• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : القس المسيحي سهيل قاشا و ادعاءاته الباطلة على القرآن الكريم و على الدين الإسلامي الحلقة الاولى .
                          • الكاتب : الشيخ ليث عبد الحسين العتابي .

القس المسيحي سهيل قاشا و ادعاءاته الباطلة على القرآن الكريم و على الدين الإسلامي الحلقة الاولى

    طَالعَنا القس المسيحي سهيل قاشا( ) و في كتابه الجديد الذي يحمل عنوان (القرآن بحث ودراسة) نشـرته له (دار العارف) أدلى فيه بدلوه ـ بحسب تعبيره ـ في مجال القرآن الكريم حاله كحال من سبقه، غايته من وراء ذلك إثبات شيء ألا وهو: (إثارة التساؤلات حول القرآن الكريم) وبالتالي إثارة التشكيكات حوله، وحول الدين الإسلامي، وحول نبوة النبي محمد، وليس في طرحه هذا أية قضية علمية، وليست لديه أية أمانة علمية لما عرف عن سهيل قاشا من إنتحاله لموضوعات متعددة ، ونسبتها لنفسه .

ذلك ـ و على سبيل المثال ـ وفق ما أثاره عليه (رشيد الخيون)( ) ، و(عبده وازن)( ) في أكثر من مكان، وأكثر من موقع إلكتروني. وظهر هذا في تصريح هذين الكاتبين بذلك، وما خفي كان أعظم.

وفي هذا المقام، وفي بحث الحروف المقطعة سنتعرض لرأيه الخاص بالمسألة( )، وسنتطرق إلى كلماته في المقام ، و ذلك لمعرفة مراده، ودوافعه في المسألة برمتها.

فنجده يقول في مجال الحروف المقطعة من كتابه المذكور : «في ما سبق وجدنا الكثير ممن أدلوا بآرائهم في الفواتح القرآنية، ولم نجد بينها رأياً قاطعاً، بل شرحوا وجهات نظرهم مفوضين إليه تعالى التأويل الحقيقي لهذه النظريات»( ).

فالمسألة لدى سهيل قاشا وجهة نظر، وكأنها مسألة عرفية، أو قضية سياسية يحللها بما يعجبه، وبحسب وجهة نظره، ألا يعلم أن كل من يشرح أو يفسر شيئاً في الإسلام بشكل عام، وفي القرآن بشكل خاص بحسب وجهة نظره هو مبتدع، وبالتالي يكون ضالاً ومضلاً، وخارجاً عن ملة الإسلام، بل هو كافر، ومحارب للدين الإسلامي، والشرع يحكم بتجريمه. 

ثم يقول: «ها أنا أتشجع لأدلو بدلوي في بئر التفسير العميق أسوة بالذين سبقوني واستخرجوا ما أحبوا ورغبوا من المعاني والتأويلات»( ).

 فالتفسير بحسب رأي سهيل قاشا هواية، أو أشبه بالقصة التي يؤلفها ويرسم شخوصها المؤلف بخلاف الواقع في أغلب الأحيان، يريد أن يثبت ما يرغب به من التأويلات، وكأن التفسير مجرد رغبة جامحة، وليس هو بالعلم الذي له أسسه ومبتنياته، وله علماؤه وأساطينه، وله أدواته، وله حججه وأُطره التي لو خرج عنها المفسر لم يكن مفسـراً، وإن تجاوزها البعض لأصبحوا من المبتدعة.

