• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : رسالتنا .
                          • الكاتب : بوقفة رؤوف .

رسالتنا

البشرية تعيش في تعاسة , تبحث عن انسانيتها الضائعة , عن كرامتها عن الحب والعدل , لقد تعبت البشرية من القتل والفساد والظلم واستعبادها من طرف البعض خدمة للمادة 
لذلك فالبشرية تبحث منذ لحظة وجودها عن المخلص , عن من يرفع عنها ظلم بعضها البعض ويدفع عنها الفتنة التي هي استخدام القوة لإجبارها على سلوك طريق معين أو رأي معين أو دين معين أو مذهب معين 
التركيبة البشرية مكونة من عقل وقلب وهوى والهوى دوما هو محرك جموع البشرية , لذلك تجد الحروب والصراعات التي يكون ثمنها دوما ضحايا بشرية بسبب هوى تملك أو هوى توسع أو هوى سيطرة , الأخ يقتل أخاه من أجل الميراث والرجل يقتل الرجل من أجل أنثى وربما يكون القتل من أجل اشباع شهوة مرضية 
 
منذ أن وجدت البشرية والضعيف يقام عليه الحد ويطبق عليه القانون بحذافره ,أما الشريف فيترك , تلتمس له الأعذار وتوجد له المخارج والثغرات القانونية , وقد يلغى جرمه نهائيا من الأفعال المعاقب عليها قانونا لأجله ...
هذه هي الطبيعة البشرية , لذلك بعث الله الأنبياء والرسل والحكماء  لأجل تغليب صوت العقل أمام صوت الهوى الثائر , و هذا هو سبب نزول الرسالات السماوية لأجل تحقيق العدالة ورفع الظلم ,لأجل وقف الفساد وسفك الدماء 
من الخطأ القول لأجل القضاء النهائي على هذه الأمور لأن ذلك يتصادم مع السنن الاجتماعية ويتعارض مع الحكمة من خلق البشر , فالمجتمع المثالي والانسان الكامل مجرد حلم في عقول بعض الفلاسفة ,لأن البشرية قائمة على جدلية الخير والشر , على التدافع بينهما 
وبالتالي فالشر باق مع بقاء البشرية والفساد وسفك الدم مرتبط وجودهما بوجود البشر 
لكن الحكمة من بعث الأنبياء وانزال الرسالات هو جعل الفساد وسفك الدم والظلم  بمثابة استثناء من الأصل العام الذي هو خلافة الارض واعمارها و لكل قاعدة استثناء يؤكدها ولا يلغيها 
الحضارة الرسالية الانسانية جاءت لجعل الفساد والظلم وسفك الدم حالات استثنائية شاذة فردية , لا لجعلها مبدأ عام وقاعدة تسير عليها البشرية وتحتكم اليها , فالغابة جزء من الارض وليست كل الأرض والأرض لم تخلق لتصبح مجرد غابة كبيرة , الارض خلقت لتصبح مدينة قائمة بالعدل والحب والحرية والغابة جزء منها فلا يتم القضاء على الغابة حتى لا يختل التوازن البيئي وفي نفس لا تعمم حياة الغابة على الأرض كلها 
الحضارة المادية التي يؤسس لها شياطين الانس مع التنسيق التام و متكامل مع شياطين الجن هي الحضارة اوحيدة التي تجعل من الظلم والفساد وسفك الدم هو المبدأ العام الذي يحكمها وبه تتحكم في العالم كله ومن خلاله تستعبد البشرية 
لذلك فكل رسول ونبي وحكيم وعالم رباني وولي صالح ومجدد رسالي دعوتهم واحدة وطريقتهم واحدة وطريقهم واحد  وهو التأسيس لحضارة رسالية قائمة على العدل والحب لاسترجاع انسانية البشرية , وذك لا يكون باعتقاد احتكار الحقيقة والحق والخير والنظر للمخالف انه على باطل وانه مصدر كل شر  بل برؤية البشرية الرؤية السليمة التي هي أنها مريضة وجب على الطبيب علاجها بكل حب واخلاص 
هذه هي الرسالة الرسالية المتجددة منذ نزول آدم الى غاية فناء البشرية , ولا يخلو زمان ولا مكان من قائم بها وحامل للوائها ومدافع عنها ومبلغ لها 
لا يمكن أن نستأصل الشهوة فباستئصال الشهوة نستأصل البشر , ولا يمكن أن نضع العقل موضع الشهوة , فالعقل في درجة من درجاته يصبح شهوة , فقد تلبس الشهوة لباس العقل وسواء اصبح العقل شهواني او الشهوة عاقلة فكلا الامرين يحولان الانسان الى انسان خاسر صاحب قلب أمي وبالتالي فالحل يكون في القلب الحي في الانسان المتكامل في الاستثمار في الفؤاد الذي هو القلب السليم 
أغلب البشر أصحاب قلوب أمية تتبع اي صوت يناديها مثل الطفل الصغير الذي تسحره الاضواء البراقة والاشكال اللماعة , تستجيب مباشرة له حتى تجد نفسها في سجن لا تستطيع التخلص منه لوحدها الا عن طريق نبي او رسول او امام او حكيم او ولي صالح او عالم رباني او رسالي او مجدد بعد ان يقوم بالجهاد الأكبر , الجهاد الحضاري وهو عمل دؤوب يكرس له كل وقته وجهده وطاقته باخلاص وحكمة و صبر ورؤية لأجل تحرير البشرية من قيود المادية لأجل تحقيق العدل ورفع الظلم ووقف سفك الدم , هو ليس بالعمل الهين ولا السهل , وليس مجرد كتابات ولا ندوات ولا محاضرات ولا سلسلة دروس ومواعظ ...
هو أن تخالط الناس وتصبر على آذاهم ,أن تتحمل تشكيكهم في نواياك وسخريتهم منك والعمل على تثبيطك , هو أن تقف في وجه اغراءاتهم واستفززاتهم وأن تجعل من حياتك كلها رسالة لرسالتك الخالدة التي لا تموت:﴿ قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ  ﴾ الأنعام (162)  -  



  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=64242
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2015 / 07 / 11
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 03 / 28