• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : مخاض المنبع والحاضن وربيبهما .
                          • الكاتب : علي علي .

مخاض المنبع والحاضن وربيبهما

  الحضن في اللغة هو منطقة الصدر والعَضُدان وما بينهما، ومنه الاحتضان، وهو احتمالك الشيء وجعله في حِضنك كما تحتضن المرأة ولدها فتحتمله في أَحد شِقَّيها، هذا ماتقوله معاجم اللغة العربية عن مفردة الحضن. وبهذا لايألو الحاضن جهدا في حماية المحضون بكل مايمتلكه من وسائل لضمان سلامته، والوسائل هذه تتعدد أشكالها وتتغير أوقات استخدامها من حالة الى إخرى. ونرى في عراقنا الحالي استخدامات مفردة الحضن والحاضن على قدم وساق، إذ مامن خبر أمني أو تقرير استخباري إلا وكانت الحواضن مادتها الأساسية، وقطعا هي أساسية في البلاء وليس في الهناء..!

  كما أن هناك مفردة شاع تداولها هي الأخرى، وباتت أشبه بـ "علج بوبي" إذ صار يمضغها كل العراقيين -مجبرين- صباح مساء.. قياما قعودا.. عن يمينهم وعن شمالهم وعلى جنوبهم.. ومن حيث يدرون ولايدرون، تلك هي مفردة؛ "المنبع"..! ولطول مدة تداولهما صار الاثنان توأمين، إذ لاغنى لأحدهما عن الآخر، وهما يصبان في منفعة نتاجهما "المحضون". فالأخير حتما كان قد ولد في رحم المنبع، وأخذ منه أشياء كثيرة بلورت كنهه ووجوده ونهجه وعيشه وهدفه، أما الحاضن فقد تولى أمر الحفاظ على هذه الحيثيات بكل ما أوتي من سبل وطرائق وأساليب. وبتعاون هذا مع ذاك صار المحضون ذا حظ وافر من الرعاية والاهتمام، وقطعا سيترعرع وينشأ النشأة الصحيحة وفق ما خطط لها، ويبلغ الهدف المنشود وفق مامرسوم له.

   في عراقنا الجديد.. يكثر استخدام عبارتي المنبع والحاضن عادة بعد هجومات يقوم بها (ربيبو) تلك الحاضنات، بأساليب تأخذ بعض الأحيان وجها جديدا، و (موضة) حديثة وفق صيحات لم تكن مطروقة من قبل، بحماية الحاضن وتخطيطه ودعمه وتمويله، وهي كذلك من بنات أفكار (المحضونين) بمباركة منابعهم طبعا. وبمراجعة سريعة ودراسة سطحية لأحداث العنف والتفجيرات التي حدثت في مدن العراق، نجد ان كثيرا منها حدث بإحاطة تامة من حواضن تتمثل بشخوص لهم باع كبير في الدولة والحكومة، او على أقل تقدير لهم اتصال بشكل او بآخر بهما، وقطعا هم الوحيدون الذين يملكون المال والجاه والسلطة –أي القدرة والقوة والحصانة- للقيام بأفعال كهذه، وتغطيتها ومواراتها عن الأنظار، وإبعاد أصابع الاتهام عنها. إذ من غير المعقول ان يكون المحضون منفردا بنشاطاته وفعالياته، مالم تكن هناك (أمهات حاضنات) -إن صحت التسمية- تقف خلف ظهره، من دون نسيان دور المنبع الذي يوفر له الدعم والإسناد والتأييد، ويتكفل بتهيئة الاستعدادات المادية والبشرية المطلوبة في التخطيط والتمويل والتنفيذ، فالحبل السري بين المنبع والمحضون لاينبغي له أن ينقطع، وهنا يبرز دور الحاضن في الحفاظ على هذه الصلة. وهذا ماتكشفه التحقيقات التي تجري مع المتورطين بعمليات إرهابية، كان قد تم القبض عليهم ولكن.. بعد (خراب البصرة)..! والغريب في الأمر.. أنهم يُعرَضون أمام الملأ في وسائل الإعلام على اختلاف مصادرها، ولطالما تمت الإشارة الى أسماء الشخصيات والجهات التي لها يد في العملية الإرهابية، بشكل مباشر او غير مباشر، من دون أن يستشف المواطن من الجهات المعنية إي إجراء ملموس بحق تلك الجهات او الشخصيات، يدل على الحرص الصادق في إحلال الأمن والأمان كما يدعي القادة والساسة في كل محفل. 

  وهل هم جادون وعاملون بصدق ومهنية وحيادية من دون محسوبية او (محاباة) في البحث عن هذه المنابع والحواضن من دون خوف من نائب او كتلة او حزب او شخصية متنفذة؟ وهل تتقصى أجهزتهم بكل ما لديها من معلومات استخبارية وأمنية، عن كل ما من شأنه تسهيل مهمة القبض على من له يد من قريب او بعيد في عمليات العنف، بغية الوصول الى الجناة الحقيقيين والـ (صماخات) الكبيرة، للحيلولة دون استمرار الإرهاب، ويتم بهذا تجفيف المنبع.. وقبر الحاضن.. ووأد المحضون في آن معا.

aliali6212g@gmil.com




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=64850
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2015 / 07 / 26
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 04 / 20