وفي هذا المضمار يقول السيد الخوئي( ) : «التفسير هو إيضاح مراد الله تعالى من كتابه العزيز، فلا يجوز الإعتماد فيه على الظنون والإستحسان، ولا على شيء لم يثبت أنه حجة من طريق العقل، أو من طريق الشرع، للنهي عن إتباع الظن، وحرمة إسناد شيء إلى الله بغير إذنه، (...)، والروايات الناهية عن التفسير بالرأي مستفيضة من الطريقين. ومن هذا يتضح أنه لا يجوز اتباع أحد المفسرين في تفسيره، سواء أكان ممن حسن مذهبه أم لم يكن ؛ لأنه من إتباع الظن، وهو لا يغني من الحق شيئاً، (...)، ولابد للمفسـر من أن يتبع الظواهر التي يفهمها العربي الصحيح، (...)، أو يتبع ما حكم به العقل الفطري الصحيح فإنه حجة من الداخل كما أن النبي حجة من الخارج، أو يتبع ما ثبت عن المعصومين  فإنهم المراجع في الدين، والذين أوصى النبي بوجوب التمسك بهم»( ).

وهنا ننصح سهيل قاشا، ونقول له : أن علماء التفسير قد افتتحوا  كتبهم بباب أسموه : (باب معرفة شروط المفسًّر وآدابه) عليه مراجعته ليعرف هذه الأسس والآداب، لا أن يقتحم الباب عنوة بلا هدى ولا سلطان مبين.

لقد ذكر علماء التفسير في هذا الباب كل ما يحتاج إليه المفسر من أدوات في تفسيرة لكتاب الله العزيز، فمنهم من أسهب، ومنهم من اختصر، ومنهم من أكتفى بذكر المهم في الموضوع .

فنجد مثلاً أن (الراغب الأصفهاني)( ) و في مقدمة كتاب (جامع التفاسير)،  ذكر الشـروط الخاصة بالتفسير و منهج المفسـر وهي: «الأول: معرفة الألفاظ، وهو علم اللغة. 

الثاني: مناسبة الألفاظ إلى بعضها، وهو الإشتقاق.

الثالث: معرفة أحكام ما يعرض الألفاظ من الأبنية والتعاريف والإعراب، وهو النحو.

الرابع: ما يتعلق بذات التنزيل، وهو معرفة القراءات.

الخامس: ما يتعلق بالأسباب التي نزلت عندها الآيات، وشرح الأقاصيص التي تنطوي عليها السور من ذكر الأنبياء  والقرون الماضية، وهو علم الآثار والأخبار.

السادس: ذكر السنن المنقولة عن النبي  وعمّن شهد الوحي ممن اتفقوا عليه وما اختلفوا فيه مما هو بيان لمجمل أو تفسير لمبهم، وذلك علم السنن.

السابع: معرفة الناسخ والمنسوخ، والعموم والخصوص، والإجماع والإختلاف، والمجمل والمفصل، وهو علم أصول الفقه.

الثامن: أحكام الدين وآدابه، وآداب السياسات الثلاث التي هي سياسة النفس والأقارب والرعية مع التمسك بالعدالة فيها، وهو علم الفقه والزهد.

التاسع: معرفة الأدلة العقلية والبراهين الحقيقية والتقسيم والتحديد، والفرق بين المعقولات والمظنونات، وغير ذلك، وهو علم الكلام.

العاشر: علم الموهبة، وذلك علم يورثه الله من عمل بما علم، وقال أمير المؤمنين : «قالت الحكمة: من أرادني فليعمل بأحسن ما علم»، فجملة العلوم التي هي كالآلة للمفسر، ولا تتم صناعة إلا بها، هي هذه العشرة: علم اللغة، والإشتقاق، والنحو، والقراءات، والسير، والحديث، وأصول الفقه، وعلم الأحكام، وعلم الكلام، وعلم الموهبة. فمن تكاملت فيه هذه العشرة وأستعملها خرج عن كونه مفسراً للقرآن برأيه»( ).

فلابد لمفسر القرآن الكريم من إمتلاك ذوق خاص، وعلاقة خاصة يمتزج فيها مع القرآن الكريم قلباً وقالباً، فيتجرد في رؤياه، وتفسيره للقرآن من كل نزعة وتحيز، وذلك من القليل، بل النادر بين المفسرين. 

