لقد تداخلت الخنادق , واختلطت الأوراق , واشتبكت الأمور, وأوصدت الطرق , ولا أرى بصيص أمل في النفق الطويل , ولا أتوقع زورق إنقاذ , ولا انتظر أي إسعاف فوري , فالغابة كالحة مظلمة , والنفوس متلبدة بالغيوم والهموم , وتمتد أمام بصري مديات من
التوجس والتخوف والانهيار والتعاسة والضياع والنهب والسلب والطغيان و .. و .. الخ , فكل مفردات الفواجع والأحزان والمأساة التي أتوقعها تترى على الرؤوس التي عشعشت بالتوقعات والمفاجئات , والتي لا ادري أين مآلها ومرجعها فلا أتصور أن في الأفق منقذ
ينقذ , ولا مغيث يغيث , إذن لمن نكتب ..؟ ومن يسمع ..؟ ومن يقرا ..؟ ومن يتابع ..؟
وحملت الصولجانات والمباخر يفترشون الطرقات ويبخرون للذئاب والثعالب والكلاب .. لمن نكتب..؟ ومن ينفذ ما نكتبه ..؟ومن يضع الإصبع على الجرح ..؟ ومن يعطي العلاج الشافي والوافي للذي يحتضر..؟ لمن نكتب والكتابة أضحت مجرد ثرثرة على الورق , لمن نكتب
والكتاب الشرفاء والاصلاء لا يسمعون إلا صوت السلطة , ولا يتوقعون الا سوط التهميش والاقصاء , لمن نكتب والكتابة أضحت متجرا مستأجرا أو لسان مستعارا أو دعارة في أقبية التستر والفجور , لمن نكتب وكل كاتب لا يمتلك حضورا شريفا ومتميزا إلا عندما يبيع
ضميره وقلمه وحتى شرفه للسلطان , أما الذي يجاهر بالحق ويصدح بالحقيقية وينشر غسيل الطغاة والفساد والمفسدين واللصوص والحرامية فانه يظل في واد الإهمال والنسيان والضياع والفقر والمعاناة والعوز والجوع والحرمان , فان كل كاتب يعانق الشجاعة ويحمل مشاعل
الدفاع عن حقوق الجماهير المغتصبة بغير وجه حق .. أما أن يشطب أو يطارد أو يسجن أو يهرب أو يعدم فهذا هو المصير المؤكد لكل من يحمل ضميرا يشدو بمنغصات المتعبين وقهر المقهورين وأما أن يتخثر في بيته ويكسر قلمه ويمزق قرطاسه ويظل قابعا في بيته ينظر للمسرح الممتد
والذي تتكوم عليه أكوام هائلة من السلبيات والخربطات والتعاسات والمفاجئات والغرائب التي هي اغرب من الغريب .. فعن من نكتب أنكتب عن الأمن والأمان المتلاشي .. أم نكتب عن تجاهل الكفاءات العملاقة والشهادات الكبيرة والتي أضحت في زاوية التجاهل والضياع .. أم
نكتب عن العناصر الأمية الهمجية الانتهازية التي تبوأت ارفع المناصب بلا جدارة وبدون استحقاق .. أم نكتب عن البطالة الخانقة التي تشدد خناقها الخانق على خيرة شباب العراق الذين يعانون البؤس والحرمان وهم ينظرون إلى الوطن الذي أصبح نهبا للوحوش والغربان ..
أم نكتب عن المحسوبية والمنسوبية والطائفية والعرقية والمذهبية التي أخذت الحصة الأكبر والأكبر من دماء وخيرات ومقدرات شعبنا المبتلى بهم والمطحون بطواحين الإرهاب الأسود الهمجي .. أم نكتب عن الرواتب التي لا يتصورها عاقل ولا مجنون وبدون أدنى استحقاق ,
فما هي المؤهلات التي تمتلكونها يا أصحاب الرواتب الأسطورية وما هو التاريخ الذي تفتخرون به من النقاء والنظافة والأمانة والحرص على أموال الشعب يا من اصطبحتم أوراما سرطانية في جسوم كل العراقيين الذين يلعنون الساعة التي انتخبوكم بها ..!! فهم نادمون
عليها لذا ترون المظاهرات قد عمت كل المحافظات وستعم كل شارع وكل ممر وكل طريق وكل زقاق من أنحاء العراق الذي هدمتموه ونهبتموه ودمرتموه وحولتموه الى فريسة بين أنيابكم وأضافركم المقيتة .
فانتبهوا جيدا إلى نهاية شين العابدين والى اللامبارك والى البقية الباقية والذين
ينتظرون أسوء نهاية جراء ما اقترفوه من جرائم وسفالات متسافلة لا تليق الا بلسفلة
أمثالهم فلا بد لليل من أخر والفجر حتما سيشرق وهو يحمل البشرى وآية الخلاص من كل فاسد
وسارق ومتلاعب وهجين .
majidalkabi@yahoo.co.uk
|