ملايين دولار أمريكي، وأتحدى الدكتور أبا حمزة إن أنكر ذلك.. لأن المعلومات التي لديَّ، موثقة بشكاوى قدمها بعض المواطنين الذين اشتروا هذه التأشيرات منه، وصدموا حين ذهبوا الى السعودية، إذ إكتشفوا أنهم دفعوا هذه المبالغ ثمناً للفيزا فقط، ولم يجدوا هناك أي ترتيبات خدمية، كالفنادق والطعام وغير ذلك من الخدمات التي ترتبها عادة، وتعدها هيئة الحج لكل الحجاج المسجلين لديها. يعني أبو حمزة طگ الثمن ملايين، وخلاهم تايهين هناك!

أما الشق الثاني فقد كان هدفه إضعاف حكومة المالكي وخلق مناخ إعلامي شعبي معادٍ له وللحكومة.. خاصة وإن السعودية رفضت طلباً للحكومة العراقية بزيادة حصتها بألفي فيزا.. يعني السعودية رفضت طلب الحكومة العراقية الرسمي بزيادة الفي تأشيرة، بينما منحت ثلاثة أشخاص من عملائها ستة آلاف تأشيرة حج..!! فهل رأيتم حجم النذالة في الموقف السعودي، وحجم الدناءة في موقف الثلاثي المرح.. لا والتقتلك يريدون يصيرون براسنا شرفاء، ووطنيين، ومخلصين للقضية (العفو ياقضية)؟!  ولا أدري كيف يمكن أن يقبل قائد، ومسؤول في الدولة بتسلم مثل هذه (المكرمة) من بلد أجنبي معادٍ للعراق حكومة وشعباً.. وكيف تقبل شهامته، وكرامته، وضميره الوطني، والإنساني، ولا أقول الإسلامي -لأن الجماعة بلا دين أصلاً- أن يبيع هذه التأشيرات المجانية على الناس في سوق النخاسة، والمزايدة التجارية، فيجني منها امولاً كبيرة؟

وهنا أود أن اسأل أيضاً وأقول: ماذا لو كان أحد خصومهم قد فعل فعلتهم هذه، كالمالكي مثلاً، وإن ايران هي الجهة المانحة وليست (حبيبتهم) السعودية، وماذا لو قام المالكي بتقديمها مجاناً للناس، وليس ببيعها مثلهم.. اما قالوا بأنه أستخدم هذه التأشيرات لأسباب إنتخابية، او دعائية، او غير ذلك من الخرط الذي شبعنا منه؟!

 ولأن جريمة علاوي جريمة سياسية ودينية واخلاقية، خارجة عن كل القوانين والأعراف، فإني أطالب بمحاسبته قضائياً، وانا على استعداد لجلب عشرة أشخاص شهوداً، بدلاً عن الشخص الواحد، من الذين تورطوا بشراء هذه التأشيرات من علاوي، بإعتبار أن الهاشمي والنجيفي لم يتسلموا هذه التأشيرات، لأسباب غير معروفة!! 

 وإذا تعذر اليوم تقديم علاوي للقضاء، فإني أطلب- وهذا أضعف الأيمان - أن يخجل ويخرس كل من كان يدافع عنه، وعن بقية الشواذي! 

 اليكم الوثيقة السعودية الرسمية، وفيها فقرة (خامساً) الخاصة بحصة العراق المقررة من تأشيرات الحج، وفيها ما تقترحه وزارة الخارجية السعودية من حصص مضافة، وفيها طبعاً فضيحة العملاء الثلاثة، ننشر هذه الوثيقة كما هي منشورة في موقع ويكليكس دون تغيير: 

(5- العراق حصتها (31466) وطلبت زيادة بمقدار (2000) حاج فقط وترى وزارة الحج عدم الموافقة، الجدير بالعرض على سموكم انه في العام الماضي لم يتم الموافقة على طلب الحكومة بالزيادة ثم صدرت بعد ذلك موافقة المقام الكريم بمقدار (6000) تأشيرة بشكل سري جدا لثلاث شخصيات عراقية هم: (اياد علاوي، طارق الهاشمي، واسامة النجيفي) بمقدار (2000) حاج لكل منهم وتم تنفيذ التأشيرات المخصصة لاياد علاوي فقط، وحيث شاع امرها داخل العراق فقد يكون من الاوفق هذا العام الموافقة على طلب الحكومة العراقية زيادة حجاجهم بمقدار (2000) حاج لقلة العدد وان ما صدر من زيادة العام الماضي هو للاستجابة لطلبات المواطنين العراقيين لأداء الحج..)!!