فمن أراد تفسير الكتاب العزيز، طلبه أولاً من القرآن، فما أُجمل منه في مكان، فقد فُسِّر في مكانٍ آخر، وما أُختصر في موضعٍ، فقد بسط في موضعٍ آخر منه. فإن أعياه ذلك طلبه من السنة، فإنها شارحة للقرآن، وموضحة له، و من السنة المباركة ما قاله أهل بيت النبي ، وخزان علمه، وتراجمة وحيه، فإنهم السـراج المنير، وعيبة علم اللطيف الخبير. إذ أن السنة هي : قول المعصوم ، و فعله ، و تقريره .

كما و يذكر الشيخ جعفر السبحاني شروطاً للتفسير أوردها في كتابه (المناهج التفسيرية) نذكرها بإيجاز، ومن أراد الاستزادة فعليه مراجعة الكتاب المذكور، مضافاً إلى كتب العلماء الأعلام التي تناولت هذا الموضوع المهم . 

وهذه العلوم التي ذكرها الشيخ السبحاني هي:

«1ـ معرفة قواعد اللغة العربية.

2ـ معرفة معاني المفردات.

3ـ تفسير القرآن بالقرآن.

4 ـ الحفاظ على سياق الآيات.

5ـ الرجوع إلى الأحاديث الصحيحة وإجماع المسلمين.

6ـ معرفة أسباب النزول.

7 ـ الإحاطة بتاريخ صدر الإسلام.

8 ـ تمييز الآيات المكية عن المدنية.

9 ـ الوقوف على الآراء المطروحة حول الآية.

10 ـ الإجتناب عن التفسير بالرأي»( ). 

ولم يكتفِ سهيل قاشا بذلك ـ بأن أدلى بدلوه في بئر التفسير حسب تعبيره ـ بل الأدهى من ذلك حصـره لآراء المفسـرين بشخصين، فهو يقول: «إنها محاولة بسيطة ليس إلا، لتفسير ما عجز عن تفسيره (الجلالين) الذي دائماً يقول فيها: (الله أعلم بمراده بذلك)، وابن كثير، وغيرهما من حجة المفسرين وأعلامهم»( ).

فحجة المفسرين وأعلامهم في نظر سهيل قاشا هما فقط (الجلالين)( )، و(أبن كثير) وليس هنالك أحد فسـر أو عمل بالتفسير غير هؤلاء المفسرين، كما وإن تفسير (الجلالين)( ) ليس تفسير للقرآن، بل هو تفسير للمعاني فقط، أما وعلى وجه العموم فتفسير الجلالين، وتفسير أبن كثير هي تفاسير متأخرة كثيراً عن التفاسير التي سبقتهما، بل لا يكاد يكون رأيهما حجة في كثير من المواضع نظراً لما سبقهما به أئمة التفسير، وأساطين هذا العلم.

وما قوله هذا إلا تهميش لكل من سبق هذين التفسيرين، فهو قد أغفل تفاسير علماء مدرسة أهل البيت ، فضلاً عن تفاسير العامة في القرون الهجرية الأُول، كما وان الكل يعلم علم اليقين أن أساتذة صنعة التفسير الأوائل هم الشيعة من تلامذة مدرسة أهل البيت  ، وعنهم أخذ علماء أهل السنة الإجازة في التفسير، وباقي العلوم القرآنية( ).

ولو رجعنا إلى أساسيات مذهب أهل البيت  فإن عدل القرآن، وتراجمته، وعلماءه هم أهل البيت  بنص النبي الأكرم، تشهد على ذلك جميع كتب الحديث.

فقد قال رسول الله  في حديث الثقلين المروي عن الفريقين متواتراً: «إني مخلف فيكم الثقلين، كتاب الله، وعترتي أهل بيتي، ما إن تمسكتم بهما لن تضلوا بعدي أبداً»( ).




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=64800
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2015 / 07 / 25
  • تاريخ الطباعة : 2025 / 02 / 3